رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النبي المصري.. الآلاف يحتفلون بـ«مولد الرسول» في الحسين والأزهر

جريدة الدستور

يحتفل ملايين المسلمين حول العالم، الثلاثاء، بمولد «نبى الإنسانية»، محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أن الاحتفال به فى مصر، خاصة بميدان الإمام الحسين وشارع الأزهر، يأخذ شكلا آخر، إذ من المنتظر مشاركة أكثر من مليون مريد ينتمون إلى نحو ٨٠ طريقة صوفية.
لذا أعلنت الطرق الصوفية حالة الطوارئ لهذه المناسبة، التى يتجهز الصوفيون لها كل عام، ويعدون لها العدة قبل موعدها بأسابيع، ويعتبرونها «سنة مؤكدة» واجبًا إحياءها، ورغم تحريم السلفيين والتيارات المتشددة للاحتفال، إلا أن الصوفيين لا يلقون بالًا بتلك الدعاوى، وينظرون إليها باعتبارها «تفاهات» لن تخرجهم من عيدهم وفرحهم.


مليون مريد من ٨٠ طريقة فى «موكب الجعفرى».. وفتح ساحات المحافظات

قال الشيخ مصطفى الهاشمى، شيخ الطريقة الهاشمية، إن الطرق الصوفية ستحشد أكثر من مليون مريد، فى احتفالات المولد النبوى هذا العام، معتبرا أن الاحتفال بمولد النبى عيد مقدس عند سائر المسلمين وليس الصوفية فقط، لذا يتم الحشد فى هذا اليوم.
وأضاف «الهاشمى»: «يصل عدد المشاركين من الصوفية وغيرهم إلى مليون مريد، وذلك خلال الموكب الصوفى السنوى من ساحة جمع الجموع بجوار مسجد صالح الجعفرى إلى مسجد الإمام الحسين وشارع الأزهر».
وأوضح أن أتباع كل طريقة صوفية، يرددون الأوراد الخاصة بطريقتهم، خلال الموكب الصوفى النهارى الذى يعج بالآلاف من المريدين وأحباب النبى، كما يرفع مريدو الطرق البيارق والأعلام الخاصة بكل طريقة، خاصة أن جميع الطرق الصوفية تشارك فى هذا اليوم، الذى يعد ملتقى لمريدى التصوف من كافة أنحاء مصر وخارجها أيضًا.
وكذلك يقف شيخ مشايخ الصوفية، وأعضاء المجلس الصوفى الأعلى، لاستقبال الطرق المشاركة فى الاحتفالات، حيث يحيى مريدو الطرق شيوخهم، قبل الجلوس فى ساحة الإمام الحسين، وتأدية طقوس «الحضرة الصوفية»، وقراءة الأوراد، ثم المشاركة فى الاحتفال الذى ينظم داخل مسجد الإمام الحسين.
وقال الشيخ نضال المغازى، شيخ الطريقة المغازية، إن الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، له طابع خاص عند المتصوفة فى مصر، حيث تشارك هذا العام ٨٠ طريقة، أبرزها «الرفاعية والدسوقية والجازولية والجعفرية والصديقية الشاذلية والتيجانية والنقشبندية والعزمية والقصبية والشبراوية»، وبعض المتصوفة الآخرين غير التابعين لطرق صوفية بعينها.
وأوضح «المغازى» أن الطرق الصوفية، ستنزل إلى الميادين بكامل صفوفها، لتأكيد قوة الشارع الصوفى، خاصة بعد ابتعاد الصوفية عن المشهد خلال الفترة الماضية، وظهور التيارات الإسلامية على الساحة.
فى السياق، أطلقت الطرق الصوفية، عدة حملات دينية لتأكيد محبتها للنبى، كان أولاها «محمد رسول الإنسانية» و«يا رسول الله ميلادك عيدى» بالتزامن مع احتفالات المولد النبوى الشريف، وشارك قرابة الـ٢ مليون مريد فى هذه الحملات، عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
فيما كشفت مصادر عن أن شيوخ الطرق الصوفية، سيجددون البيعة للرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الاحتفال بالمولد النبوى، وهى عادة تفعلها الطرق فى ذكرى المولد، طبقا لنظام داخلى، يسمى البيعة وطاعة ولى الأمر.
كما تستعد الطرق الصوفية لفتح مقارها بجميع المحافظات، وساحات مساجد آل البيت، وساحات مساجد أقطاب الصوفية، على مستوى الجمهورية، مثل ساحة سيدى عبدالرحيم القنائى بمحافظة قنا، وساحة سيدى العارف بالله فى سوهاج، وساحة أبى الحسن الشاذلى بالبحر الأحمر، وساحة السيد البدوى بطنطا، وساحة إبراهيم الدسوقى بدسوق، وغيرها من المساجد التى بها أضرحة ومقامات لكبار مشايخ السادة الصوفية.
وكشفت مصادر بالمجلس الصوفى الأعلى، عن تنسيق بين الأجهزة الأمنية والمشيخة العامة للطرق الصوفية، من أجل تأمين المريدين المشاركين فى الاحتفالات، من خلال خطة أمنية محكمة، تهدف إلى إفشال أى عمليات تخريبية أو إرهابية من شأنها إفساد الاحتفالات.
وقال الشيخ محمد على عاشور، شيخ الطريقة البرهامية، إن شباب الطرق الصوفية، سيشاركون فى تأمين الاحتفال بمولد النبى، وذلك من خلال مساعدة رجال الشرطة والأجهزة الأمنية فى فرض النظام، على ساحة الاحتفالات فى منطقة الحسين، مشيرا إلى أن أحدًا من السلفية أو جماعات التكفير، لن يستطيع منع الاحتفالات التى تقيمها الصوفية والشعب المصرى منذ مئات السنين، مشددًا على أنه لن يستطيع أحدٌ محوها أو تخريبها أو إشاعة الفوضى فيها، وهو ما أكدته مصادر بوزارة الداخلية لـ«الدستور». وأضاف «عاشور» أن احتفالات الصوفية هذا العام تختلف عن الأعوام السابقة، حيث سيشارك الصوفية، من دول العالم الاسلامى، مثل: ماليزيا، إندونيسيا، باكستان، الشيشان، المغرب، الجزائر، وتونس، فى هذه الاحتفالات، التى ستنطلق من أمام مسجد صالح الجعفرى بالدراسة، إلى مسجد الإمام الحسين، فى مسيرة مليونية. وقال الشيخ سيد مندور، نائب الطريقة السمانية الصوفية، إن الاحتفال بالمولد النبوى عادة إسلامية، وليست صوفية فقط، وذلك من خلال قراءة الأذكار الصوفية، ونحر الذبائح عند مساجد آل البيت، وإقامة حلقات الذكر الصوفية، التى يأتى إليها كبار المنشدين الصوفيين، أمثال الشيخ ياسين التهامى، والشيخ أمين الدشناوى، وفرقة الإنشاد الصوفية العالمية «الإخوة أبوشعر»، وغيرهم ممن يمدحون فى مولد خير البرية، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم).

«الإفتاء» وشيوخ الأزهر يردون على دعاوى التحريم: الاحتفال تعظيم لـ«محمد».. وتحريمه «جريمة»

لم تقف المؤسسات الدينية عاجزة أمام الهجوم السلفى وتحريمه احتفال المسلمين بالمولد النبوى الشريف، وأكدت دار الإفتاء فى فتوى لها «مشروعية الاحتفال من خلال النصوص الشرعية المختلفة، واستنادًا إلى إجماع الأمة منذ القرون الأولى لها، وإلى فعل النبى نفسه»، مضيفة أن «الاحتفال ليس بارتكاب المعاصى، كما يزعم هؤلاء، بل هو تذكير واقتداء بالسيرة العطرة للنبى».
وقال الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، إن «الاحتفال بالمولد النبوى أمر مستحب ومشروع، كونه شاهدًا على حب وتعظيم النبى والرسول الخاتم، وله أصل فى الكتاب والسُنة، وما درج عليه المسلمون عبر العصور، واتفق علماء الأمة على استحسانه، ولم ينكره أحد يعتد به».
وأضاف «علام» فى فتواه، أن الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، ما هو إلا تعظيم واحتفاء وفرح بالحبيب المصطفى، وهو من الأمور المقطوع بمشروعيتها، لأنه عنوان محبته التى هى ركن الإيمان، موضحًا أن المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوى يقصد به تجمع الناس على الذكر، والإنشاد فى مدحه والثناء عليه وإطعام الطعام صدقة لله، والصيام والقيام؛ إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله، وإعلانًا للفرح بيوم مجيئه الكريم إلى الدنيا.
واستندت الفتوى الرسمية، على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوى الشريف بالكتاب والسُنة، واتفاق علماء الأمة، إلى قوله تعالى (وذَكرهم بأيام الله)، لافتة إلى أن تلك الأيام تشمل «أيام نصره لأنبيائه وأوليائه، وأيام مواليدهم، وأعظمها قدرًا مولد الحبيب المصطفى والنبى المجتبى»، وقوله تعالى أيضًا: (قل بفضل اللَه وبرحمته فبذلك فليفرحوا)؛ مشيرة إلى أن النبى هو الرحمةُ العظمى إلى الخلق كلهم.
واعتبر علماء وشيوخ الصوفية، أن فتاوى شخصيات ورموز الدعوة السلفية، المحرمة للاحتفال بميلاد النبى، «جريمة تستوجب عقابًا قانونيًا من الدولة»، لما فيها من محاولة لشق الصف الإسلامى، وقال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، رئيس اللجنة العلمية بالطرق الصوفية، إن الاحتفال بالمولد النبوى ليس بدعة، وأنه (صلى الله عليه وسلم) كان فى طليعة المحتفلين، حينما سئل عن صيامه يوم الإثنين، أجاب بأنه يوم ولد فيه، فكيف بنا نتجاهل ونغفل يوم مولده الشريف.
وحول المحرمات والنواهى التى قد تقع من البعض فى ذلك اليوم، قال «هاشم»: «نحن نتدارس السيرة النبوية، ونتلو القرآن، ونشرح الأخلاق النبوية المشرفة، وكل هذا ليس فيه شىء محرم»؛ مشددًا على أن الاحتفال الذى تقيمه الطرق الصوفية، وما عليه المسلمون، يقوم على العبادة والطاعة ومجالس الذكر، وليس كما يروج هؤلاء بأنه مخالفة ومعصية».
وقال الدكتور علاء أبوالعزائم، عضو المجلس الصوفى الأعلى رئيس الاتحاد العالمى للصوفية، إن الاتحاد بدأ مبكرًا، من خلال إقامة عشرات الاحتفالات التى يأتى إليها مريدو الصوفية وغيرهم، من كل حدبٍ وصوب، للمشاركة فيها، وذلك فى عدد كبير من محافظات الجمهورية، على رأسها: سوهاج، قنا، أسوان، الإسماعيلية، الإسكندرية، مرسى مطروح، السويس، العريش، المنوفية، الغربية، الشرقية وغيرها من المحافظات.
وأضاف «أبوالعزائم»، أن احتفال الصوفية بالمولد النبوى يأتى فى إطار إحياء ذكرى رسول الله فى الأمة المحمدية، حتى لا تندثر ذكراه أبدًا، وهذا يجعل الأجيال تعرف من هو رسول الله، وهو ما يعود بالخير على الأمة الإسلامية، وخاصة الشباب، والأطفال الذين لا يعرفون عن النبى صلوات الله عليه، إلا القليل، وعلى ذلك فالاتحاد سيعقد طيلة أيام الاحتفال بالمولد النبوى، سلسلة ندوات تعريفية تحت عنوان: «محمد رسول الله إلى البشرية جمعاء»، وذلك بهدف تسليط الضوء على مولد النبى وأخلاقه، وكيف كانت معاملاته للناس.