رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاستثنائى.. دريد لحام: لم نأخذ من «الربيع العربى» سوى الخراب.. و«لا باحب السياسة ولا بافهم فيها»

جريدة الدستور

- ما يحدث فى سوريا ليس ثورة بل حرب ضد الدولة
- لدىَّ ٧ أحفاد تجمعنى بهم صداقة قوية لا تخضع لقوانين


أرجع الفنان السورى الكبير دريد لحام، عودته للسينما بفيلم «دمشق- حلب»، بعد غياب ٩ سنوات، إلى تميز السيناريو والرسائل التى حملها حول أهمية الوطن، وصمود السوريين فى وجه «الحرب»، التى تستهدف بلادهم، مشددًا على أن العمل حمل إسقاطات واضحة ضد ما يعرف باسم «الربيع العربى»، الذى «لم نأخذ منه غير الخراب». وقال «لحام»، فى حواره مع «الدستور»، إنه لا يفهم فى السياسة ولا يحبها رغم ما تحمله أفلامه عادة من صبغة سياسية، معتبرًا أن ذلك هو ما دفعه لرفض عدة مناصب عرضت عليه من قبل. وكشف عن أن انتماءه لجيل آخر جعله يعانى كثيرا مع التكنولوجيا الحديثة، لذا لا يستطيع التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعى، التى يرى أنها أثرت على التواصل فى العالم الحقيقى.

■ لماذا قررت العودة للسينما بفيلم «دمشق- حلب» بعد غياب أكثر من ٩ سنوات؟
- القصة جذبتنى، ووجدت فيها أحد أحلامى الفنية الكبيرة، التى كنت أريد تحقيقها منذ فترة، كما شعرت أثناء قراءتى للسيناريو بما يحمله الفيلم من رسائل مهمة يجب أن تصل للمشاهد السورى بشكل خاص وللمشاهد العربى بشكل عام.
أولى هذه الأفكار هى التمسك بالوطن سوريا، وعدم التخلى عنه، لأنه بمثابة الأم الذى لا يمكن لأى شخص أن يستبدله أو يتركه فى أوقات الأزمات. ولأن سوريا تمر بواحدة من أصعب الفترات فى تاريخها الحديث، فإنه من الواجب على كل سورى أن يضع أمامه هدفا واحدا هو الوصول بها إلى بر الأمان، وهذا لن يتحقق إذا قرر كل واحد منا تركها والبحث عن سكن آخر، لا وطنا آخر، لأن الوطن لن يتكرر مرة أخرى.
■ حمل الفيلم عددا من الإسقاطات على «الربيع العربى».. فهل كان ذلك مقصودًا؟
- «ما خدنا من الربيع غير الخراب»، هذه الجملة رددتها كثيرا خلال أحداث الفيلم، وفى الحقيقة كنت أقصدها بشدة، لأن كثيرا من الناس فى الوطن العربى اعتبروا ما يجرى فى سوريا «ثورة»، لكننا كنا نعلم جيدًا فى دمشق أنها ليست ثورة بل حربًا ضدنا يستهدف بها عدد من دول العالم إسقاطنا.
وما حدث فى سوريا من محاولة إسقاط النظام حدث مثله فى مصر بميدان التحرير، ومصطلح إسقاط النظام لا يعنى شيئا غير الفوضى، وهناك فارق بينه وبين إسقاط السلطة، والفارق بين الاثنين كبير جدا لمن يدرك ويفهم، لذا حمل الفيلم رسالة ضد «الربيع العربى».
■ هل يمكن اعتبار دور الإذاعى الذى قدمته فى الفيلم إسقاطًا على شخصيتك فى مسألة التمسك بالوطن؟
- هذا صحيح، فهو بالتأكيد يمثلنى ويعبر عن أحلامى، وليس عنى أنا فقط بل هو أيضا تجسيد للشعب السورى، الذى قرر أن يخوض الرحلة إلى نهايتها مع الإصرار والأمل الدائم فى الوصول لبر الأمان. وكان هذا الأمر واضحا تماما فى أحداث الفيلم، التى تعد رحلة نعرض فيها مدى خسة الإرهاب الذى قتل العروس وعريسها يوم زفافهما، كما تناول رحلة أخرى خاضها الإذاعى «عيسى» من دمشق إلى حلب ليصل إلى ابنته وسط الحصار.
كما أن كل شخص قابله «عيسى» فى الأتوبيس كان يحمل قضية ورسالة، إما رومانسية أو درامية، لكنهم فى النهاية يقررون الاتحاد عند مواجهتهم عقبات عديدة كادت أن تنهى رحلتهم، كما قرروا الوقوف صفا واحدا ليكملوا رحلتهم حتى النهاية.
وهؤلاء مثلهم مثل الشعب السورى قرروا استكمال الرحلة بمنتهى التضحية، رغم الألغام التى يسيرون فوقها ولم تنزع بعد من الأرض، وهذه هى النهاية والرسالة الرائعة التى أراد المخرج الرائع باسل الخطيب والمؤلف المتميز تليد الخطيب وكل فريق العمل أن تصل للجمهور العربى.
■ الدور لم يتأقلم مع الأساليب الإعلامية العصرية.. هل يشبه هذا شخصيتك الحقيقية؟
- أعتقد أن شخصيتى فى هذا الفيلم تعبر عن بعض أبناء جيلى من الذين لم يتأقلموا مع العديد من الوسائل الإعلامية والفنية التى نشهدها فى الوقت الحالى، لكنى شخصيا على قناعة تامة بأن لكل عصر أسلوبه وطريقته الخاصة فى التعبير وإيصال الرسائل الإعلامية والفنية، وإن كانت لدى تحفظات على بعض الأساليب التى تبتعد تماما عن الفن والإعلام.
وعلى العموم فأنا فى النهاية أشبه كثيرا شخصية الإذاعى «عيسى» فى الفيلم، خاصة فى مسألة استيائه فى البداية من أسلوب مذيع شاب، قدم شخصيته ببراعة الفنان الموهوب عبدالمنعم عمايرى، وكراهيته لتفاهة الموضوعات التى يقدمها فى برنامجه، حتى إنه يرفض إطلاق صفة «زميل» عليه.
ورغم هذا الرأى فى البداية إلا أن «عيسى» اقتنع فى النهاية بأن هذا الشاب ليس بالسطحية التى كان يظنها، لذا لقبه بـ«الزميل» فى آخر مشهد جمع بينهما، ما يعد اعترافا بهذا الجيل الجديد وأفكاره وأسلوبه الخاص فى تقديمها.
■ كيف رأيت فوز الفيلم بجائزة نور الشريف للأفلام الروائية الطويلة فى مهرجان الإسكندرية مؤخرا؟
- كنت سعيدا جدًا بهذا التكريم وبهذه الجائزة التى تمثل لى الكثير، خاصة أنها جاءت من مهرجان الإسكندرية الذى أحبه وأحترمه وأشعر عادة بأنه قريب إلى قلبى، وأرجو أن يحوز الفيلم على إعجاب الجمهور وأن تصلهم رسالته.
■ لماذا يحرص دريد لحام عادة على خلط أعماله بصبغة سياسية؟
- «لا باحب السياسة.. ولا بافهم فيها»، لكن كل الفكرة أننى أحب تحقيق المواطنة عن طريق ٣ أشياء، هى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، أما السياسة نفسها فهى وجهات نظر ولكل شخص رأى فى خدمة وطنه، لذا فلنترك السياسة لأهلها.
■ ألهذا رفضت من قبل تولى بعض المناصب السياسية؟
- لا أحب هذه المناصب، لأنها لا تليق بشخصيتى، كما أن حياتى بها طقوس معينة، لا يمكننى أن أغيرها تحت أى ظرف، فمثلًا أحب النوم والاستيقاظ فى مواعيد محددة، كما أن الأكل والقراءة لهما جزء مهم من وقتى، وأحيا حياتى بنظام محدد، ولو طلب منى أى شخص مهما كان تغييره فلن أفعل ذلك، لذا رفضت العمل بالسياسة لأنى لا أحب خوض تجارب فاشلة.
■ بعيدا عن التمثيل.. ألم تفكر فى العودة لخوض تجربة الكتابة والتأليف مرة أخرى؟
- أفكر دائمًا فى هذا الموضوع الذى أحب أن أكرره، لكن يقف أمامى عائق واحد هو ازدحام الأفكار فى رأسى، لكن عندما أستقر على شىء محدد أعتقد أنى سأخوض التجربة من جديد.
■ كيف تقيم الوضع الحالى للسينما السورية؟
- نتيجة الظروف الصعبة التى تمر بها سوريا لا يمكن تقييم مستوى الأفلام فنيًا وثقافيًا، وما أنظر إليه حاليا هو جانب آخر، فطالما ظللنا نقدم أفلامنا تحت نيران القذائف فبالتأكيد ما يخرج هو رائع مهما كان مستواه، لذا أعتبر السينما السورية فى سنوات الحرب توثيقا لما يجرى من أجل الأجيال المقبلة.
■ ماذا يفعل دريد لحام خارج «البلاتوه»؟
- كما قلت لدى نظام محدد فى حياتى، كما أن لدى ٧ أحفاد تجمعنى بهم صداقة كبيرة، والحفيد دائمًا ما يتعلق بالجد لأن علاقتهم لا تخضع لأى قوانين وشروط، على عكس العلاقة مع الأب والأم. ودائما ما أحب لقاء أحفادى والجلوس معهم، لأن هذا يشعرنى بسعادة غامرة، رغم أنى اكتشفت فى سن معينة أن أعز الولد هو الولد نفسه، وليس الحفيد كما يقول المثل.
■ أين أنت من التواجد على «السوشيال ميديا»؟
- لدى موقف واضح وثابت من مواقع التواصل الاجتماعى وهو عدم اعترافى بها، لذا لا أتعامل معها أبدًا، وأكتفى بمشاهدة أحفادى وهم يتعاملون معها وأشفق عليهم كثيرًا نظرا لإدمانهم هذا الواقع الافتراضى على حساب التواصل الاجتماعى الحقيقى بينهم وبين الآخرين.
هذا بالإضافة إلى أنى لا أعرف شيئا فى التليفون سوى الرد على المكالمات ثم الإغلاق، ولا أحب تصوير «السيلفى»، رغم أنى كلما تقابلت مع جمهورى بالشارع أجدهم يطلبون منى صورة «سيلفى» رغم أنى فى الحقيقة لا أحب التصوير من أجل التصوير فقط.
■ من أكثر الكتّاب المصريين الذين تهتم بالقراءة لهم؟
- جمعنى منذ سنوات طويلة لقاء بالكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل، ودائما ما كنت أرى فى كتاباته صدقا واستشرافا كبيرا للمستقبل، وكأنه يتنبأ بما سيحدث، لذا كانت نظرته صائبة دائمًا.