رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكابتن.. حكايات إبراهيم عبدالمجيد مع الكرة: القراءة منعتني من الاحتراف

جريدة الدستور

- ظهرى ما زال يؤلمنى من «باك ورد» قديمة على الأسفلت
- أحببت الإسماعيلى والاتحاد دون تعصب وعشقت صالح سليم والفناجيلى وحمادة إمام


مثل أى كاتب، كانت لإبراهيم عبدالمجيد حكايات فى طفولته أثرت فيه وخلقت لديه ذلك الميل للكتابة، وهذا ليس غريبًا مع رجل ولد وعاش طويلًا فى الإسكندرية، «مدينة العالم» كما يسميها. ووسط السينمات العريقة وشواطئ الصيد وملاعب الكرة استمد الكثير من رواياته وعالمه شديد الخصوصية. وبالرغم من كتابة الكثيرين عن الإسكندرية مثل محمد حافظ رجب ومصطفى نصر وإبراهيم عبدالمجيد، وتعرضهم لنفس الظروف والنشأة، لكن يبقى لـ«عبدالمجيد» عالمه وزاوية رؤيته، وطريقته التى لا يشاركه فيها أحد. «الدستور» التقت صاحب «ثلاثية الإسكندرية» فى حوار تحدث فيه عن جوانب مختلفة فى شخصياته، تبتعد قليلًا عن عالمه الروائى وتقترب أكثر من الكرة والحب.

■ ما الكتب التى أثرت فى إبراهيم عبدالمجيد وخلقت لديه ذلك الميل للكتابة؟
- طبعًا هناك كتب كثيرة. فى المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية على أيامنا فى الخمسينيات والستينيات، كنا نتلقى حصتين فى الأسبوع للمطالعة الحرة. يعنى الفصل يروح المكتبة ساعتين تقريبًا مرة كل أسبوع، ونقعد نقرأ وفى آخر نص ساعة نحكى لبعضنا البعض ما قرأناه.
كان فيه قصة أطفال اسمها «الصياد التائه» للكاتب الكبير المرحوم محمد سعيد العريان، عندما قرأتها رحت أبكى لأن الصياد تاه فى الصحراء ولم يجدوه، فسألنى المدرس «بتبكى ليه؟» قلت: «الصياد ضاع وممكن ميرجعش»، ضحك وقال: «دى قصة مش حقيقة يا إبراهيم. يعنى تأليف».
أحببت التأليف واندفعت فى قراءة الأدب، فانتقلت إلى كامل كيلانى ونجيب محفوظ ومحمود تيمور وهكذا. وكتبت أول قصة وأنا عندى حوالى ١٥ سنة، وشعرت بمتعة فى الكتابة مثل متعة القراءة واستمررت.
■ من تشجع من أندية كرة القدم.. وهل أنت متعصب فى التشجيع؟
- كنت لاعبًا للكرة فى نادى «كرموز»، وقتها كانت الشوارع تخلو تمامًا من المارة بالليل، وكنا نلعب مباريات بين الأحياء فى منطقة الساعة. كانت الكرة الشراب طبعًا، وكنت أحب مشاهدة المباريات.
تستطيع أن تقول إننى كنت مدمنًا لمشاهدة المباريات، أحببت أسماء كبيرة مثل صالح سليم ورفعت الفناجيلى وحمادة إمام، والعربى من الإسماعيلى وأبوجريشة ومصطفى رياض والشاذلى من الترسانة، وطبعًا لَعيبة الاتحاد السكندرى والأوليمبى وقتها.
لكننى لم أكن أهلاويًا أو زملكاويًا، بالعكس كنت أشجع أى نادٍ يلعب ضدهما وأرى أنهما ظالمان للأندية الأخرى، لكننى أحببت نادى الإسماعيلى جدًا ومن بعده الاتحاد السكندرى، ولم أكن متعصبًا لنادٍ معين، وللأسف قل اهتمامى بالكرة مع الزمن.
■ فى أى مركز كنت تلعب؟ ولماذا لم تفكر فى احتراف الكرة؟
- كنت ألعب قديمًا فى مركز المهاجم، وبسبب الأرضية الأسفلتية، لا يزال هناك تعب فى ظهرى، لأننى دائمًا ما كنت أؤدى حركة الـ«باك ورد» أو الركلة الخلفية المزدوجة، كان هذا فى ميدان الساعة بحى كرموز، الذى أصبح مزدحمًا بشدة الآن وتخصص فى بيع الملابس.
وبسبب القراءة لم أفكر فى احتراف الكرة، ثم بعدها انتقلنا للعب فى المدرسة، وقتها لم نكن نحتاج إلى المذاكرة، لأننا نعرف كل شىء من المدرس فى المدرسة، كنا نتعلم من الشرح.
■ الكثير من الأدباء يلتزمون بطقوس صارمة فى الإبداع.. هل أنت من هؤلاء؟
- طوال عمرى أحب الكتابة بالليل، أنا أحب السهر، ومع الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية من الراديو المفتوح على البرنامج الموسيقى. الآن اختلف الوضع بسبب التقدم فى العمر. أحيانًا أكتب أو أراجع ما كتبته بالنهار. أيضًا لا أكتب فى الصيف وهذه عادة سكندرية، لأن الصيف فى الإسكندرية حر ورطوبة والأحسن أن نكون خارج البيت، وحتى الآن تقريبًا لا أكتب فى الصيف، وإن كان بدرجة أقل لنفس السبب السابق وهو التقدم فى العمر.
■ ماذا عن عاداتك الحياتية أثناء أو بعيدًا عن الكتابة؟
- أثناء الكتابة ليست لى طقوس أكثر من فنجان قهوة أو كوب شاى، وللأسف التدخين بشراهة. ولأنى أكتب بالليل فالأكل طبعًا لا يكون أكثر من ساندوتش آكله قطعة بعد قطعة فى استراحة بين الكتابة والقراءة. لا آكل كثيرًا بعد العشاء، وممكن أى فاكهة مرة أو مرتين حتى الصباح.
أما الأكل فى اليوم العادى، فلا أحب شيئًا قدر محبتى للسمك طبعًا، كما أنه من الممكن أن تضيف المكرونة بكل أشكالها. كنت قديمًا أحب الكشرى الاسكندرانى، لكن منذ وفدت للقاهرة نسيته مع الزمن، لأنى لا أحب كشرى القاهرة. من الخضروات أحب القلقاس والملوخية والمسقعة والبطاطس والبامية طبعًا، لكن كل هذا فى الغداء وليس أثناء الكتابة.
■ هل هناك قصة حب فى حياة إبراهيم عبدالمجيد؟
- طبعًا هناك أكثر من قصة حب، وكلها تقريبًا ظهرت فى أعمالى، لكن التفاصيل الآن لا معنى لها.
■ خرجت من الإسكندرية وفى داخلك حنين إليها.. كيف ظهر ذلك فى أعمالك؟
- كل ما يعيشه الإنسان فى طفولته وصباه يظل معه طوال العمر، فضلًا عن أن الإسكندرية كانت يومًا ما «مدينة العالم»، وهذا كان إحساسى بها وقراءتى عنها. سينمات الإسكندرية مثلًا كتبت عنها كتاب «أنا والسينما». شوارع الإسكندرية وأحياؤها وتاريخها قدمت عنها «الثلاثية». المدينة وهوامشها أيضًا زمان تجدها فى روايات «الصياد واليمام» و«ليلة العشق والدم» و«بيت الياسمين».