رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عروسة البحر.. كاتبة بريطانية تجوب بحار العالم فى قارب لمدة عام

جريدة الدستور

ربما يعتقد بعض الناس أن زمن الترحال الطويل انتهى، وأن متطلبات الحياة قد تمنع أى شخص من التفكير فى مغامرة السفر لمدة كبيرة بغرض التأمل، ولكن كاتبة بريطانية، تُدعى سوزان سميلى، أثبتت العكس بعد أن أبحرت بمفردها لمدة تجاوزت العام، بين شواطئ العالم، على قارب خاص.
تروى «سميلى»، فى مقال نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية، كيف غيّرت تلك الرحلة حياتها، قائلة فى بداية القصة: «كنت أحلم بالهروب من حياتى فى لندن، لذلك خرجت إلى البحر، والآن أنا سعيدة للغاية.. لقد تركت وظيفتى للبحث عن المتعة، فقد كنت أعمل محررة صحفية وكاتبة، وربما هربت لكى أعثر على قصة جديدة أستطيع أن أضعها فى كتاب أو مقال».
وتضيف: «بعد تلك التجربة الطويلة، أصبحتُ أكثر ذكاءً، وأكثر قدرة على التعايش تحت أى ظروف، فعندما تعيش فى الماء أنت مجبر على ألا تُهدر أى موارد تستطيع الحصول عليها، مثل الطعام الذى تصطاده بنفسك».
وتابعت: «أحاول حتى الآن أن ألتزم بميزانية محددة، وهى ٦٠ جنيهًا إسترلينيًا فى الأسبوع، وأحب أن أشير إلى أن صحتى أصبحت أفضل، وأننى أعيش سلامًا نفسيًا لم أجربه من قبل، رغم أن هناك عناء وإجهادًا بالطبع، ولكن هذا ما يؤكد لنا وجود حياة.. صدقونى من المريح أن تكون تحت رحمة وسيطرة الطبيعة».
وتوضح: «لم أكن أفتقد سوى الاستحمام فى البانيو، ولكن بقية الأشياء كانت متوافرة وجميلة، فأستطيع دائمًا الحصول على مأوى، وماء، وطعام، وأؤكد أن الاستحمام فى البحر جميل جدًا، ويشعرنى بالسعادة».
وكشفت عن أنها استخدمت النجوم بدلًا من البوصلة لتحديد موقعها، وتقول: «أعيش بأقل الإمكانيات، لدىّ مرحاض فى القارب، ومطبخ صغير ومغسلة، وموقد وشواية، وسلة قمامة، وطاولة لتناول الطعام، وسرير للنوم، واستطعت الاستغناء عن الأشياء الأخرى، فلم تكن لدىّ ثلاجة مثلًا».
وتحكى الكاتبة البريطانية: «لم أستطع أن أصدق أننى أتجه إلى إسبانيا على متن قاربى الخاص، ولم أكن أتوقع حتى عبور القناة، والإبحار صوب جبل موسى، الذى يقع بمحافظة جنوب سيناء فى مصر، ويبلغ ارتفاعه ٢٢٨٥ مترًا فوق سطح البحر، وكان مبهرًا أن أبحر للجبل الذى تلقى فيه موسى الوصايا العشر».
وتؤكد: «فكرة الإبحار بمفردى فى حد ذاتها كانت متعة خالصة، وعلى الرغم من أننى عانيت بعض الوقت من الأحوال الجوية المتقلبة، إلا أن تلك المخاطرة كانت تزيدنى شغفًا.. فى البداية كان الأمر مرعبًا، خاصة أننى لم أكن أملك الخبرة الكافية، وها أنا بعد مرور عام ما زلت أُبحر ولم أعد إلى وطنى بريطانيا، ولكنى أشعر بأننى وجدت وطنًا جديدًا، وهو البحر».
وتضيف: «كنت قلقة لأننى لن أصادف بحارة نساء يسافرن بمفردهن مثلى، وفى إحدى المرات، وأنا أُبحر تجاه إيطاليا، صادفت بحارًا، فسألته عن الطريق، فقال لى: (ألست ترافقين رجلًا؟)، وتعجبوا منى، فالرجال يحدقون بأى امرأة تسافر بمفردها، ويلتقطون الصور، وفى المقابل شعرت بالفخر بسبب نظراتهم التى أكدت لى قدر المغامرة التى أخوضها».
وتكمل: «كانوا يخرجون إلىّ من اليخوت الضخمة، وينظرون، ويتعجبون، وقد حظيت بدعم لا يوصف، فمجتمع البحر جاهز دائمًا للمساعدة، لأن الجميع يعرف كيف يكون الأمر عندما يعيش أحدهم وحيدًا فى قارب».
وقالت الكاتبة: «أصعب تجربة واجهتها كانت عندما أبحرت فى البحر المتوسط، فكنت دائمًا أبحث عن الدفء، إلى أن وصلت لشبونة بالبرتغال، فى أكتوبر الماضى، وحينها تعلمت البرتغالية كى أتحدث مع البحارة حول الطقس، وعاداتهم فى البحر». وتضيف: «مررت ببلاد كثيرة فى قارتى إفريقيا وأوروبا، وكنت أرى كل يوم الحيتان، وسمكة أبوسيف، وأشاهد القمر وهو يرتفع فوق المحيط الهادئ، واستمتعت بالنوم فى الهواء الطلق، وحديقتى الخلفية كانت مياه البحر، والسلاحف كانت الجيران الفضوليين، ورأيت غروب الشمس البرتقالى النارى بلا أى حاجز، ورأيت السماء المرصعة بالنجوم، وفى كل يوم أشعر بأننى محظوظة لأن أرى هذا البحر الرائع، بيتى الجميل».