رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعديلات "الثروة المعدنية" تثير غضب الخبراء والمسئولين بالهيئة

الدكتور مصطفى مدبولى،
الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء

واجهت التعديلات الأخيرة لقانون الثروة المعدنية، التى أقرها مجلس الوزراء، أمس الأربعاء، ردود أفعال غاضبة من خبراء التعدين والمسئولين والعاملين بهيئة الثروة المعدنية.

وطالبوا الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب، بسرعة إيقاف تعديلات قانون الثروة المعدنية، وفصل الهيئة عن الوزارة حفاظًا على ثروات الدولة من الضياع.

ووصفوا وزارة البترول بأنها لا تفقه شيئًا عن الثروات التعدينية فى مصر، وأنها ترغب فى السيطرة على المقدرات المالية لها من هذه الثروات دون أى معرفة، بمعنى أن الوزارة تريد أن تحصل على أموال الثروات التعدينية وتسحب جميع اختصاصات الهيئة.

وكشف أحد قيادات البترول عن أن الوزارة بدأت بالفعل فى تنفيذ برنامج تطوير وتحديث الثروة المعدنية بالتعاون مع كبريات الشركات العالمية المتخصصة فى إعادة هيكلة القطاع حفاظًا على مقدرات وثروات مصر التعدينية وجذب الاستثمارات الأجنبية، ولن تتراجع عن التطوير والتحديث.

وكان مجلس الوزراء وافق أمس على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الثروة المعدنية 198 لسنة 2014، والذي يأتي في إطار سعي الدولة المصرية لتحقيق خطط التنمية وملاحقة التطورات العالمية في مجال التعدين، وإعادة هيكلة وتطوير قطاع الثروة المعدنية.

وتتركز أهداف القانون في الاستغلال الأمثل للثروة المعدنية، وزيادة تفعيل البحث العلمي في مجالات الكشف والتنقيب الجيولوجي والتعديني، وتوفير احتياجات البلاد من خامات المناجم والمحاجر والملاحات، وإقامة مشروعات صناعية على خامات المناجم والمحاجر والملاحات لتحقيق الاستغلال الأمثل لتلك الثروات وتعظيم القيمة المضافة منها، وكذلك إنشاء مشروعات ومناطق صناعية قائمة على الثروات المعدنية، من أجل زيادة جذب الاستثمارات العالمية والمحلية، وزيادة مساهمة قطاع الثروة المعدنية في الاقتصاد القومي وتعظيم العائد للدولة.

وأكدت التعديلات اختصاص الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية بعمليات البحث عن المناجم، وكذلك حقها فى الإشراف الفنى على عمليات استغلال المناجم والمحاجر والملاحات.

وقال العاملون بهيئة الثروة المعدنية، إن وزارة البترول غير مؤهلة للعمل بالنواحى الفنية التى تعاملت معها الهيئة على مدار 120 سنة، ما سيؤدى إلى انهيار عمليات البحث والتقييم والدراسات الخاصة بالخامات، كما أنه سيخلق وضعا جديدا يصعب من الحصول على الاتفاقيات والتراخيص من جهات متعددة، وذلك بسبب أن الاتفاقيات التعدينية تختلف اختلافا واضحا عن الاتفاقيات الخاصة بالغاز والبترول من حيث الاستثمارات والمخاطرة وإنشاء كيان مواز للهيئة من الصعب إحكام الرقابة والمتابعة الفنية والمالية لافتقاده الخبرة اللازمة.

من جانبه، قال الدكتور أشرف حسين، مدير الاستكشاف بهيئة الثروة المعدنية لـ"الدستور"، إنه لا بد من فصل هيئة الثروة المعدنية عن وزارة البترول، وإنه من الطبيعى وجود تعديلات فى القانون كل 5 أو 10 سنوات، لأن القانون الأسبق تم إقراره عام 56 وتم تغييره فى عام 2014، وهذه فترة كبيرة جدًا على تغيير القانون، لأن قانون الثروة المعدنية يجب أن يتوافق على التطور العلمى والتكنولوجى، ولذلك لا يوجد أى مشكلات فى تغيير القانون الحالى 2014، ولكن لا يجب سحب اختصاصات الهيئة الوحيدة فى مصر المختصة بهذا الأمر.

وتابع: بالإضافة إلى أن قطاع البترول جهة إشراف فقط ولكن ليس له أى خبرة فى التعدين، وكان يجب قبل إجراء أى تعديلات فى القانون الحالى الأخذ فى الاعتبار آراء الجيولوجيين التابعيين للهيئة والخبراء المصريين، ولا يصح أن تقوم وزارة البترول بعمل لجان وورش عمل واجتماعات خاصة بالتعدين، ولا يوجد بها مختص واحد من الهيئة، بل كانت هناك شركات أمريكية بفكر غربى لا ينطبق على مصر، إلى جانب أن وزارة البترول ليس لديها أى خبرة فى مجال التعدين، وأن جميع المزايدات التى تتم، الهيئة هى التى تقوم بها والوزارة لا ترد على أى مخاطبات ترد من هيئة الثروة المعدنية.

وأضاف أن رئيس هيئة الثروة المعدنية قدم مذكرة لوزير البترول والجهات المسئولة لمراجعة التعديلات الأخيرة وعدم سحب اختصاصات الهيئة.

وأوضح أن مصر تمتلك ثروات تعدينية كبيرة جدا، وأن منجم السكرى هو الوحيد الذى استمر فى العمل بمصر لأنه يمتلك إمكانيات مادية وفنية قوية، ولذلك استثمر فى العمل فى مصر، وأنتج بعد سنوات طويلة من حصولهم على حق الامتياز.

وقال الدكتور كرم الشيمى، الرئيس السابق لمجلس إدارة شركة "حمش مصر للذهب"، إن وزارة البترول تعامل خبراء وقيادات الثروة المعدنية كأنهم "أولاد البطة السوداء"، ومثلما جاءت الوزارة بشركة ماكنزى لتطوير وتحديث قطاع الثروة المعدنية، فلماذا لم تأت بخبراء وقيادات الهيئة أصحاب الاختصاص، كما أن وزارة البترول جاءت برئيس هيئة ثروة ليس له أى خبرات تعدينية ولم يقم بأى بعثات خارجية، مؤكدًا أن مصر بها كوادر فنية وجيولوجية قادرة على قيادة الثروة المعدنية فى مصر دون تدخل أى شركات أجنبية لأن خبراء الأجيال الموجودة حاليا هم آخر جيل يعرفون إمكانيات مصر التعدينية فى جميع المناطق، فكان يجب أن تتم المحافظة عليهم بدلا من سفرهم خارج مصر كعلماء تعدين.

وأشار إلى أن مصر بها حاليا منجم السكرى وكان اتفاق بين الهيئة والشركة المالكة، وجميع الأموال التى تحصل الآن من منجم السكرى يتم تحويلها إلى هيئة الثروة المعدنية ثم إلى وزارة المالية، وتستطيع مصر بخبرائها عمل أكثر من 5 مناجم سكرى إذا أتيحت الفرصة لهم، لافتا إلى أن فصل وسحب اختصاصات الهيئة خطأ كارثى.

وأكد مصدر مسئول بوزارة البترول أنه لن يتم فصل هيئة الثروة المعدنية عن الوزارة، وأن ما تقوم به الوزارة حاليا ما هو إلا الحفاظ على الثروات التعدينية فى مصر من خلال التطوير وإعادة هيكلة، مشيرًا إلى أن الهيئة بها الكثير من الملفات العالقة والمتأخرة وكان لا بد من تدخل الوزارة بناء على تعليمات مشددة بسرعة تحديث وتطوير القطاع المهم.

وكان المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، أكد فى تصريحات سابقة، أن الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية التي تجريها مصر حاليًا هيأت مناخ الاستثمار وجعلته أكثر جاذبية، وتحفز الشركات العالمية على زيادة أنشطتها واستثماراتها.

وبدأت وزارة البترول الاستعداد للمؤتمر العربى الدولى الخامس عشر للثروة المعدنية والمعرض المصاحب والمقرر عقده خلال الفترة من 26 إلى 28 نوفمبر القادم تحت شعار "الاستثمار التعدينى والتنمية الاقتصادية في الوطن العربى".