رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستشرق هولندى: إخراج إيران من سوريا «صعب».. والأسد أقوى من كل معارضيه على الأرض

جريدة الدستور

- الدبلوماسى المتخصص فى شئون الشرق الأوسط قال إن حل الأزمة يستلزم تنازلات وتوافقًا من جميع الجهات الفاعلة
- إمكانيات طهران محدودة لكن سقوط نظام صدام حسين فى العراق أعطى الفرصة لها للتوسع جغرافيًا
- لا بد من وجود مقاربات بين إيران والسعودية والولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا لإنهاء الصراع بدمشق
- الولايات المتحدة تريد الانسحاب من سوريا لكن مجابهة التدخل الإيرانى استلزمت تأخير الخطوة

نيكولاس فان دام، مستشرق ومؤرخ ودبلوماسى هولندى، عمل كسفير سابق فى العراق ومصر، ودرس تاريخ المنطقة الحديث، وأصدر كتابين عن سوريا أثارا الكثير من الجدل فى الأوساط السياسية والأكاديمية؛ وهما «الصراع على السلطة فى سوريا»، و«تدمير وطن.. الحرب الأهلية فى سوريا».
فى هذا الحوار مع «الدستور» ننطلق من بعض النقاط الإشكالية التى أثارها فان دام فى كتابيه للحديث عن الوضع الراهن فى سوريا، والدور الحالى لمختلف القوى فى الأزمة السورية خصوصًا مع التطورات الأخيرة ومنها اتفاق سوتشى الخاص بإدلب.

■ فى كتابك «الصراع على السلطة فى سوريا» أوضحت أن ثلاثية الطائفية والإقليمية والعشائرية كان لها الدور الأكبر فى الصراع على السلطة فى سوريا.. إلى أى مدى من الممكن أن تظل هذه الثلاثية حاكمة للوضع السورى مستقبلًا؟
- هذه العوامل لعبت دورًا مركزيًا فى الصراع على السلطة فى سوريا، وحتى اليوم هى مهمة للغاية، هذه الثلاثية ستستمر حتى لو تغيّر النظام، بالطبع هناك عوامل أخرى تتحكم فى الوضع السورى لكن تظل هذه الثلاثية هى الأهم فى مسألة الصراع على السلطة.
تحدثت عن مسألة العشائرية فى سوريا، والتى تعتمد على العشائر لكن الأهم فيها هو العلاقات العائلية الموسعة، التى يكتسب أفرادها ثقتهم ببعضهم البعض أكثر من الثقة بمن هم خارجها، فإذا نظرنا إلى العشائر العلوية، ورغم أنهم بشكل عام لا يلعبون دورًا مهمًا، نجد أن الأكثر تأثيرًا عندهم سيطرة العلاقات العائلية الموسعة. بعد الثورة البعثية فى ١٩٦٣ صارت الإقليمية أخف خاصة بعد هجرة العلويين من الريف إلى المدينة، ولكن لنفترض وجود نظام ديكتاتورى آخر يعتمد مثلًا على طائفة من السُنّة من عشائر أو عائلات معينة ومن منطقة معينة، هذا يعنى أنه سيظل طائفيًا لاعتماده على الطائفة الدينية بالشكل الاجتماعى على الأقل، أى على أساس الانتماء لمجتمع مصغر فيه الناس يعرفون بعضهم البعض.
وتجدر الإشارة إلى أن النظام الديكتاتورى الذى يسيطر عليه مجموعة سنية عادةً لا يعتبر طائفيًا إن كان السُنيون هم أكثرية الشعب، بينما الديكتاتورية التى يسيطر عليها فئة من الأقليات تعتبر ديكتاتورية طائفية. ولكن فى الواقع، كل الديكتاتوريات هى ديكتاتورية أقلية ما، بغض النظر عن انتماء الحكام لأقلية دينية أو أكثرية دينية مثل السنة فى سوريا.
■ البعض يدفع بمسألة الفيدرالية أو الإدارة الذاتية لتجاوز هذه المعضلة.. هل ترى هذا حلًا مجديًا فى التعامل مع هذه الثلاثية؟
- الأمر كله يعتمد على شكل الحكم. إن كانت هناك ديكتاتورية وحكم مركزى لن تكون هناك فيدرالية. طبعًا الفيدرالية تعبير واسع غير محدد بشكل كامل، ولكن إذا كان هناك حكم فى سوريا يستعد فيه الحكام لأن يُشركوا السلطة مع الآخرين هذا طبعًا خطوة إلى الأمام وخطوة نحو الحل، لكن فى الوقت الحاضر الحكم البعثى المعتمد على فئة معينة من السوريين غير مستعد أبدًا لإشراك السلطة بشكل فيدرالى أو بإدارة ذاتية مع آخرين، لأن هذا سيعنى إضعاف موقفهم ما قد يؤدى إلى إسقاط النظام بالنهاية.
فى العراق مثلًا تحت ديكتاتورية الرئيس صدام حسين كانت هناك إدارة محلية فى المنطقة الشمالية الكردية لكنها كانت محدودة للغاية. ومن ثم، فكل شىء يعتمد على نطاق هذه الإدارة لكن تحت حكم ديكتاتورى ليست هناك أية إمكانية لخلق الفيدرالية أو الإدارة الذاتية. ولن يصير هذا الحل إلا بتغيير جذرى من نظام إلى نظام أوسع ديمقراطى، وهو ما يعتمد على الحُكّام، أما بنية المجتمع السورى فلا تمنع هذا أبدًا.
بالطبع، نتيجة الحرب حدث تغير ديموغرافى فى سوريا بسبب اللاجئين الهاربين للخارج أو النزوح فى الداخل، فكل الأطراف والطوائف صارت موجودة فى كل مكان. لكن حتى الآن على ما يبدو النظام الحالى لا يريد أن تعود أكثرية اللاجئين فى الخارج لبلادهم ليس بسبب انتماءاتهم الطائفية وإنما بسبب مواقفهم من النظام.
■ كيف أثّر تشرذم المعارضة السورية وتعدد ولاءاتها على أدائها بشكل عام برأيك.. وهل يمكن الرهان على أى دور مستقبلى لها فى ظل هذا الواقع؟
- بالطبع أثّر تشرذم المعارضة وعدم الاستعداد للتعاون بين فئاتها على إضعاف مواقفهم حتى إنه لم يكن هناك تعاون وثيق ما بين المعارضة المدنية والمعارضة العسكرية، ولفترة طويلة لم تحترم المعارضة العسكرية المعارضة المدنية، مثل «الائتلاف الوطنى لقوى الثورة والمعارضة السورية» المقيم فى إسطنبول. لم تمتلك المعارضة قوة عسكرية حاسمة، وهو العنصر الأهم فى النزاع ومن ثم لم تنجح فى التفاوض.
المعارضة برأيى أخذت موقفًا تعجيزيًا بالنسبة للنظام، إذ إنهم طلبوا أن تسفر المفاوضات عن رحيل النظام ومحاكمته، ومن ناحية المبدأ لا تستطيع أن تتفاوض وأنت تضع شروطًا تعجيزية مع نظام هو أقوى منك فعليًا، وعلى أرض الواقع؛ أما من ناحية نظرية فبالطبع ربما كانت ستؤدى وحدة المعارضة إلى شرعية أقوى لهم فى مفاوضتهم مع النظام.
وبالنسبة للدور المستقبلى، فهذا كله يعتمد على بقاء أو عدم بقاء النظام، والنظام حاليًا غير مستعد لإشراك المعارضة فى السلطة، لكن تحت ظروف أخرى مختلفة، يجب أن يكون للمعارضين الذين يشكِّلون جزءًا من الشعب السورى دور فى المستقبل السياسى فى سوريا إن كانت هناك ديمقراطية، لكن حاليًا ليست هناك ديمقراطية فى سوريا، ولا أتوقع فى المستقبل القريب أو المتوسط أن تكون هناك ديمقراطية، فأنا لست ضد الديمقراطية، لكننى آخذ بعين الاعتبار الواقع؛ ففى القرون الماضية لم يكن هناك فى سوريا أية ديمقراطية. هذا ليس مبررًا لهذا الموقف، لكن لا نستطيع أن نتوقع الديمقراطية خصوصًا أن أغلب فئات المعارضة لم يكن لديها استعداد للتعاون وكان بينهم اقتتال.
■ فى كتابك «تدمير وطن.. الحرب الأهلية فى سوريا» قلت إن حقن الدماء بالتسوية السياسية أولى من العدالة.. هل فى ظل الواقع الراهن بات هذا هو الخيار الأوحد للمعارضة السورية.. وهل تتوقع أن تخضع لهذا الخيار وتتنازل عن مطالبها باستبعاد الأسد من أى حل سياسى؟
- لا أتوقع أن تخضع المعارضة لهذا الخيار. هم يحتفظون بموقفهم وطلبهم بإبعاد الأسد ونظامه كحل سياسى لكن ليس لديهم القوة الكافية لأن يفرضوا هذا المبدأ، والشىء الذى كان ممكنًا فى بداية الثورة السورية غير ممكن اليوم. فى البداية لم يكن عدد الضحايا بهذا الشكل الفظيع، الآن لدينا نصف مليون ضحية وبعد هذه الإراقة للدماء صار مستحيلًا الوصول إلى حل وسط، وهذا ينطبق على النظام نفسه الذى يهدف إلى إعادة الدولة السورية والأراضى السورية كاملة. وأيضًا نتيجة هذه الحرب المدمرة والضحايا، من المحتمل فى المستقبل أن تكون هناك محاولات لثورة أخرى ولكن كل شىء يعتمد على إمكانية السيطرة على القوات المسلحة والمخابرات، وقوة الطرف الذى سينجح فى السيطرة سواء كان هذا الوضع عادلًا أو غير عادل.
■ كيف ترى آثار التدخل الروسى فى سوريا وتداعياته على المشهد السورى وعلى العملية السياسية ككل؟
- روسيا تأثيرها محدود ونفوذ النظام السورى على روسيا أيضًا محدود. روسيا لا تستطيع أن تجبر النظام السورى على الأشياء التى يعتبرها النظام وسيلة لإضعافه، هذا الأمر بالنسبة للعملية السياسية صار حربًا بالوكالة. فى البداية كانت هناك حرب أهلية، تطورت بعد قليل إلى حرب الوكالة لكن هذه الدول التى تتدخل فى الشئون الداخلية فى سوريا تؤيد أطرافًا معينة تعتبرها أصدقاء لها. الدول الغربية والعربية التى تدخلت بالشأن السورى، وعلى رأسها أمريكا وتركيا والسعودية وقطر، لم تنسق بشكل جيد تأييدهما للمعارضة العسكرية، فكل طرف أيّد طرفًا معينًا، وهذا لم يؤدِ إلى تقوية المعارضة السورية.
التدخل الروسى جاء بعد هذا التدخل الأجنبى والعربى فى سوريا، ولم تكن روسيا لتتدخل بهذا الشكل لولا هذا. فى ٢٠١٥ كان النظام السورى يترنح ونتيجة هذا الخطر تدخلت روسيا لكن هذا نتيجة التدخل الآخر، المعارضة العسكرية قالت لولا هذا التدخل الروسى لأسقطنا النظام. لكن لو لم تحصل هذه الأطراف العسكرية المعارضة على التأييد العسكرى الهائل من الخارج لم يكن هناك إمكانية لأن يقوى موقفها العسكرى كما صار.
■ هل تعتقد بأن هناك مقاربة أمريكية جديدة لإنهاء الانفراد الروسى بالملف السورى فى المرحلة الراهنة؟
- أصلًا أمريكا تريد الانسحاب من سوريا، لكن من ناحية أخرى صارت هناك مجابهة بسبب التدخل الإيرانى فى نطاق حرب الوكالة. أمريكا حاليًا تريد أن تبقى فى سوريا لحل مشكلات الوجود الإيرانى، خصوصًا أن إسرائيل تريد أن تنسحب إيران كليًا من سوريا، وأمريكا تريد ذلك أيضًا، نظرًا لأنها صديقة لإسرائيل. ومن ثم، فالمسائل صارت تعتمد على استعداد الأطراف الخارجية للاستمرار بتأييد أصدقائها فى سوريا.
■ هل تعتقد أن الوقت قد حان لمسألة «عودة اللاجئين» خاصة أن كثيرين يعتقدون بأن الظروف الداخلية غير مواتية.. فيما يتعلق بالبنية التحتية والأمن؟
- أعتقد فعلًا أن الوقت غير مناسب أبدًا لعودة أكثرية اللاجئين السوريين فى الخارج، فالوضع الأمنى لا يسمح لهم بأن يبدأوا حياتهم من جديد، ورغم قرار العفو عن العسكريين المتهربين من الجيش سابقًا فإن عودتهم إلى سوريا مجددًا تقتضى أن ينضموا للجيش من جديد. فى رأيى، من الصعب جدًا الثقة بأن شخصًا معارضًا أو حياديًا يمكنه أن يعود إلى الحياة فى سلام داخل سوريا. بعض الأصدقاء كانوا فى اجتماع داخلى شخصى، وكان هناك نقد للرئيس بشار الأسد، وفى حضور المخبرين تم الإخبار ليس فقط عمن قالوا أشياء ضد النظام لكن أيضًا عمن لم يقل شيئًا؛ إذ اعتبروهم معارضين، لأنهم لم يُصرّحوا بأقوال معاكسة للمنتقدين للنظام.
■ وكيف تنظر إلى الموقف الإيرانى فى أية مقاربة للحل السياسى فى سوريا فى الوقت الذى تتغلغل فيه وتسعى لإحداث عمليات تغيير ديموغرافى لتثبيت أقدامها؟
- طهران لا تريد أن تتخلى عن كل هذه المكاسب. أريد أن أقول إن التدخلات الأجنبية العسكرية تؤدى إلى كوارث دائمًا، التدخل العسكرى الأمريكى-البريطانى فى العراق عام ٢٠٠٣ أدى إلى سقوط النظام تحت ادعاءات مزيفة. هذا أعطى الفرصة لإيران لتوسيع نفوذها، اليوم هذا التدخل العسكرى فى العراق أدى إلى العكس بالكامل مما أراده البريطانيون والأمريكان. إيران صارت أقوى ونفوذها أقوى فى العراق وسوريا واليمن.
أعرف أن الوجود الإيرانى فى سوريا شكله مختلف عن الوجود الروسى فى سوريا. فالإيرانيون متغلغلون أكثر داخل النظام السورى وهيكلته، بينما الروس موجودون من الناحية العسكرية، لكن غير موجودين بهذا الشكل مثل الإيرانيين داخل هيكلة النظام. بالنسبة لإيران العامل الأيدلوجى مهم بجانب البعد الاستراتيجى، لكن العامل الاستراتيجى أهم بالنسبة لروسيا؛ فالنظام السورى من حيث المبدأ علمانى بينما النظام الإيرانى نظام دينى، وهذا يدل على أن التعاون ليس على أساس دينى. هذا التعاون بين سوريا وإيران أصلًا نتيجة التعاون بين الرئيس حافظ الأسد والإمام خمينى الذى اعتبر قوة إيران العسكرية مهمة فى التوازن ضد إسرائيل، لذلك دعم حافظ الأسد إيران فى الحرب الإيرانية العراقية، لأنه اعتبر أن الحرب العراقية ضد إيران تُضعف الموقف العربى ضد إسرائيل.
من الصعب جدًا إخراج إيران من سوريا لأن أولًا النظام السورى يريد هذا التعاون، لكنه لا يريد التدخل الإيرانى فى الداخل السورى إذا كانت النتيجة إضعاف النظام، ورغم أن إمكانيات إيران محدودة، لكن سقوط النظام العراقى البعثى للرئيس صدام حسين أعطى الفرصة لإيران للتواصل جغرافيًا من إيران إلى لبنان مثل الجسر المتصل.
■ كيف ترى وضعية التنظيمات الإرهابية فى سوريا (داعش والنصرة) فى الوقت الراهن فى ضوء انحسارها.. وهل يمكن القول إن انحسار تلك الجماعات يؤسس للحل أم أنها قادرة على إعادة تدوير نفسها والتماسك من جديد؟
- هناك فرق كبير بين داعش وجبهة النصرة. جبهة النصرة بالأصل تنظيم سورى فى الأكثرية، أما داعش فكان بالأصل الدولة الإسلامية بالعراق، بعد ذلك صار بالعراق والشام ثم الدولة الإسلامية بدون حدود جغرافية. من ناحية عسكرية، داعش الآن صار نفوذه أقل إلا فى جزء محدود فى شرق سوريا، لكن جبهة النصرة مرتبطة بالقاعدة بغض النظر عن أنهم يقولون العكس، وهم أقوى طرف فى محافظة إدلب، بينما هناك أطراف أخرى مثل أحرار الشام وكل العسكريين المعارضين، الذين أجبروا على الخروح من محافظات أخرى إلى محافظة إدلب وليس لديهم إلا الاستسلام أو المعركة إلى النهاية.
بشكل عام، تكمن المشكلة فى أن الأطراف العسكرية مختلطة مع المدنيين من الشعب السورى، داعش يريد أن يحتفظ بنفوذه فى مناطق أخرى نتيجة عمليات تخريبية، وجبهتا النصرة والقاعدة يمكن هزيمتهما، لكنهما يستمران تحت الأرض. الوضع فى إدلب معقد لأن تركيا أيضًا مسئولة عن وجود بعض الفئات العسكرية هناك، هم يريدون تصفية هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) لكن هذا صعب جدًا دون خسارات جسيمة للمدنيين هناك، هزيمة هذه الأطراف لا تعنى أن تكون غير موجودة بالمستقبل، فهناك فرق وجماعات سورية تريد الانتقام من النظام فى سوريا.
■ أعلن بشار الأسد أخيرًا عن أن اتفاق إدلب ليس نهائيًا وأن الجيش سوف يعمل على تحرير المدينة واستعادتها.. هل هذا برأيك يُمهد لعملية واسعة فى إدلب فى المرحلة المقبلة.. ولماذا برأيك تم اعتماد الاتفاق إن كانت النية معقودة للقيام بتلك العملية؟
- من المحتمل أن يقوم النظام السورى بعملية واسعة عسكرية لاستعادة كل إدلب وفيما بعد تأتى مناطق أخرى مثل شرق الفرات. هذا سؤال منطقى لأنه ما الفائدة من هذا الاتفاق إذا كان الهدف استعادة إدلب كاملة؟!، فى الواقع صارت هناك عدة اتفاقيات سابقة وفاشلة تحت مسمى «خفض التصعيد»، هذا الاتفاق نتيجة رغبة عدة أطراف فى تجنب إراقة الدماء بشكل واسع، لكن لا بد من موافقة كل الأطراف، هيئة تحرير الشام وداعش لا بد أن يبتعدوا عن هذه المنطقة، ويجب أن يكون هناك استعداد للنظام السورى للتفاوض حول حل، لا يهجمون على إدلب مقابل تنازلات من المعارضة أو استسلامها، لكن ليس هناك استعداد من قبل النظام للتفاوض مع المنظمات التى هزمها خصوصًا أنه أقوى بمساعدة الروس والإيرانيين. بشكل عام ستكون هناك مجزرة، لأن العملية العسكرية ستكون بين الجيش السورى والمنظمات العسكرية المعارضة والإرهابية، لأنهم موجودون داخل مناطق مدنية. سيكون هناك ضحايا كثر نتيجة الحرب مثلما صار فى حماة وحلب وحمص وغيرها، المعارضة العسكرية يمكن أن تنسحب لكن هم غير مستعدين، لأنه ليس لديهم أمل فى أى شىء إيجابى بديل. من المحتمل أن النظام سينتصر (وتوقيته يعتمد على استعداد أو عدم استعداد القوى الخارجية لمواصلة مساعدتها للقوات العسكرية المعارضة للنظام)، فما الفائدة من استمرار الحرب إن كان هذا سيؤدى إلى ضحايا إضافية، وفى كل الأحوال الشعب السورى هو الضحية لهذه الحرب.
■ هل تعتقد أن الملف السورى يسير نحو الحل؟
- من الضرورى أن يكون هناك توافق دولى، لكن من ناحية الواقع تختلف المصالح بشكل كبير، فلا بد من وجود مقاربة بين إيران والسعودية، وإيران والولايات المتحدة وإسرائيل، مقاربة بين تركيا وأمريكا بالنسبة للشمال السورى ووضع الأكراد، وتوافق بين روسيا والأطراف الأخرى. فى الوقت الحاضر كل طرف يريد أن يحتفظ بما لديه للحصول على أعلى تنازلات من الطرف الآخر. النظام يهدف إلى استعادة كل الأراضى السورية، وإذا قبلت الأطراف الأجنبية عودة النظام إلى كل الأراضى تكون هناك موافقة، لكن بالواقع هم غير مستعدين لبذل الجهد فى سبيل الوصول لحل وسط.