رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحاسيس يوم الانتصار والكرامة


-سأظل كلما جاءت ذكرى حرب أكتوبر من كل عام أكتب عنها لأعبر عن مشاعرى الجارفة والحية تجاهها ولأكتب لمن لم يعايشوا هذا اليوم

أن تحس بالانتصار بعد معاناة.. وبكرامة بعد مرارة.. وبفخر بعد انكسار.. وبوطنك شامخًا بعد نكسة أليمة.. أن تحس برد اعتبار مصريتك وبانتهاء الهزيمة وبانبثاق الفجر بعد ظلمة.. وبانقشاع الضباب بعد جثمانه على سمائك.. وباسترداد الأرض بعد احتلالها.. وبفرحة بعد حزن دفين.. أن تحس بعبور المستحيل بعد الترويج باستحالة ذلك.. أن تحس بالنصر على العدو بعد نكسة مدوية.. أن تحس بأنه قد آن أوان استعادة المكانة والريادة والعزة والمجد.. أن تذرف من عينيك دموع نصرة أكيدة.. أن تحس بأن جيش مصر عظيم وصامد، وأن قيادة بلدك قد اتخذت أشجع قرار.
كل هذه الأحاسيس تجمعت فجأة.. وفى لحظة واحدة هى لحظة عبور القوات المصرية خط بارليف المنيع بقرار شجاع من الرئيس الراحل أنور السادات فى تمام الساعة الثانية من ظهر يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣، العاشر من شهر رمضان المبارك.
كل هذه الأحاسيس عادت إلىّ حية وقوية ومدوية بداخل قلبى كأنها بالأمس القريب مع احتفال مصر بمرور ٤٥ عامًا على انتصار القوات المسلحة المصرية فى حرب أكتوبر ١٩٧٣.. إنه يوم من أعظم أيام مصر، ورغم أننى كنت ما زلت فى سن صغيرة إلا أننى لا أنسى هذا اليوم أبدًا، بل أتذكره كلما مرت بمصر صعوبات أو محن أو مؤامرات فأحس بأن مصر محمية ببركة من العلى القدير، وأتذكر فورا الآية القرآنية التى تثلج صدرى وتهدئ من نفسى دائًَا «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».
وسأظل كلما جاءت ذكرى حرب أكتوبر من كل عام أكتب عنها لأعبر عن مشاعرى الجارفة والحية تجاهها ولأكتب لمن لم يعايشوا هذا اليوم لكى يحسوا بما أحسسته، خاصة الشباب الذين لم يعايشوا أو يعانوا ما قبلها ولم يذوقوا فرحة ما حدث بعدها. الغريب أننى فى كل مرة تنساب كلمات جديدة ويأخذنى القلم إلى حيث يشاء متدفقًا للتعبير عن هذا اليوم الذى أعتبره من أعظم أيام انتصارات مصر.. مثلما أعتبر أن ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ من أعظم أيام انتصارات مصر أيضًا.. فيوم العبور فى ٧٣ كان يوم الانتصار على العدو الإسرائيلى بغطرسته وصلفه وخططه وغروره وحلفائه.. أما يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٣، فكان أيضًا يوم الانتصار على العدو الظلامى بتخلفه وعنفه وخططه وحلفائه، كان العبور الأول لاسترداد الأرض والعِرض، وكان العبور الثانى لاسترداد الأرض والعِرض أيضًا.
فى هذا اليوم الاستثنائى من تاريخنا العريق أتذكر صفحات خالدة من البطولات سجلها أبطال الجيش المصرى فى هذه الحرب المجيدة وما بذلوه من تضحيات وما أظهروه للعالم من شجاعة وإقدام واستبسال وتخطيط وتنفيذ وتمويه قبلها، حتى إن حرب أكتوبر تُدرس الآن فى الجامعات العالمية.. ونتذكر أيضًا بكل الاحترام والتقدير صاحب قرار العبور الذى أدى إلى الوصول للسلام الدائم، وأقصد به الرئيس أنور السادات. والغريب أيضًا أن صاحب القرار التاريخى بالعبور إلى الضفة الأخرى لقناة السويس استشهد فى يوم انتصاره على يد عملاء الداخل الذين ما زال أتباعهم يسعون لتدمير الوطن وإضعافه، وما زالوا يواصلون خططهم الشيطانية مع حلفائهم ضد الأرض والعِرض.. وما زال أبطالنا من الجيش المصرى يدافعون عن الأرض والعِرض ويستشهد منهم أبطال فى عز الشباب فى كل يوم، وما زالت تضحياتهم تتواصل من أجل الخلاص من أعدائنا بكل أشكالهم وأحجامهم وخططهم.
فتحية لكل بطل من الجيش المصرى الباسل ممن استشهدوا فى حرب ٦ أكتوبر٧٣، وتحية لكل من شارك وخطط ورفع العلم المصرى على الأرض المصرية المباركة، وتحية لكل بطل من الجيش المصرى الباسل ممن يستشهدون فى حربنا ضد الإرهاب الأسود، وتحية لكل من يشارك ويخطط ويحافظ على العلم المصرى خفّاقًا على أرضنا، وتحية لكل أسرة شهيد شارك أو يشارك من أجل انتصار مصر وكرامة مصر وعزة مصر.. فى هذا اليوم لا ننسى قرار عبور أنور السادات فى أكتوبر١٩٧٣ لاسترداد كرامة الشعب المصرى، ولا ننسى قرار العبور الثانى للوقوف مع ثورة الشعب واسترداد كرامته فى يونيو ٢٠١٣ الذى اتخذه الرئيس عبدالفتاح السيسى، فكلاهما اتخذ قرارًا شجاعًا بإنقاذ شعب مصر العريق من أعدائه المتآمرين.. ولا تزال الخطط ضد مصر العظيمة مستمرة، وما زال شعب مصر العريق يواجه ويصبر ويصمد فى أصعب الحروب ضد الإرهاب ومعه ويحميه جيش النصر العظيم.. وفى تقديرى أننا مع كل عام جديد ستتكشف لنا أسرار وبطولات مصرية جديدة حول انتصار أكتوبر المجيد، وسأظل أكتب عنها دائمًا وأبدًا إن شاء الله.