رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مذكرات سيدة المسرح.. سميحة أيوب: سعدالدين وهبة حب عمرى

جريدة الدستور

أهلى رفضوا شكرى سرحان ووافقوا على شقيقه محسن ومحمود مرسى طلّقنى دون علمى
أرشح حنان مطاوع لتقديم سيرتى الذاتية ووسام الفنون والعلوم أقرب التكريمات لقلبى

قالت الفنانة سمحية أيوب إنها لم تعد تستطيع التفرقة بين ممثلاث الجيل الحالى بسبب الماكياج وعمليات التجميل، مشيدة بزمن الفن الجميل فى عهد الرئيس الراحل، جمال عبدالناصر، الذى مثّل، حسب تعبيرها، «فرصة ذهبية للممثلين الجادين».
وأرجعت سيدة المسرح العربى، فى حوارها مع «الدستور»، الفضل فى اكتشاف ورعاية موهبتها إلى الفنان الكبير زكى طليمات.
وفى هذا الحوار روت تفاصيل حياتها الخاصة، التى تُوجت بالزواج من ٣ فنانين كبار، كاشفة عن حقيقة الشائعات التى ترددت حول علاقتها بالفنان شكرى سرحان، ثم زواجها من شقيقه «محسن»، وغيرها من الأسرار.

■ كيف بدأت رحلتك فى عالم الفن؟
- رحلتى فى الفن بدأت عندما استمعت لإعلان عن فرصة عمل للفتيات الجدد فى الإذاعة مقابل ٦ جنيهات فى الشهر، وذهبت مع صديقة لى كانت ترغب فى التقدم لاختبار التمثيل باللغة العربية الفصحى، وفوجئت بأحد أعضاء اللجنة يسألنى إذا كنت أرغب فى التمثيل مثلها، فأجبته: نعم، قدمت فى الاختبار أحد مشاهد العبقرى يوسف وهبى، وانبهر أعضاء اللجنة بأدائى لكننى لم أحصل على الـ٦ جنيهات لصغر سنى.
■ كيف عدت للتمثيل بعد ذلك؟
- أكملت دراستى فى ظل رفض والدى دخولى إلى عالم الفن، ثم درست فى معهد الفنون المسرحية، ورفضت البقاء فى المنزل بعد ذلك، فعهدت والدتى- الحاكم والآمر فى البيت- إلى خالى لتولى مسئوليتى فى ظل انشغال والدى بعمله، ومنذ السنة الأولى لى فى المعهد أُعجب بأدائى أستاذى زكى طليمات، عميد المعهد، الذى كان شديد الإيمان بموهبتى.
■ ماذا عن أول أعمالك الفنية؟
- كان أثناء الدراسة فى المعهد، وبترشيح من زكى طليمات نفسه لـ«بابا شارو» فى الإذاعة، حيث قمت ببطولة أوبريت «عذراء الربيع»، وعندما علمت أن الفنانة زوزو نبيل ستكون فى لجنة الاختبار للدور ارتبكت كثيرًا، خاصة أننى كنت أعرف أنها تتمتع بشخصية صارمة، ومن الصعب أن تختار أى شخص إلّا إذا كان متمكنًا بكل المقاييس مما يقدمه. وحين أتى ميعاد الاختبار، فوجئت بجمال روحها، خاصة عندما لاحظتْ ارتباكى وحاولتْ تهدئتى، ما أدى لظهور حالتى الإيجابية فى العمل، ليهتف «بابا شارو» قائلًا: «هذا هو الصوت الذى أبحث عنه».
■ ما موقف الأسرة من هذا التحول الكبير فى حياتك؟
- رغم أنى قدمت الأوبريت ولاقى انتشارًا واسعًا، فإن سعادتى لم تكتمل بسبب الأسرة، التى جعلتنى أظهر تحت اسم مستعار هو «سميحة سامى» بدلًا من «سميحة أيوب»، بعدما أجبرتنى والدتى على عدم إعلان اسمى الحقيقى خوفًا من عقاب والدى.
■ كيف تصرفت فى هذا الموقف؟
- لم أستسلم، وطلبت بعدها أن يذاع اسمى الحقيقى حتى لا ينسب نجاحى لاسم مستعار، كما لجأت لخالى باكية من أجل أن يتدخل لإقناع والدى بموهبتى، وهو ما نجح فيه بعد ذلك، وبعدما تخرجت فى المعهد عام ١٩٥٤، توالت أعمالى ونجاحاتى حتى أصبحت «سيدة المسرح العربى».
■ ماذا عن دور الحب فى مسيرة الفنانة سميحة أيوب؟
- كنت مؤمنة بأن الزواج قسمة ونصيب، لذا لم ألتفت إلى الشائعات الكثيرة والقصص التى ترويها الصحف حول صراع الشقيقين شكرى ومحسن سرحان على الفوز بى، ولم أهتم بالرد عليها لأننى كنت أعتبر نفسى أكبر من ذلك.
■ ألم يكن بعض هذه الشائعات حقيقيًا مثل علاقتك بالفنان شكرى سرحان؟
- الجزء الحقيقى كان فى بداية مشوارى الفنى، وبدأ باختصار شديد أثناء دراستى بالمعهد، وحينها تقدم شكرى سرحان لأهلى وطلبنى للزواج، لكنهم رفضوه بشدة، وقال له والدى وقتها: «دى مرحلة مراهقة»، وفى ذلك الوقت لم يكن بيننا أى قصة حب.
■ ماذا عن علاقتك بشقيقه محسن سرحان؟
- هذه العلاقة بدأت عندما قدمتُ أول عمل سينمائى لى «المتشردة»، الذى كنت ألعب فيه دور شقيقة البطل «محسن سرحان»، وحصلت عنه على أجر يبلغ ٣٠ جنيهًا، وكان رقمًا كبيرًا وقتها. وفى كواليس التصوير كنت دائمًا على خلاف مع محسن لأننى كنت على عكسه لا أحب «الهزار»، لكن بمرور الوقت تحوّل الأمر بيننا من عداء إلى مودة واحترام، وأعجبته شخصيتى، فتقدم لخطبتى وتزوجنا وأنجبنا ابننا محمود، ثم اختلفنا فى عدة أمور، ووجدته يحيطنى بغيرته المستمرة، فأصبحت الحياة بيننا صعبة ولم يكن هناك بديل عن الانفصال.
■ كيف كانت حياتك بعد الانفصال؟
- قررتُ أن أتفرغ حينها للعمل فقط، لكننى التقيت محمود مرسى الذى أحبنى فى صمت لمدة عام ونصف العام، رغم علمى بحبه، لأنه كان يستفسر من الأصدقاء عن حياتى الشخصية. فى نفس الوقت كنت أنا أيضًا معجبة بشخصيته وتمثيله، وعندما عملنا معًا فى الإذاعة، وخلال أحد اللقاءات قال لى: تعرفى إن الست أم كلثوم ست رائعة، فسألته: لماذا؟، فقال: لأنها بتقول: ولما أشوف حد يحبك.. يحلى لى أجيب سيرتك وياه، وهنا شعرت بالسعادة، لكنى فوجئت به يقول: أنا مش بتاع جواز، فقلت فى غضب: وحد جاب سيرة الجواز؟، فى اليوم التالى تلقيت منه مكالمة اعتذار، وطلب منى الزواج فوافقت على الفور، وفعلًا تزوجنا بعدها وأنجبنا ابننا علاء.
■ ما أسباب الانفصال رغم قصة الحب؟
- بعد فترة خيرنى محمود مرسى بين العمل وحياتى الشخصية، لأننى كنت كثيرة التركيز فى عملى الفنى، فاخترت «شغلى» دون تردد، لذا طلقنى دون علمى، وعلمت بالأمر من والدتى لأنى كنت وقتها خارج مصر. وبعد عدة سنوات تزوجت من «حب عمرى» سعدالدين وهبة.
■ لماذا وصفت الكاتب الكبير بـ«حب عمرك»؟
- لأنه كان «حياة تانية» ومشوارًا طويلًا شهد نجاحنا فى حياتنا الشخصية والعملية، وكانت بيننا قصة حب استمرت ٣٤ عامًا، ولم يفرق بيننا سوى الموت، بدأ الإعجاب بيننا على خشبة المسرح فى مسرحية «السبنسة» التى كتبها وقمت ببطولتها، وبعد إسدال الستار عن عرض المسرحية فى يومها الأول طلب والمخرج سعد أردش أن نتناول العشاء معًا فى الحسين. وفى اليوم التالى لبدء العرض ذهبت معه لشراء عدد جريدة «الجمهورية» وكان فيه موضوع عن النجاح الساحق للمسرحية، وذهبنا معا لمحطة مصر لشراء العدد، وفاجأنى بقوله: أريد أن أتزوجك، فأجبته قائلة: أنا عندى عقدة من الجواز. وطلبت منه أن يبعد فكرة الزواج عن تفكيره نهائيًا.
■ ماذا حدث بعد ذلك؟
- عندما علمت والدتى بطلبه قررت منعى من الزواج خشية أن يتهمنى زوجى السابق، محمود مرسى، بوجود علاقة بينى وبين وهبة أثناء فترة زواجنا، وكانت كلمات والدتى بمثابة نقطة فاصلة فى حياتى، لأننى قررت تحدى الجميع واتصلت فورًا بـ«سعد» وقلت له: «تعالى دلوقت علشان تتجوزنى.. هاتلاقينى بعد ساعة منتظرة أمام منزلى»، وهو ما حدث بالفعل.
بعد الزواج اتفقنا على عدم الإنجاب، فقد كانت لديه ابنتان، وكان لدىّ محمود وعلاء، وركزنا فى العمل وقدمنا فى هذه الفترة أعظم المسرحيات، بداية من «كوبرى الناموس»، ثم «بير السلم، وكوابيس فى الكواليس، والمسامير»، وغيرها. وإذا أردت الحديث عن سعد فسأحتاج إلى ساعات لأروى تفاصيل «عشرة العمر»، وأعظم رجل التقيت به فى حياتى.
■ ما أهم الشخصيات التى أثرت فى مسيرة سميحة أيوب؟
- شخصيتان فقط بجانب حبيبى سعدالدين وهبة، هما والدتى وابنى محمود، رحمة الله عليهما، فوالدتى كانت بمثابة المدرسة الأولى والأخيرة لى، ومنها تعلمت القوة والصبر والقيم والأخلاقيات والصدق التى أصبحت سلوكا أتبعه منذ نشأتى وحتى الآن، كما كان لها الدور الأكبر فى حياتى كلها لأنها رسخت عندى الحفاظ على عزة النفس والكرامة. أما ابنى محمود فرحيله فى ٢٠١٠ «كسرنى»، خاصة أنه كان يعيش فى الولايات المتحدة ومر هناك بأزمة صحية، فسافرت إليه ومكثت معه لمدة تزيد على الشهر ونصف الشهر ثم عدت إلى مصر، لكن بعد عودتى بأيام جاءنى خبر وفاته، وهو أصعب شىء قد يمر به إنسان فى حياته لأنه أمر لا يمكن وصفه بالكلمات.
■ كيف تقضين يومك؟ وما هواياتك المفضلة؟
- أنا إنسانة «بيتوتية» تميل إلى الهدوء وراحة البال، ولا أحب الصخب والضوضاء حولى، أعشق القراءة، وفى بعض الأحيان أشاهد التليفزيون لكسر حالة الملل التى قد تتسلل إلىّ، كما أنى «ست بيت شاطرة» تجيد الطبخ، خاصة الملوخية والبامية، ويعشق نجلى علاء وبقية أفراد العائلة تناول الطعام من يدى، كما أحرص على لقاء الفنانات المقربات لقلبى بشكل أسبوعى، اللائى أرتبط معهن بصداقات تمتد لفترة تتخطى الـ٤٥ عامًا، وتحديدًا مع الفنانتين نادية لطفى وسميرة عبدالعزيز. وعندما يضيق الأمر علىّ فى القاهرة أهرب إلى البحر، ومن الأماكن المفضلة بالنسبة لى الغردقة والإسكندرية وعيون موسى، وأنا عاشقة للصلاة لكن ليس لحد الوصول إلى «الدروشة»، وأديت العمرة ٤ مرات وفريضة الحج مرة واحدة.
■ هل تتابعين الموسيقى والأغانى؟ وإلى مَنْ تستمعين؟
- أعشق الموسيقى والغناء، ونشأت وتربيت على أعمال موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وصوت كوكب الشرق «أم كلثوم»، ومن الجيل الحالى أستمع لكثير من المطربات، مثل الجميلة صاحبة الصوت الدافئ أنغام، وملكة الإحساس إليسا، بجانب شيرين عبدالوهاب.
■ حصلتِ على كثير من التكريمات والألقاب.. أيها الأقرب إلى قلبك؟
- الحمد لله.. تقريبًا لا يوجد عمل قدمته إلّا وكرمت عليه من قبل مؤسسات ثقافية وفى مهرجانات مصرية وعربية ودولية، لكن فى حياتى تكريمان اعتبرهما بمثابة وسامين على صدرى، الأول من الرئيس جمال عبدالناصر عندما منحنى وسام الفنون والعلوم فى عمر الـ٢٦ عامًا، وهذه الفترة تمثل عن حق «فرصة من ذهب» لأى فنان جاد. وبعد منحى هذا الوسام تحملت المسئولية، ووضعت أمامى هدفًا واحدًا، هو ما أنا عليه الآن، والحمد لله حققت كل أحلامى ووصلت للعالمية، وأولادى يتشرفون بى فى كل مكان. أما التكريم الثانى فهو لقب «سيدة المسرح العربى» الذى أطلقه علىّ الرئيس السورى الراحل حافظ الأسد، أثناء تسليمى «وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى» عام ١٩٨٣.
■ لماذا تعتبرين عهد عبدالناصر «فرصة من ذهب» للفنانين الجادين؟
- طبعًا.. جمال عبدالناصر اهتم بالمناحى الثقافية والفنية بشكل مميز وكبير، وكان دائمًا ما يحرص على توطيد علاقته بأهل الفن، ومتابعًا شغوفًا للأعمال الفنية الجادة، وأنشأ فى ١٩٥٧ «مؤسسة دعم السينما»، التى تحولت بصدور قوانين يوليو الاشتراكية عام ١٩٦١ إلى مؤسسة تملك شركات تسعى فى مجملها إلى الإنتاج والتسويق محليًا وخارجيًا.
كما فتح باب القروض للسينمائيين مع ضمان الدولة لهم، بجانب تدعيم تصوير الأفلام التى تحتاج إلى إمكانيات عسكرية وحربية، مع تشجيعه المسرحيات العالمية والشعرية والنضالية، وأتذكر جيدًا أننا سافرنا فى السبعينيات إلى باريس لعرض مسرحيات «فيدار» و«إيزيس» و«ليلة شعرية» بدعم منه، فهو كان يحقق أحلام كل فنان، واهتم بعقلية المشاهد والحفاظ على الأسر المصرية وما يقدم لها من أعمال هادفة، سواء على الصعيد السينمائى أو الدرامى أو المسرحى.
■ مَنْ تعجبك من فنانات الجيل الحالى وتختارينها لتقديم سيرتك الذاتية فى عمل فنى إذا أمكن؟
- رغم أن عددًا كبيرًا من ممثلات الجيل الحالى لا أستطيع التفريق بينهن بسبب الماكياج وعمليات التجميل، إلا أن المجال به العديد من الموهوبات مثل هند صبرى ومنى زكى.
وأرى حنان مطاوع من أبرز النجمات الموهوبات فى جيلها، وأختارها لتجسيد شخصيتى، فهى تتمتع بحس فنى مميز ولديها موهبة كبيرة، وأعتبرها فنانة متمكنة فى اختيار أعمالها، بجانب صفاتها الإنسانية واحترامها الدائم لنفسها ولجمهورها.

■ ماذا عن علاقتك بحفيدك الوحيد يوسف ووالده علاء؟
- علاء درس «الميكانيكا» تلبية لرغبة والده الفنان الراحل محمود مرسى فى أن يكون مهندسًا، بجانب حصوله على دكتوراه فى علم النفس، وهو حاليًا طبيب مشهور فى مجاله، وبعد زواجه أنجب يوسف، حفيدى الوحيد، البالغ من العمر ١٠ سنوات، والذى يعيش فى الولايات المتحدة رفقة والدته لاستكمال دراسته، وبمجرد نزوله إلى القاهرة فى الإجازات لا يبتعد عن حضنى، وأعتبره كل شىء فى حياتى، لأنه وكما يقول المثل «أعز الولد ولد الولد».