رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيدى جابر.. الخرطوم.. الآخرة!


تعرف طبعًا أن الرئيس عبدالفتاح السيسى سيزور، الخميس، العاصمة السودانية الخرطوم. لكن ما قد لا تعرفه هو أنه خلال الزيارة، سيشهد مع الرئيس الرئيس السودانى، عمر البشير، توقيع اتفاقية ربط شبكة السكك الحديدية بين مصر والسودان.
المعلومة أعلنها حاتم السر على، وزير النقل والتنمية العمرانية السودانى، خلال كلمته أمام مجلس وزراء النقل العرب الذى انعقدت، الثلاثاء، دورته العادية رقم ٣١ فى الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى بالإسكندرية، بمشاركة وزراء النقل العرب ووفد الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وممثلى الاتحادات والمنظمات العربية. وأوضح وزير النقل السودانى أن ربط السكك الحديدية بين البلدين سيتيح للمواطن أن يستقل القطار من محطة سيدى جابر بالإسكندرية حتى الخرطوم مباشرة دون توقف.
بتوقيع تلك الاتفاقية، نكون قد قطعنا خطوة مهمة فى طريق التعاون بين دولتين شقيقتين يضمان شعبًا واحدًا. والمصريون والسودانيون، فعلًا وليس قولًا، شعب واحد موزع على دولتين، يتمتع أفراده، هنا وهناك، بحقوق الحريات الأربع، بموجب اتفاقية جرى توقيعها سنة ٢٠٠٤: حرية التنقل، حرية الإقامة، حرية التملك، وحرية العمل. وما حدث طوال الـ١٤ سنة، لا يُقارن بما شهدته سنة واحدة، مرت على تشكيل اللجنة القنصلية المشتركة، انعقدت خلالها أربعة اجتماعات لتيسير إجراءات الإقامة والانتقالات بين البلدين، اللذين شهدت العلاقات بينهما، خلال السنوات الأربع الماضية، توقيع العديد من الاتفاقيات والمشروعات التى تعزز التعاون المشترك. وغير اللقاءات الثنائية التى عقدها رئيسا البلدين على هامش اجتماعات ومؤتمرات عربية ودولية، زار الرئيس عبدالفتاح السيسى الخرطوم خمس مرات، وتلك هى الزيارة السادسة.
خطوة مهمة، أيضًا، قطعناها فى طريق التعاون مع كل الأشقاء العرب بتوافق وتأييد كل الدول على أن تتولى مصر رئاسة المكتب التنفيذى لمجلس وزراء النقل العرب، لعامى ٢٠١٩ و٢٠٢٠. وطبيعى أن تفرح وتفخر حين تنقل لك الصحف أن جميع الوزراء العرب أشادوا بـ«الدور الفاعل والإيجابى الذى قامت به مصر فى قطاع النقل بالوطن العربى خلال فترة رئاستها السابقة للمكتب التنفيذى». غير أن ما قد يجعلك تتراجع عن فرحك وتتنازل عن فخرك، هو أن يشهد يوم الثلاثاء نفسه قيام زميلنا وصديقنا محمود بدر، عضو مجلس النواب، بتقديم طلب إحاطة إلى وزير النقل، أوضح فيه أن أهالى دائرته، «شبين القناطر»، يواجهون أزمة طاحنة بسبب عدم انضباط «قطار المرج!».
يوم الثلاثاء أيضًا، وبعد تصادم قطارين، للمرة الثالثة، فى محطة سكة حديد مركز سمالوط بمحافظة المنيا، تقدم النائبان مجدى ملك وسمير رشاد أبوطالب، بيانين عاجلين لرئيس مجلس الوزراء ووزير النقل، خلال الجلسة العامة لمجلس النواب، بسبب عدم تطوير المحطة. واتهم الأول فى بيانه مسئولى هيئة السكة الحديد بـ«التقصير الشديد» وطالب بمحاسبتهم. كما طالب وزير النقل بسرعة تطوير المحطة وبالتحقيق فى الحادث الأخير، الذى تتسبب فى بتر ساق طالبة. وجاء فى بيان الثانى أن المحطة لم يتم تطويرها منذ سنة ١٩٦٤، وأنه تواصل مع المسئولين «وما حدش عمل حاجة» إلى الآن، وطالب بـ«إقالة رئيس هيئة السكة الحديد!».
محاسن الصدف دخلت على الخط، وجعلت يوم الثلاثاء، هو يوم صدور قرار المستشارة أمانى الرافعى، رئيسة هيئة النيابة الإدارية، بإحالة أربعة من العاملين بهيئة سكك حديد مصر للمحاكمة العاجلة، هم قائد القطار رقم ١٣ التابع لمنطقة القاهرة، وملاحظ بلوك أبيس التابع لمنطقة غرب الدلتا، وقائد القطار رقم ٥٧١، ومساعده، وهو القطار الذى كان قادمًا من بورسعيد، فى أغسطس ٢٠١٧، وتصادم بالقطار رقم ١٣ القادم من القاهرة، وتسبب الحادث فى مصرع ٤٣ مواطنًا وإصابة ٢٣٦ آخرين، وألحق تلفيات بأموال وممتلكات هيئة السكك الحديدية تم تقديرها بنحو ثمانين مليونًا وستمائة وثلاثة آلاف جنيه.
ربط السكك الحديدية بين البلدين، كما قال وزير النقل السودانى، الثلاثاء، سيتيح للمواطن أن يستقل القطار من محطة «سيدى جابر» إلى الخرطوم مباشرة دون توقف. ومن محطة «سيدى جابر»، استقل وزير النقل المصرى، الإثنين، القطار رقم ٩١٦ المتجه إلى القاهرة، والتقى عددًا من الركاب، قيل إنهم أشادوا بالتحسن الملموس فى مستوى الخدمة، كما طمأننا الوزير، وأعلن أن هناك خطة شاملة يتم تنفيذها لتطوير هذا المرفق الحيوى المهم، تشمل كل عناصر المنظومة. وأكد أنه وجّه القيادات بالنزول إلى مواقع المحطات ومتابعة القطارات بشكل دورى.
.. والوضع كذلك، لا يكون أمامنا غير الدعاء بأن ينتهى تنفيذ تلك الخطة الشاملة قريبًا، وألا يكون كلام الوزير الجميل، المعقول، والمطمْئن «مجرد كلام»، حتى لا يُضاف قطار «سيدى جابر - الخرطوم» إلى القطارات التى تنطلق من محطات عديدة، مباشرة دون توقف، إلى «الآخرة»، الدار الآخرة، دار البقاء بعد الموت!