رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"قدك المياس يا سوريا".. "الجارديان" ترصد صورًا ساحرة من عودة الحياة لدمشق

جريدة الدستور

«عادت الجميلة إلى الحياة مرة أخرى بعد سنوات من الدمار».. بصور مبهجة أبطالها أطفال يلعبون الكرة فى الشوارع، وشباب وفتيات يطيّبون جراح المدينة بخَطوِهم الآمن، سلطت صحيفة «الجارديان» البريطانية أضواءها على العاصمة السورية دمشق، بعد أن امتلأت مجددًا بالأنوار وأصوات الباعة والأهالى، بعد القضاء على وجود تنظيم «داعش» الإرهابى هناك.

تقول «الجارديان»، فى تقريرها الذى نشرته، أمس، إن تاريخ المدينة التى كانت لها أسماء كثيرة مثل مدينة الياسمين، انتصر على الحروب، مشيرة إلى ما تضمه دمشق من عَبَق حضارات إنسانية عاشت فيها منذ آلاف السنين، وتركت منجزات فى الفنون والعمارة والأدب.
وذكرت أن دمشق احتلت مكانة إقليمية بارزة على صعيد الفنون، والآداب، والسياسة، وحظيت باهتمام الأدباء والشعراء والرحّالة، ونُظم فى وصفها العديد من النصوص الشعريّة والأدبية.
ودمشق فى اللغة تعنى «الأرض المسقية»، ويعود ذلك لموقع المدينة الجغرافى، فهى سهل خصيب يرويه نهر «بردى» وفروعه العديدة، ليشكل بذلك غوطة دمشق، ووفقًا للتقرير البريطانى، فإن الناس فى العاصمة السورية دمشق تمكنوا من الاستمتاع مجددًا بشىء من الحياة الطبيعية، منذ أن انتهت الحرب فى المنطقة، فى مايو الماضى.
وتابعت الصحيفة: «حتى عندما كانت دمشق مُدمرة، وتحت قصف النيران، لم تختفِ آثار الحياة نهائيًا، فهذا الشعب ينبض دائمًا بالحياة، فحتى فى أثناء الحرب والرصاص والقتال، كان الناس يخرجون فى المساء لتناول الطعام والشراب والرقص، ولكن فى هذا الصيف، كانت الحانات والمطاعم فى المدينة القديمة أكثر ازدحامًا وأكثر أمنًا».
وتروى «دانا»، فتاة دمشقية عمرها ٢٤ عامًا، تعمل نادلة فى مطعم ليلى بدمشق: «خلال الحرب عندما كانت القنابل تتساقط.. كانت هناك ليالٍ وأيام دون زبائن، لكننا لم نتوقف عن العمل».
وأكملت الصحيفة سرد تفاصيل الحياة: «فى اتجاه آخر، تعمل صالونات الحلاقة على استقبال الرجال لتصفيف شعرهم، وتعج المقاهى، فى الشوارع المرصوفة بالحصى فى المدينة القديمة، بالناس فى أمسيات نهاية الأسبوع».
وحسب الصحيفة، فربما يكون هذا الصيف تحديدًا هو الأول الذى يمر منذ عام ٢٠١١ دون صوت القتال والقنابل فى دمشق، ويمكن للجميع مشاهدة حفل زفاف خارج المدينة، ويأتى الضجيج من إحدى فرق الروك الطلابية، وعازف الدرامز، واثنين من عازفى الجيتار والمغنى.
كما قالت: «سترى العريس وهو يُحمَل على أكتاف أصدقائه وعائلته، وستراه أيضًا يحمل العروس بين ذراعيه، وفستانها الأبيض يتطاير خلفها، وعلى بُعد بضعة أميال فقط، فى مدينة دوما الشرقية، توجد الأنقاض فى كل مكان، وفى أحد المبانى، الذى تترك الطلقات النارية بصماتها على حوائطه، سترى شابًا يقف فى الطابق الخامس يجرف الحطام من الشرفة، لتجهيز الشقة مجددًا لتسكن فيها عائلته مجددًا».
وهناك تبدو الشوارع بأكملها مدمرة، ففى أحد أكبر المستشفيات فى المنطقة، حيث يتم نفخ الثقوب الضخمة فى الجدران، لا يزال المسعفون يعملون خارج الطابق السفلى، ورغم ذلك هناك صبى صغير يدفع عربة تبيع الأكلات السورية الحلوة المطبوخة بين المبانى المدمرة.
وفى حى الخالدية، فى حمص، الذى استعادته الحكومة عام ٢٠١٣، كانت الحياة الجديدة واضحة، فالأولاد يلعبون كرة القدم بالقرب من مبانٍ تم تدميرها بالقنابل، بحيث سقطت الأسقف، واستخدم الأطفال برميلين ليصنعوا مرمى، واستعانوا بالشرائط وسلك مربوط بينهما كعارضة.
يقول «أبوفارس»، وهو صاحب متجر فى مدينة حمص القديمة: «كانت السوق مزدحمة فى الماضى، ولكن الآن عدد قليل جدًا من الناس يأتون إلى هذه المنطقة، ولكنهم يأتون على أى حال».
وأبرزت الصحيفة صورًا كثيرة للحياة فى المدن السورية، على رأسها دمشق، ومن بين الصور التى نشرتها «الجارديان»، صورة لامرأتين تتحدثان فى حانة فى البلدة القديمة، وصورة أخرى للناس وهم يغنون أثناء السفر بالقطار عبر ضواحى دمشق، نحو معرض دولى افتتح مؤخرًا، وصورة ثالثة تُظهر السوريين وهم يحتفلون بعيد ميلاد أحد الأصدقاء فى بار ماريونيت.
وتضمنت الصور، صورة لزوجين وطفل يمشون فى المدينة القديمة فى الليل، وصورة لامرأة تنظر من نافذة القطار الذى يمر عبر ضواحى المدينة، وصورة لأطفال يلعبون فى حديقة فى معرض دمشق الدولى، وهى توضح أنها السنة الثانية التى يعقد فيها الحدث، بعد توقف دام خمس سنوات بسبب الحرب.
وعرضت الصحيفة، أيضًا، صورة لسائق قطار يدخن الشيشة بعد وصوله المعرض، وصورة جميلة للسوريين وهم يمشون ويتجولون فى ساحة المسجد الأموى فى دمشق، وهو أحد أكبر وأقدم المساجد فى العالم، وصورة أخرى لرجل يمر خلف لافتة كبيرة للرئيس السورى، بشار الأسد، فى دوما، وصورة ثالثة لمنظر عام للمدينة.