رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسالة إلى الرئيس


إلغاء المادة الثانية من الدستور وخانة الديانة من أوراق المواطنين أصبحا شيئًا ضروريًا بل ملحًا ولا بديل عنه ولا خيارات

قال الرئيس نصًا فى ختام فعاليات منتدى شباب العالم «من حق المواطن أن يعبد ما يشاء أو لا يعبد».
وأطلق مصطلح «المواطنين» على مسيحيى البلاد، ولم يقل عنهم- كما يروّج السلفيون ومن على شاكلة عبدالله رشدى وغيره- «ذميين»، فمصطلح «أهل الذمة» بات مغرضًا مثيرًا للجدل، ويستثير حفيظة الجميع بلا جدوى، أو طائل، فمثل تلك التسميات والمصطلحات عفى عليها الدهر، ولم تعد تصلح لزماننا، ولا تناسب أمتنا المصرية الضاربة بجذورها فى أعماق الحضارة والتمدين، وهذا ما يدركه الرئيس جيدًا.. لذلك ساوى بين الجميع فى المعتقد والاختيار وفى بناء دور العبادة.
لم يَخف الرئيس ولم يُقصّر، ولكن عليه استكمال المسير واتخاذ خطوات فعلية على الأرض فى طريق الإصلاح الدينى والمجتمعى.
قطار الأمة المصرية يسير للأمام، ولا يمكن أن يتقهقر ويعود للخلف، إصلاح المنظومة الثقافية والتعليمية ورفع التمييز عن فئات المجتمع الفاعلة التى يتم التربص بها بات ضروريًا وملحًا.
لن تركع مصر، ولن تكون عُرضة للابتزاز، أو الإرهاب باسم الدين والإله، وقانون ازدراء الأديان وغيره من القوانين سيئة السمعة.
الأمور ستسير فى أعنتها وإن كره مصر الكارهون.. يجب أن تُحجّم أيادى هؤلاء كى لا تنال مصر وأهلها بسوء، مصر دفعت أثمانًا باهظة بالفعل فلنكمل المسير، فمجانية، بل كلفة استمراء عدم الحسم باهظة التكاليف.. بل ولن تستطيع مصر سدادها، فسيدة الغناء العربى تقول «كان نهار الدنيا ما طلعشى وهنا عز النهار».
الإسلام السياسى حجّم وقزّم البلاد والعباد وسجنهم داخل تأويله المغرض للنص الدينى، وأقحم الدين فى السياسة ويريد القضاء على قوة مصر الناعمة وريادتها ويمحو تاريخها التنويرى الحضارى الضارب فى أعماق ذلك الكوكب المترامى.
نحتاج فى بلادنا لقرار سيادى يصدره الرئيس.. قرار بل حزمة قرارات تصب جميعها لصالح الدولة والمواطنين على المديين القريب والبعيد.
قرارات حازمة حاسمة لا بد منها لإنقاذ البلاد من مغبة وشرور الإسلام السياسى وتأويله للنص الدينى بل واحتكاره للنص!! كى لا يلوح شبح ذلك الغول، وكى لا يطل علينا بين الحين والآخر.. فلا يجب أن يكون لذلك الغول أى أفق محتمل قريبًا كان أو بعيدًا.
إلغاء المادة الثانية من الدستور، وعلمنة الدولة المصرية، أصبحا شيئًا ضروريًا بل ملحًا ولا بديل عنه ولا خيارات.. إلغاء خانة الديانة من أوراق المواطنين الثبوتية والمساواة بين الرجل والمرأة فى الإرث وإقرار الزواج المدنى والطلاق عند المسيحيين ومقاومة العنصرية أينما وجدت أو حلت ووقف جلسات الصلح العرفية ليسود القانون ومنظومة الردع والثواب والعقاب.
قانون موحد لبناء دور العبادة وعدم التفرقة بين مواطن وآخر، أو معتقد وآخر، فالاعتقاد فى ذاته اعتقاد، فلنحترم إذن كل المعتقدات.. وليكون مقياس التفاضل الأوحد فى البلاد هو صحيفة المواطن الجنائية.. فالمواطن الصالح هو من يلتزم بسيادة القانون ولا شىء سوى القانون.
هكذا تُدار الأمم وتنجو الأوطان وتتقدم الشعوب وتلحق بالركب الحضارى المتمدين ضد أى رياح صحراوية أو داعشية عاتية تُدمّر الأخضر واليابس على حد سواء.
السعودية تستفيق من غفوتها، وتونس تصعد وتلتحم وتلحق بالركب وتصدر كل يوم قرارًا سياديًا جديدًا يضيف لرصيدها الحضارى التنويرى.. فى حين نقف نحن هنا مكتوفى الأيدى.. فأيادينا ليست مغلولة، ورئيس البلاد والعباد بدأ خطوات ثابتة راسخة يجب أن تستمر، ويجب أن تمضى عجلة التنمية قدمًا وإلى الأمام.. فالتقهقر رفاهية لا نملك دفع كلفتها الباهظة.
لقد بدأ الرئيس فى المطالبة بمنظومة إصلاح للفكر والخطاب الدينى والثقافى والإعلامى بل منظومة التعليم.. صرح وطالب بذلك منذ أعوام، وعاد وصرح بذلك فى مؤتمر الشباب الأخير.. لكن ولكى يحدث كل ذلك، ويتحقق بالفعل وينجح ونجد له مردودًا فى الواقع وعلى الأرض، ويشعر به المواطن لا بد من حزمة قرارات جريئة سيادية لا تخاف لومة اللئام. فأمتنا المصرية ليست ولن تكون عرضة للابتزاز أو الترهيب.
يا رئيس البلاد والعباد، تصويب الفكر الدينى أولًا أصبح أمرًا ضروريًا وملحًا كى يُصوّب الخطاب الدينى، ويُحجم أهل الشر وذوى المآرب المغرضين المتمسحين بالإله ودينه والفضائل، وهم يمارسون القتل والرذائل!! لا بد من الوقوف بالمرصاد وبسلطة القانون والتشريعات لكل هؤلاء كى تعود لمصر بوصلتها.
سيدى الرئيس
أنت تستطيع
ومصر تستطيع
مصر تستحق وشعبها يتوق.