رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد 105 سنوات.. أقدم مطبعة للجالية الأرمينية بمصر تشهد نهايتها

جريدة الدستور

بمجرد أن تطأ قدمك شارع زكريا أحمد بوسط البلد، تجذبك لافتة مطبعة "فوسجيدار" والتي تبدو من تصميمها أنها ليست حديثة، ويؤكد ذلك الأتربة المتراكمة عليها رغم أن المكان مغلق، إلا أن اللافتة تشير إلى أن هذا المكان قديم جدا، حيث أن عمرها يتخطى الـ105 سنوات، فهي مطبعة الجالية الأرمينية في مصر، أنشأها أحد الخواجات الأرمن الذين كانوا يعيشون في مصر أثناء الحرب العالمية الأولي، بهدف خدمة الجالية الأرمينية من طبع جريدة بلغتهم والرسائل والدعوات والإعلانات.

ظلت تتوارث المطبعة من جيل إلى جيل حتى وصلت إلى "جاسيا" مديرتها ومالكتها الحالية التي أكملت مسيرتها فلديها معها ذكريات كثيرة، واحتفظت بكل تفاصيلها، يعتبر المكان متحف يحفظ تاريخها وتاريخ عائلتها في هذا المجال الذي عاشوا وماتوا عليه، لكن ورغم كل ذلك أصبح الحلم مستحيل، والواقع أودى بكل ذلك واستقر الأمر على تصفية ما بها وبيعها وإغلاقها بعد ما تجتاز عمرها القرن.

بنظرة يملؤها الحسرة يقف صاحب محل البقالة الملاصقة للمطبعة، ويتذكر أيام عزها ولم يصدق أن نهايتها قد رأتها عينه حيث عبر قائلا: "أن القائمين عليها قرروا التصفية منذ أكثر من 3 شهور وقاموا بالفعل بنقل كافة المعدات والأمتعة وتم غلقها تماما من أكثر من أسبوع، وذلك لأسباب عدة أولها أن توريث المكان أصبح غير ساري إلا لولاية واحدة فقط، بعدها لا يحصل على تراخيص، وهو ما يقف عائقا أمام استكمال مسيرة وتاريخ المحل الموروث أبا عن جد للأحفاد، والسبب الأخر يرجع لغلاء الخامات والإيجارات، كل هذه الأسباب كفيلة أن توقف مسيرة هذا المكان، وهو ما جعله هو الأخر يفكر في تصفيه بضاعته من محله لهذا السبب أيضا رغم أنه يرث هذه البقالة من أبيه وجده.

ومن جانبه يسترجع رمضان أحد سكان المنطقة، ذكرياته مع المكان الذي وصفه بكونه من معالم المنطقة ووصف المعاملة مع أصحاب المكان باللطيفة، فاعتاد دائما على إلقاء الصباح على عمال ومديرة المطبعة المدام جاسيا، التي كانت تحضر دائما في تمام العاشرة صباحا وتغادر الثانية بعد الظهر، إلا أنه منذ أغسطس الماضي لاحظ حركة غير طبيعية داخل المكان، وبالتقصي حول ما يدور، علم من العاملين بالمكان أن المطبعة ستغلق في غضون أسابيع بسبب انتهاء التراخيص وصعوبة استصدارها، فلم يكن هناك حل سوى غلق المطبعة وبيعها، وهو ما تم.