رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المؤرخ اليهودى أهارون برجمان: أشرف مروان كان مصريا خالصا ونجح فى تضليل الموساد

أهارون برجمان
أهارون برجمان

فى عام ٢٠٠٢، ادّعى الكاتب والمؤرخ اليهودى أهارون برجمان، أن أشرف مروان، صهر الرئيس جمال عبدالناصر، كان جاسوسًا للموساد، ففى كتابه «A History of Israel» «تاريخ إسرائيل»، الذى صدر عن دار النشر «بلجراف ماكميلان» ذهب إلى أن مروان تطوع لخدمة الموساد فى عام ١٩٧٠، ثم شرع فى تضليل الإسرائيليين قبل حرب ٦ أكتوبر عام ١٩٧٣.
ورغم أن المؤرخ الشهير هو من وضع فكرة عمالة أشرف مروان للموساد، فإنه يستميت الآن وبشدة ليثبت أنه كان بطلًا مصريًّا خالصًا، مؤكدًا أنه كان عميلًا مزدوجًا، وولاؤه لمصر، وكان ضمن جزء من خطة التمويه والخداع، التى تضم ٤٠ مصريًا، وتمكن بنجاح من خداع الإسرائيليين وتعميتهم بمعلومات مضللة، ليكون من بين أسباب حرب أكتوبر العظيمة.
وفى مذكراته التى صدرت بعنوان «The Spy Who Fell to Earth: My Relationship with the Secret Agent Who Rocked the Middle East» أو «الجاسوس الذى سقط على الأرض: علاقتى مع العميل السرى الذى هز الشرق الأوسط» فى عام ٢٠١٦- تحدث برجمان عن تفاصيل علاقته مع أشرف مروان.
حملت المذكرات ما يمكننا اعتباره اعترافًا جديدًا، قال فيه إن مروان عمل لتضليل إسرائيل قبل حرب ٦ أكتوبر.
لهذا كان لا بد من الوصول إلى برجمان، والتحاور معه فلديه الكثير من الأسرار، لكن الوصول إليه قد يحمل بعض المخاطر، فقد يبدو التحاور مع مؤرخ يهودى أمرًا منتقدًا، لكن الحقيقة تستحق أن نبذل من أجلها كل الجهد، حتى لو تعرضنا لهجوم قد يكون عصبيًا وانفعاليًا، لذا وضعنا نصب أعيننا، قبل أى شىء آخر، مهمة المساهمة فى تبرئة أشرف مروان مما لحق به من اتهامات، وها هو من اتهمه فى البداية يتراجع، وينحاز إليه، فما الذى يجعلنا لا نقترب ممن لديه الأسرار؟
تواصلنا مع برجمان على حساباته فى مواقع التواصل الاجتماعى، فيسبوك وتويتر، ورد سريعًا بالموافقة على إجراء الحوار، لكن عبر البريد الإلكترونى، كما يفعل دائمًا مع تصريحاته للصحف الأمريكية والغربية خلال الفترة الأخيرة.
كان برجمان متحمسًا ومنحازًا لوجهة نظره وشهادته عن حقيقة أشرف مروان، بوصفه مصريًا وطنيًا، ضلل إسرائيل، وكان أداة من الأدوات الرئيسية فى تحقيق نصر أكتوبر وعبور القناة، وفى نفس الوقت كانت إجاباته مباشرة ومحددة.. إلى الحوار..
■ فى البداية سألته: لماذا تعترف الآن أن أشرف مروان كان جاسوسًا مصريًا ضلل الموساد رغم أنك كنت أول من وصفه بأنه عميل للموساد فى كتابك «تاريخ إسرائيل»؟
- كانت هذه وجهة نظرى دائمًا، ولطالما أصررت على أن أشرف مروان جاسوس مصرى وبطل، ضلل الموساد الإسرائيلى قبل حرب ١٩٧٣، وهو أكثر من أى شخص آخر فى مصر أو أى جاسوس مصرى آخر قام بعمل كبير وخطير ومختلف أدى إلى انتصار المصريين، وهو المسئول الأول عن النجاح المصرى فى المرحلة الأولى من الحرب.
■ كتبت عن علاقتك بأشرف مروان فى كتابك «الجاسوس الذى سقط على الأرض»... كيف عرفته كمصرى وطنى؟
- عرفت أشرف مروان خمس سنوات، واقتربت منه إلى الدرجة التى مكنتنى من معرفته، أو فيما يفكر من خلال الاستماع إلى نبرة صوته، وأعتقد أنه فى تلك السنوات التى عرفته فيها، كان شخصًا يعيش وحيدًا إلى حدٍ ما، وشعرت بأنه قد يكون لديه العديد من الأصدقاء وعائلة عظيمة، وكان يُحب ابنيه أحمد وجمال، حبًا كبيرًا ويحميهما كثيرًا، لكنه كان فى داخله يشعر بالوحدة، وكان من المحزن جدًا أن أشاهده فى مثل تلك الحالة.
■ كتابك «الجاسوس الذى سقط على الأرض» سيتحول إلى فيلم وثائقى للمخرج البريطانى توماس ميدمور، كيف سيظهر مروان فى الفيلم؟
- الفيلم يستند إلى روايتى التى تؤكد أن مروان كان عميلًا مصريًا، لكن للأسف، المصريون-بمن فى ذلك عائلة مروان- ترددوا فى المشاركة بالفيلم الوثائقى، لذا فإن الصوت المصرى الأصيل ووجهة النظر المصرية حول هذا الموضوع ستكون مفقودة، إذ لم يوافق أى من المصريين على التسجيل معنا، وتفاجئنى مصر بأنها تُظهر إحجامًا عن المشاركة فى مشاريع كهذه تخدم وجهة النظر المصرية، ومن بينها هذا الفيلم الذى يستند إلى كتابى، وهو الآن فى الرتوش الأخيرة قبل عرضه فى يناير ٢٠١٩، وبالتالى سيُترك مكان الصوت المصرى شاغرًا.
■ الكلام حتى الآن يبدو نظريًا فما تقوله عن مروان يحتاج إلى دليل على أى شىء عثرت لديه يؤكد وجهة نظرك؟
- هناك الكثير من المواقف التى تثبت أنه مصرى وطنى، منها أنه فى إحدى محادثاتنا الهاتفية، أخبرنى بأنه كان جزءًا من فريق مكون من ٤٠ مصريًا، كانت مهمته تضليل الإسرائيليين قبل حرب ٦ أكتوبر.
■ كيف كان يتحدث مروان عن مصر.. جمال عبدالناصر وأنور السادات وكيف رأى إسرائيل؟
- أشرف مروان كان وطنيًا يحب مصر وشعبها ورموزها، ويحب عبدالناصر والسادات، ولم يكن يتحدث عن إسرائيل إلا فى إطار مهمته لخداعهم هناك.
■ كيف تدحض ادعاءات المسئولين الإسرائيليين عن مروان ومنها أنه أخبرهم بمعلومات قيّمة عن تاريخ الهجوم فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣؟
- لكى يكون قادرًا على تضليل الإسرائيليين فى اللحظة الحرجة قبل الحرب مباشرة، كان من الضرورى لأشرف مروان أن يجعل الإسرائيليين يثقون به ويصدقونه، لذا رمى لهم الطُّعم واستجابوا له، وهو ما فعله بنجاح كبير بمدهم بمعلومات صحيحة، قبل عدة سنوات من الحرب، لكن قبل الحرب مباشرة، وفى أكثر الأوقات حساسية، ضللهم وساعد فى تأمين هجوم مصرى ناجح وعبور قناة السويس بعد ظهر يوم ٦ أكتوبر.
■ هل حاولت التواصل مع عائلة مروان؟
- أنا أحترم خصوصية العائلة، وقد طلب منّى أشرف دائمًا أن «أترك الطفلين وحدهما»، واحترمت رغبته حتى يومنا هذا، لكننى رأيت مُنى زوجته وأحمد ابنه فى لندن، أثناء التحقيق فى وفاة مروان فى عام ٢٠٠٧، حيث تم استدعائى حينها خلال التحقيقات لكى أخبر الطبيب الشرعى عن علاقتى بأشرف مروان.
■ هل هناك ضغوط عليك من إسرائيل بسبب نفيك روايتهم عن مروان وتأكيدك أنه عميل مصرى ضلل الاستخبارات الإسرائيلية خاصة أنك كنت ضابطًا فى الجيش؟
- لا توجد أى ضغوط أو تهديدات من إسرائيل، بسبب تصريحاتى عن مروان.
■ لماذا تركت إسرائيل إذًا؟
- غادرتها فى أواخر الثمانينيات، لأننى اختلفت مع الطريقة التى تتعامل بها إسرائيل مع الفلسطينيين فى الأراضى المحتلة، واعتراضى على سياسة الاستيطان هناك.