رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد سيطرتها على المنابر.. هكذا تتشكل عقلية أئمة وخطباء الأوقاف

جريدة الدستور

حاولت الجماعات الإرهابية، خلال الفترة الماضية، السيطرة علي المنابر لبث أفكارها المتطرفة، وسرعان ما تدخلت وزارة الأوقاف لإنقاذ بيوت الله من هؤلاء القتلة، وانتشال المنابر من براثن المتطرفين الذين يروجون لخطاب دينى يحض على العنف وزعزعة استقرار الوطن.

قررت الوزارة قصر الخطابة علي الأزهريين، ومنع أي فكر سوى المعتدل الوسطي من اعتلاء المنابر، ولم تكن تلك الخطوة فقط، بل أطلقت خطبة موحدة تعالج قضايا المجتمع وأزماته دون ذكر أشخاص، الهدف منها توحيد الخطاب الديني والتأكد من سلامة الرسائل التي توجه للمصلين في المساجد، وعدم إعطاء فرصة لأحد بعرض توجهاته الشخصية أو نشر أفكار متطرفة.

ونظمت دورات تدريبية للأئمة في جميع التخصصات، وزودتهم بالكتب التي تحتوي علي الفكر الوسطي، بالإضافة إلي مناقشة قضايا مستجدة علي الساحة والرأي الشرعي فيها.

"الدستور" حاورت بعض الأئمة والدعاة لمعرفة أهم الكتب التي يتسلحون بها لمواجهة الفكر المتطرف، وكذلك معرفة الكتب التي يطلعون عليها لأداء خطب الجمعة والدروس العلمية.

الشيخ أسامة فخري الجندي، إمام وخطيب ومدير إدارة المساجد بوزارة الأوقاف، قال إن الفكر ليس منحصرًا في جانب دون آخر، لكن نعمل على إصلاح الفكر وتجديد لغة الثقافة والحوار لما يُرى من المتغيرات التي تطرأ على الحياة، فالأمم الواعية هي التي تحاول تجديد حيوية ثقافتها وحضارتها، مع رد كل فكر كان له انعكاسٌ سلبيٌّ على صورة الإسلام والمسلمين في العالم، ولكن مع وجود هذه التيارات وتلك الاتجاهات فهناك الفكر الإسلامي الأصيل الذي يقف بينها، وهو الفكر الوسطي المعتدل الذي يلتزم بثوابت الدين.

وأضاف في تصريحات لـ"الدستور": لابد من عدة فكرية ومعرفية وفقهية وأصولية وحياتية للداعية، من خلالها يقف على (قراءة التاريخ. دراسة الحاضر. تنبؤ بالمستقبل)، وألا ينفصل أو ينعزل عن المجتمع الذي يعيش فيه، وأن يواكب العصر الذي لا يعرف توقفًا من ناحية تكنولوجيا العصر. وهذا يحتاج من الداعية جهدًا عظيما في قراءة الكثير من المجالات التي تفيده في مجالات الدعوة.

وقال: هناك قراءات كثيرة لي وفي مجالات متنوعة، ومن جملة العلماء ممن نقرأ لهم (ذكر البعض لا الكل) منها: الإمام الحكيم الترمذي، الإمام الترمذي، الإمام القشيري، الإمام أبو حامد الغزالي وشقيقه الإمام أحمد الغزالي (وأحقق الآن بعض مؤلفاته)، الإمام النيسابوري، الإمام الفخر الرازي، الإمام السيوطي، الفيروز آبادي، عباس محمود العقاد، مالك بن نبي، أحمد أمين، محمد دراز، الإمام الشيخ الشعراوي، د. عبد الحليم محمود، أ.  سعيد حوى، الشيخ محمد أبو زهرة.

كما أقرأ للشيخ عطية صقر، د. محمود حمدي زقزوق، د. محمد عمارة، د. أحمد عمر هاشم، د. محمد بكر إسماعيل، د. علي جمعة، د. محمد المسير، ومحمد ربيع الجوهري، د. محمد مختار جمعة، د. جمال الدين حسين عفيفي، د. محمد السيد الجليند، د. عبد الحميد عبد المنعم مدكور، الشيخ محمد الغزالي، أسامة الأزهري وغيرهم كثير من أعلام العلم والمعرفة في جوانب الفقه والمقاصد، والتفسير وعلومه، والحديث وعلومه، والسير والتراجم، والعقائد، والرقائق، والقضايا الفكرية المعاصرة (فما ذُكر هو غيض من فيض).

وتابع الجندي: كما نقرأ أبحثاث ودراسات مؤتمرات المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: فكل مؤتمر يناقش قضية فكرية تجمع آراء علماء الفكر في العالم الإسلامي؛ مما يعود بمثالية فكرية تتعلق بالموضوع الذي تم طرحه وعرضه في المؤتمر وكذلك كتب السير والتراجم؛ لأنها تعطي معالم عامة للأعلام والرجال والنساء؛ فيكون له بالغ الأثر في الوقوف على معالم الحياة المتعلقة بالشخص المترجم له، وكتب العلوم الاجتماعية التي تهتم بالمجتمع وعلاقات الأفراد داخل المجتمع، وكذلك كتب العلوم الإنسانية، التي تعالج السلوك الإنساني؛ مما يفيد في صناعة الوعي والعقل الجمعي للأمة، وموسوعات الرد على شبهات المشككين.

ويضيف الشيخ عبد الناصر بليح، إمام وخطيب بالأوقاف، أنه يقرأ العديد من الكتب حتى يتسلح لمواجهة أي فكر متشدد أو متطرف، وحتي ننشر سماحة ووسطية الإسلام للعامة دون ترهيب ومنها: كتاب تحفة المستمع لخطب الأسرة والمجتمع، ووصايا الرسول للدكتور طه عفيفي، والمفيد في خطب الجمعة والعيد (المجموعة: الأولى + الثانية) موسوعة خطب مخرجة وموثقة وتحتوي بحوثا ومسائل فقهية وحديثية ولغوية، وديوان خُطب الجمعة وفقًا لتعاليم الإسلام، وغيرها من الكتب التي تحث علي صحيح الدين والفكر المعتدل.

ويرى الشيخ محمد عبد العظيم، إمام وخطيب بوزارة الأوقاف، أنه لابد للداعية أن يتسلح بالفكر المستنير حيث يقرأ في المقدمة الكتب الصحاح من السنة، وصحيح مسلم والبخاري، وسنن الترمذي وغيره من كتب السنة، كتب التفسير كابن كثير، كأشهر كتاب علي الساحة، وكتاب إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي.

وأضاف في تصريحات لـ" الدستور" أن الوزارة "سلمتنا كتبًا أثناء الدورات التدريبية والتخصصية، والكتب موجودة لمن أراد اقتناءها"، مشيرًا إلى أن الدورات تعقد باستمرار من قبل وزارة الأوقاف لكل الأئمة في جميع المجالات والتخصصات، حيث توجد إدارة كاملة للتدريب فيها فريق عمل متكامل لتدريب الأئمة، ويكون الاستعانة ببعض أساتذة جامعة الأزهر في مجالات مختلفة لتدريب الأئمة على بعض الخبرات التي تجعلهم دائمي الاتصال بالجمهور، وإيصال وسطية الإسلام إلي الجمهور دون تعصب للرأي أو شطط في التفكير.

ويوضح الشيخ ماجد همام، إمام وخطيب بالأوقاف، محافظة سوهاج، أن الداعية يحمل على عاتقه مهمة خطيرة، فهو يجاهد ويكابد من أجل البيان الأصيل لمعالم الإسلام ومفاهيمه، لا سيما ونحن نعيش الآن حالة من الفوضى الفكرية، "لذلك نقرأ كتب علمائنا الكبار لننهل من وسطيتهم وفكرهم المعتدل التي منها إحياء علوم الدين للغزالي، وتفسير ابن كثير والخطب المنبرية، وكتاب الظمآن لدروس الزمان، وقصص الأنبياء لابن كثير، وفقه السير للإمام الغزالي، وموسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة للدكتور محمد راتب النابلسي، ومجلة منبر الإسلام".

من جانبه، يؤكد إيهاب نافع، كاتب وباحث في شئون الحركات الإسلامية، أن إعادة تأهيل الدعاة والأئمة فكريا بمثابة خطوة جديدة على طريق المواجهة الفكرية للتطرف والإرهاب، لما يمثله ذلك من تمكين للداعية من أدواته العلمية بما يعينه أولا على فهم طبيعة رسالته، فضلا عن امتلاك القدرة على الأداء الجيد للدعوة التي تعد ركيزة كل جهد لتطوير الخطاب الديني.

ويتابع: أشد على يدي وزير الأوقاف لتكثيف مثل هذه البرامج المهمة التي من شأنها أن تعيد تقديم الدعاة بشكل عصري، مذكرا إياه بمشروع "كمبيوتر لكل داعية"، وأنه آن الأوان إن يكون شعار المرحلة "تابلت لكل داعية"، يغذّى بكل تلك الموسوعات العلمية التي يفتقر إليها كثير من شباب الدعاة، ما يسهل عى الإمام الحصول علي المعلومة دون تحميله عبئا ماديا.