رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جوانتانامو - الدوحة.. رايح جاى!



منذ تم تأسيسه بأوامر أمريكية، لا يقوم مكتب طالبان «السياسى» فى قطر، إلا بالوساطة بين تنظيمات إرهابية عديدة، يقيم قادة بعضها فى الدوحة، بشكل دائم، ويقصدها قادة بعضها الآخر فى زيارات خاطفة، بينما المجتمع الدولى يغمض عينيه أو «عامل ميت»!.
لا علاقة للمكتب، إذن، بالسياسة من قريب أو بعيد. وعليه، كانت نكتة الموسم، أن تعلن الحركة، الثلاثاء الماضى، أن خمسة من كبار قادتها السابقين، الذين كانوا معتقلين فى «جوانتانامو»، عادوا إلى صفوف القيادة مرة أخرى، وأنهم سيمارسون عملهم من الدوحة، بناء على اتفاق مع المندوب الأفغانى- الأمريكى زلماى خليل زاد، الذى أسندت إليه واشنطن إدارة مفاوضات سلام مباشرة بين الحركة الإرهابية والحكومة الأفغانية، ترعاها وتشارك فيها الولايات المتحدة، وتحتضنها العاصمة القطرية!.
الإفراج عن الإرهابيين الخمسة تم بوساطة من الدوحة، فى ٢٠١٤، بالضبط كما كان إرسالهم إلى المعتقل الأمريكى بوشاية منها. وفى كتابها «الجانب المظلم»، اتهمت جين ماير فتى قطر المدلل يسرى فودة بأنه تعاون مع «المخابرات المركزية الأمريكية» وأرشدها عن مخبأ «رمزى بن شيبه» القيادى بتنظيم القاعدة، الذى تتهمه الولايات المتحدة بالتخطيط والمساعدة فى هجمات الحادى عشر من سبتمبر. وبناء على تلك «الإخبارية» تمكنت القوات الأمريكية من اعتقال «بن شيبه» فور مقابلة أجراها معه «فودة» لقناة «الجزيرة»، وقاد اعتقاله قيادات فى «القاعدة» إلى «جوانتانامو».
بناء على طلب الدوحة، أيضًا، قامت باكستان، الأسبوع الماضى، بإطلاق سراح الملا عبدالغنى بردار، المؤسس المشارك لحركة طالبان وأبرز نواب مؤسسها الملا محمد عمر، الأمر الذى يجعل مكانته لدى إرهابيى طالبان والقاعدة أعلى نسبيًا من «الخمسة» الذين سيمارسون عملهم من الدوحة، وسيشاركون فى المفاوضات. والخمسة كانت لهم علاقات وثيقة بمؤسس الحركة، الملا عمر، ومؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، ولا معنى لعودتهم للقيادة غير أن الحركة لا تزال متمسكة بمنهجها وبفكرها المتطرف الذى حكمت بها أفغانستان طوال السنوات الخمس التى انتهت فى ٢٠٠١ بالغزو الأمريكى.
هل يمكن أن تعترف الولايات المتحدة بحزب سياسى للقاعدة أو داعش؟ هل كانت ستسمح لأسامة بن لادن بالانضمام للبرلمان الأفغانى؟.
سؤالان منطقيان طرحهما، فى مارس الماضى، جيفرى هيجنز، العميل الخاص فى هيئة مكافحة المخدرات الأمريكية والملحق المساعد لمكافحة المخدرات بالسفارة الأمريكية فى كابول. وحاول بالسؤالين التحذير من خطورة استرضاء طالبان تحت شعار محادثات السلام، بعد تأكيده على أن «طالبان لا تختلف عن التنظيمات الإرهابية الأخرى». ومن محاسن الصدف أن يطرح السؤالين ويطلق التحذير متخصص فى «مكافحة المخدرات».
المخدرات هى السبب الأرجح، لأن أقوال طالبان، تختلف تمامًا عما تفعله على الأرض. وما بين الأقوال والأفعال، مساحة شاسعة من الكذب تبررها شريعة «الجماعة الأم»، جماعة الإخوان، التى لا حرام فيها إلا ما تراه كذلك. ولو تشككت فى أن جماعة «الإخوان» هى «الماسورة الأم»، التى تفرعت منها كل «مواسير المجارى»، أو التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها القاعدة، أحيلك إلى فيديو أصدرته مؤسسة السحاب التابعة للقاعدة، يحكى فيه «الظواهرى»، زعيم القاعدة، بعض تفاصيل لقاء جرى فى «بيشاور» جمع بين «أسامة بن لادن» و«مصطفى مشهور» المرشد الأسبق لجماعة الإخوان، وأوضح أن «بن لادن» كان عضوًا فى جماعة الإخوان، وأن الجماعة هى التى أرسلته إلى باكستان فى مهمة محددة، هى توصيل الدعم للجماعة الإسلامية الموجودة هناك، وكانت تعليمات الجماعة إليه ألا يدخل أفغانستان ولكن «أسامة» خالف الأوامر.
أيضًا، لا يوجد أدنى شك فى تبعية تنظيم «القاعدة» لحركة «طالبان»، وهناك شواهد كثيرة تبدأ بعلاقة أسامة بن لادن، مؤسس التنظيم، بالملا محمد عمر، مؤسس الحركة، ولا تنتهى باحتضان إمارة قطر لقيادات التنظيم والحركة والجماعة الأم. وليس سرًا أنه بعد عامين من تأسيس مكتب طالبان فى الدوحة، أعلن الظواهرى مبايعته لمحمد منصور، زعيم طالبان الذى لقى مصرعه سنة ٢٠١٦. كما جدد الظواهرى مبايعته لزعيم طالبان الجديد، هبة الله أخوند زاده، وهو ما يعنى التزام التنظيم بالعمل تحت قيادة الحركة. كما أن عودة الزعماء القدامى إلى مواقع القيادة، جاءت لتنسف كل مزاعم تخلّى الحركة عن الإرهاب أو تراجعها عن فكرها المتطرف. والأهم، هو أن استقرار هؤلاء الزعماء القدامى أو الإرهابيين المخضرمين، فى الدوحة، يقول بوضوح إن اللعب الذى كان مستترًا، صار على المكشوف.
نحن، إذن، أمام معادلة عبثية أو غير منطقية، لأن اللعب على المكشوف يأتى بعد فوات الأوان، وبعد أن ماتت «الجماعة الأم»، وبعد أن انفرط بالضرورة والتبعية عقد التنظيمات الفرعية، وصار موتها، هى الأخرى، وشيكًا أو مسألة وقت. وعليه، تكون «المخدرات» هى السبب، وإلّا ما كان للعائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة، ستغامر وتخاطر وتحاول إحياء ميت، شبع موتًا، أو موتى فى الطريق!.