رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أين قانون تجريم التمييز؟


أقرت تونس الشقيقة قانونًا لتجريم العنصرية والتمييز، وقدمت نفسها للعالم بصيغة أنها أول دولة عربية تقر قانونا بهذا المعنى، وأثار حديث هذا القانون لدىّ شجونا قديمة.
لقد شاركت فى لجنة الخمسين لصياغة الدستور المصرى، فى صياغة مادته ٥٣، التى نصت على تجريم التمييز، وتلزم البرلمان بإصدار قانون يجرمه، وينشئ مفوضية لهذا الغرض، لكن لم يحدث من ذلك كله شىء، ولا أحد يفهم السبب، فعلا لا أحد يفهم السبب!.
تقدمت النائبة المحترمة د. أنيسة حسونة، بمشروع قانون، فى دور الانعقاد البرلمانى الأول، لتجريم التمييز، كقانون مكمل للدستور الذى ينص فى مادته ٥٣ على تجريم التمييز لأى سبب، سواء اللون أو النوع أو العرق أو الدين أو العقيدة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى، أو لأى سبب آخر، وتنص المادة كذلك على اعتبار أن التمييز جريمة تستوجب العقاب، وتلزم المادة مجلس النواب بإنشاء مفوضية لهذا الغرض، الحقيقة أن هذا المشروع المقدم من النائبة، وكل المقترحات المقدمة فى هذا الشأن لم تناقش رغم انتهاء ثلاث دورات انعقاد من عمر البرلمان، واختفى المشروع فى ظروف غامضة رغم أنه استحقاق دستورى ملزم، المثير للدهشة أن النائبة صاحبة الاقتراح سيدة لها مكانتها المرموقة، ومعينة فى البرلمان بقرار من رئيس الجمهورية، وبالتالى ليست بكل تأكيد معادية للدولة مثلا!، فإذا كنا من وقت للآخر تتفجر فى وجوهنا أزمة طائفية، ومن المنيا إلى غيرها، فيجب أن ننتبه للخلل الذى ينخر فى جسد المجتمع، عبر ترديد أفكار التعصب والتطرف منذ الصغر. والتمييز على أساس الدين أو غيره جريمة يجب أن تتم معاقبة مرتكبها، خاصة إذا كان الأمر يبدأ منذ الطفولة فى المدارس، فالتربية السليمة منذ الصغر على أفكار التسامح وقبول الآخر والتعايش السلمى هى الحل الوحيد لمواجهة غول التطرف والتعصب، الأمر جد خطير ويستدعى تضافر كل الجهود لمحاربة هذه الأفكار المدمرة لأى مجتمع، صحيح أن محاربة التمييز لن تنجح فقط بإصدار القانون، لكن بكل تأكيد سيبقى القانون الرادع لفعل التمييز جزءا أساسيا من الحل، ولا يمكن أبدا التعايش فى مجتمع سوى يحترم بعضه بعضا بدونه.