رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ناهد السيد تكتب: خطرت على بال ربى

ناهد السيد
ناهد السيد

غضبت وتطاول غضبى على ذات الله عاتبته ولومته ، ورحت أسائله وأحاسبه ونصبت محكمة كنت فيها القاضى والمتهم والدفاع أمام حكم نهائى قد صدر فى حقى وتم تنفيذه غيابيا .. غضبى انصب على حكم فجائى صدر بدون مقدمات ،لم يكن مبررا ،لم أكن مؤهله له ،لم يمنحنى فرصه حتى لمراجعة ذاتى اذا ما كنت أخطأت ويتم معاقبتى،لعلى استطيع اصلاح ما اقترفت من خطأ ،أو أندم ويصبح ندمى شفيعى ، لم يتسن لى الوقت لمسائلة ملائكة اكتافى ممن يتربصا لحسناتى وسيئاتى عما كتبا وما رصدا لعل هناك صغائر سيئات صدرت منى سهوا ،وربما كنت أجهل مدى حرمانيتها ، ألم يكن من العدل أن يتركا لى وقت لمراجعه النفس ،ألم يخصص الله لأحدهم مهمة ايقا ظ الضمير الذى بيده انقاذى وشطب ما كتبته يسرى ملاكى الشقى ،عاتبت ربى انه لم يحذرنى حتى ، وباغتنى بمرض عتيد الاجرام ، مرض لا شفاء منه ، لم يندرج تحت قائمة امراض المناعه التى يحكى فى سيرتها اساطير عن حالات مقاومة تم شفاءها وواصلت حياتها بشكل طبيعى ، ليس من الامراض الشهيرة التى جذبت الباحثين لايجاد علاج له ، مرض أقوى من مكتشفيه ،اعراضه متغيرة وآلامه متفاوتة من مريض لآخر ، مرض نهم لا يشبع من اصابة جزءواحد فى الجسم بل يتغذى على اجهزة واعضاء فى قضمة واحدة ، اذن فان خطأى لو تعلمون عظيم ، وإلا لما اختارلى الله هذا المرض بخاصه ، لماذا سرق عافيتى فجأة ؟ وسرت واهنه هزيله ؟ لماذا أصابنى فى كل انحاء جسدى ولم يترك لى مساحة للأمل فى التعافى؟ لماذا لم يترك لى قدرة ولو طفيفة على البوح بآلامى ؟ وأسقط على حجر الصمت والدهشة والغضب ، واضطررت ان ارتدى قناع التحدى والقوة لاتماسك شفاعه لمن حولى ، بينما انا هشه ضعيفه غاضبة
غضبى لم يعقبه استغفارا ، كان غضبا بحجم المفاجأة والفاجعه ، غضبا ينتظر رد الله وحده على تساؤلاتى ، انه أمر بينى وبينه ، غضب أحنى رأسى،احنيت .. انحنيت.. حتى سجدت فتذكرت صلاتى ونسكى ومحياى ، تذكرت كم مرة دعوت الله واستجاب ،كم مرة سألته واعطانى، كم مرة ذهبت اليه ذليله ونصرنى ، كم مرة بكيت فى احضانه واحتوانى ، رفعت رأسى وكأن يده الكريمة مسحت على جبينى ،وسرعان ما شعرت بالسكينة بان اختياره لى كان فضلا وكرما ليس قهرا وظلما ،اذن الااختيار كان معناه انى خطرت على بال ربى ، ان عينيه وقعت على، على وحدى من بين ملايين البشر ،هو الذى لم ينس بشرا ولن يطرف له جفن ، تذكرنى أكثر اختارنى وحدى .. اى اصطفانى ، وكلما كان المرض عضالا كان حبه لى كبيرا .. ظللت ساجدة أحاول اصلاح ما افسده غضبى أنقى دم وأهدأ سريرتى بالحمد والفخر بانى خطرت على بال الكريم .