رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حول التعليم والهوية.. والانتماء (3)


فى المقالتين السابقتين ركزنا على أهمية الاستثمار فى الثروة البشرية المصرية عبر التعليم والصحة حيث العقل السليم فى الجسم السليم وتحدثنا عن أنه لابد من زيادة ميزانية التعليم والبحث العلمى مع وضع خطة للقضاء على الأمية مع وضع أولوية لتحديث التعليم "عصرنة التعليم" وربطه بأحدث ما وصلت إليه الإنسانية فى عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مع انتهاج طرق التعليم الحديثة التى تعتمد على استخدام المنهج العلمى فى التفكير عن طريق إعمال العقل فى البحث والمعرفة والابتكار أى الحوار والإقناع بدلا من طريقة الحفظ والتلقين التى لاتنتج إلا عقليات الحفظ وليس الفهم وعقليات السمع والطاعة التى تجر المجتمع إلى الخلف والتخلف وتبنِّى الأفكار الظلامية ويكتمل تحديث التعليم بنظام إمتحانات تقيس مقدار إبداع الطالب وتراكم المعرفة لدى الطالب بالإضافة إلى الاهتمام برعاية وتنمية المواهب الرياضية والفنية والأدبية مع إعداد وتدريب وتأهيل الطلبه والطالبات للعمل بعد التخرج وفق خطة تضعها الدولة لاحتياجات سوق العمل وفق المعايير الحديثة.
وفى مقال اليوم أتحدث عن تطوير المناهج مع ملحوظة أن السيد وزير التعليم يتحدث كثيرا عن بداية تطوير التعليم والبدء خلال العام الدراسى الحالى بمرحلة التعليم المبكر (رياض الأطفال) والسنة الأولى بمرحلة الابتدائى. وفى البداية اؤكد على أن جميع أهالى وأبناء الشعب المصرى يتوقون شوقا إلى تطوير التعليم ولكن أتساءل وسأظل أتساءل هل يمكن تدريس هذه المناهج المتطورة والمتفقة مع الجودة والمعايير العالمية بمعزل عن بقية عناصر العملية التعليمية من قلة الأبنية التعليمية وقلة عدد المدارس والفصول الدراسية وتجهيزاتها مع إهمال الصيانة "لأنه لاتوجد ميزانية" مع عدم توفر أماكن وأدوات لممارسة الأنشطة الرياضية والفنية. هذا بجانب تكدس عدد التلاميذ فى الفصول ولقد طالعتنا صحف الأسبوع الماضى عن اقتحام أولياء الأمور للمدارس لضمان أمكنة داخل الفصول لأبنائهم وعن الطرق الخطرة التى يسلكها أطفال صغار للوصول إلى المدارس من جسور فوق الترع ومراكب متهالكة مع مقتل تلميذ فى عمر براعم الزهور لبس ملابس المدرسة الجديدة وحمل شنطته الجديدة فرحا بسنة دراسية جديدة. (قُتِل تحت أقدام زملائه عند تدافعهم للخروج وقت الفسحة) لتكتمل المأساة ويعود جُثة هامدة إلى أهله ليكفنونه ويدفنونه فى المقبرة بدلا من الفرح به فى المدرسة.
وإذا انتقلنا إلى المعلمين والمعلمات الذين سيقومون بتدريس هذه المناهج فلابد من تدريب وتأهيل ورفع قدرات هؤلاء لتدريس المناهج الجديدة التى تتطلب فهم ومهارات تختلف تماما عن الطرق القديمة مع الاهتمام بزيادة دخله حتى يتفرغ لعمله ويشتغل بضمير وحيوية ونشاط لأنه ياخذ حقه فى الأجر، هذا يتطلب تدريب وتنمية مستدامة.
وسأشرككم معى فى سماع ماتم فى أول يوم دراسى من جارة لى دخلها هى وزجها لايكفى توفير الاحتياجات الأساسية ويحاولون العمل بشكل متواصل (ويادوب الحال على القد مع مساعدة الأهل).ابنها وابنتها فى مدارس ابتدائى حكومية بحى مصر الجديدة.
الابنة فى مدرسة ابتدائية مشتركة فى كى جى تو حيث عدد التلاميذ والتلميذات حوالى 40 ويوجد مدرسة واحدة وهذة المدرسة معها الموبيل تتحدث فيه معظم الوقت إن لم يكن كله.وأود أن أنوه أن ما جاء بخصوص التطوير فى مرحلة رياض الأطفال هو عدد أثنين من المدرسين أو المدرسات لكل 25 تلميذا وتلميذة. أما الابن فى الصف الثانى الابتدائي فى أول يوم دراسى دخل مدرس اللغة الإنجليزية وطلب من التلاميذ (من سيأخذ مجموعة معى يطلع من مكانه ويقف) خرج معظم التلاميذ وتبقى البعض الذين وجه لهم المدرس تهديدا بألا يأخذوا مجموعة عند مدرسين آخرين وأن عليهم أن يعلموا أهاليهم بأن مجموعة التقوية تساوى سبعون جنيها فى الشهر!.
فى البلدان التى يعانى نسبة كبيرة من شعبها من الفقر ونسبة غير قليلة من الفقر المدقع والذى ينتج عنه التقزم والأنيميا وحتى يتم التشجيع غلى الالتحاق بالتعليم وحتى يستمر التلميذات والتلاميذ محتفظين بقدرتهم على التركيز لابد من مزيد من الاهتمام بتوزيع الوجبة مع التأكد من صلاحيتها لتعين التلاميذ على مواصلة الاستيعاب والتفكير وتعمل على ربطهم بالمدارس.
بجانب كل ماسبق لابد من تفعيل الدور الهام لمجلس الآباء فى المشاركة فى وضع الخطط والسياسات التعليمية والمشاركة فى وضع الحلول للمشاكل مع المتابعة والرقابة الشعبية من قبل مجلس الآباء ومجلس النواب والمحليات والنقابات المعنية بالتعليم.
تكتمل المنظومة التعليمية من الأبنية والمدرسين والمدرسات بمناهج تعتمد على إعمال العقل واكتساب المعرفة وتنمية المهارات وتنمية الانتماء وغرس قيم المواطنة والمساواة والتسامح وقبول الآخر وتفعيل مفهوم الدين لله والوطن للجميع مع غرس مفاهيم حقوق الإنسان والتركيز على دراسة اللغة الأم (اللغة العربية) حتى يمكن للطفل فى سنواته الأولى التمكن من لغته ومن التعبير عن نفسه بها بجانب تعليم اللغات الأخرى بعد ذلك.. إن التنمية الإنتاجية وتنمية الموارد البشرية جناحان للنهوض وتقدم الدول.