رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

امتلاءات تحاصرنى وفى قلبى خواء


صحوت من أرق الليل.. أبحث عن غرفة هادئة
وجرائد تخاطب مشاعرى.. وموسيقى تداعب ذكرياتى
وخطابات لم أفتحها.. ومكالمات لم أرد عليها
وأوراق تنادى أصابعى.. وقهوة تعدل مزاجى
لم أجد شيئًا من هذه الأشياء.. فعدت الى أرق الليل

أنا لا أكتب.. حتى يرضى عنى الحكام والنقاد والرجال
أكتب.. لأكتشف ذاتى
أسافر إلى الأسئلة المحرمة.. أنشئ مدينتى العادلة.. وأهزم المحال

وأنا فى كامل قواى العقلية.. وباختيارى دون غصب أو إيحاء
أقر وأعترف.. بهزيمتى أمام الحياة
حاولت سنوات قدر طاقتى واستطاعتى.. لكننى كنت دائمًا الطرف الأضعف
الذى يناطح وحده طواحين الهواء.. لا مهرب من حكم القدر
جربت جميع الطرق والحيل والأشياء.. كلها ترجعنى إلى حيث بدأت
لأكون عظة وعبرة للبشر.. وها أنا
بكامل قواى العقلية.. أتقدم إلى ساحة الاعتراف
وباختيارى دون إجبار أو إيحاء.. وشرف المحاولة لا يشفع لى
وإلى السماء أرفع «راضية».. «الراية البيضاء»
الاعتراف بالهزيمة «فضيلة».. الاعتراف بالهزيمة «انتصار»

قراءة أوراق الشجر.. أهم عندى من
قراءة أوراق الكتب.. فما يقوله كتاب فى مائة صفحة.. تقوله ورقة شجر واحدة

يرتدون اللون الأسود.. فى الأيام الحزينة
ويقولون إنهم ضد التفرقة العنصرية!

تتأنق.. تتجمل.. تتعطر.. لإرضاء الرجل الذى يرميها بالحجارة
ثم تتكلم عن أهمية التمرد.. وتطالب النساء بتغيير الحضارة

كيف أحسب العمر المسافر ورائى؟.. منذ بلوغى الدورة الشهرية
أو منذ بلوغى الشهادة الثانوية.. منذ بلوغى السن القانونية لقيادة السيارة
أو قيادة قلبى أو قيادة أحلامى.. أو قيادة قصائدى
كيف أحسب العمر المحسوب على أيامى؟.. منذ قطعوا الحبل السُرى
بينى وبين أمى.. منذ وصمونى بأننى قصيرة الأظافر
وطويلة القامة.. أو منذ أدركت الحد الفاصل.. بين لقمة العيش ولقمة الكرامة

لا وطن لى.. إلا جسدى الذى يلبسنى
والألم الساكن طرقات قلبى.. والشِعر الذى أكتبه ويكتبنى

محفظتى ممتلئة بالفلوس.. ثلاجتى ممتلئة بالطعام
سيارتى ممتلئة بالبنزين.. مكتبتى ممتلئة بالكتب
الفنجان ممتلئ بالقهوة.. الكوب ممتلئ بالماء
امتلاءات تحاصرنى.. لكن فى قلبى خواء

بالطبع ويقينًا راسخًا.. أن بعد فناء الدنيا هناك آخرة
وبعد رقدة الممات هناك قيامة.. وبعد رميم العظام هناك بعث.. وإلا أين وكيف سألقاك مرة أخرى؟

النساء يبحثن عن شريك الحياة.. وأنا أبحث عن شريك الموت.