رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد مختار جمعة يكتب: نحن نراكم

محمد مختار جمعة
محمد مختار جمعة

-لا يظنن أحد أن المعركة قد انتهت أو أن المواجهة قد حسمت لأن نفوس الشر لا تهدأ وهناك من يدعمها ويستخدمها ويمولها ويحركها

كان نبينا، صلى الله عليه وسلم، أفصح الناس، وأبلغ الناس، ويعدون من عظيم بلاغته، صلى الله عليه وسلم، أحاديثه التى جرت مجرى الحكمة أو المثل، كقوله، صلى الله عليه وسلم: «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين»، وهكذا كان صحبه الكرام، رضوان الله عليهم، فكان سيدنا عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، يقول: «لست بالخب ولا الخب يخدعنى»، ويروى عن المغيرة بن شعبة، رضى الله عنه، أنه كان من دهاة العرب، وكان يقول: «لولا الإسلام لمكرت مكرًا لا تطيقه جزيرة العرب».
يجب أن نأخذ من دروس الماضى ما نبنى عليه الحاضر وننطلق به فى المستقبل، وأن نتذكر التاريخ الأسود للجماعات المتطرفة، وفى مقدمتها رأس الأفعى «جماعة الإخوان الإرهابية» التى احترفت العمل السرى متجاوزة إياه إلى التَّقيِة والنفاق، بل إن بعض أعضائها طبع على ذلك لدرجة يصعب على كثيرين تمييزها، على حد قوله تعالى فى شأن بعض المنافقين: «وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِــيمٍ».
وإذا كنا نؤكد أن الإرهاب لا يمكن أن يعمل إلا فى ضوء حواضن تحتضنه، وتؤويه، وتنميه، وتوفر له المناخ الآمن، فإن عناصر الجماعة الإرهابية لا يمكن أن تتسلل إلى المؤسسات إلا من خلال خلايا نائمة أو متعاطفة تهيئ لها ذلك وتساعدها عليه وتمكن لها فيه، وإن الأمر لجد خطير، وليس الحل فى ترحيل المشكلات وتأجيل المواجهة إلى آماد غير محدودة حتى يستفحل شر هؤلاء ويشتد عضدهم، ويشكلوا ما يشبه اللوبى أو المافيا داخل بعض مؤسسات الدولة بصورة يخشى معها شرهم ومكرهم، وبحيث يتحولون مع الوقت من مخادعين أو منافقين أو متسللين إلى مافيا يتقرب إليها الضعفاء والباحثون عن المصالح والمنافع، ولا سيما أن القيادات والعناصر الإخوانية لا دين لها، ولا خلق، ولا أمانة، ولا وطنية، فهى تغدق على الموالين لها وتستخدم أقصى درجات المنع والحرمان والإقصاء للمخالفين أو المعارضين أو حتى غير الموالين لإخضاعهم وكسر إرادتهم.
وإذا تُرك بعض الناس وحالهم دون دعم فإن المراهنة على قوتهم وصلابتهم مراهنة خاطئة وغير مضمونة العواقب أو النتائج، ففى كل يوم نتردد فيه فى القضاء على تسلط العناصر الإخوانية ومن يواليها أو يمكنها من رقاب بعض الخلق نخسر مساحات واسعة من الأرض التى يجب أن نتحرك عليها والسواد الأعظم الذى نراهن على وطنيته.
نحن فى حاجة إلى تحرك سريع وحاسم وبتار وغير هياب ولا متوجس فى جميع المجالات والاتجاهات، وفى جميع المؤسسات لقطع أذرع الجماعات الإرهابية وتجريدها من أى مصادر قوة، دفعًا لخطرها الداهم وشرها المستطير.
لقد حاولت تلك الجماعات الإرهابية المتطرفة سابقًا التسلل عبر بعض الجمعيات والنقابات والمؤسسات حتى صار أعضاؤها نافذين فيها، ومسيطرين على كثير منها، مما عرّض الوطن لخطر جم، دفعه الله عنا بفضله وكرمه، ثم بفضل قائد شجاع جسور هو سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومن خلفه قواتنا المسلحة الباسلة، التى ما زالت وستظل تسطر ملاحم البطولة والفداء والوطنية، وفيَّة على العهد فى مواجهة قوى الإرهاب والشر، ومعها رجال الشرطة الأوفياء، وكل كاتب أو إعلامى أو وطنى غيور على وطنه.
ولا يظنن أحد أن المعركة قد انتهت، أو أن المواجهة قد حسمت، لأن نفوس الشر لا تهدأ، وهناك من يدعمها ويستخدمها ويمولها ويحركها، وما لم نتحل باليقظة والشجاعة والحسم فإن الأمر لجد خطير، ولقد تحدثت فى أكثر من مقال سابق عن مخاطر المترددين، وأكدت أنه من المحزن فى هذه المرحلة الفارقة فى تاريخ وطننا وأمتنا، والتى تقتضى منا جميعًا أن نقف وقفة رجل واحد فى مواجهة الإرهاب وقوى الشر والظلام- أن يتردد البعض فى حسم هذه المواجهة التى تقتضى أكثر درجات الحسم، إذ إن بعض الناس ما زالوا مخدوعين أو مترددين فى وقت نحتاج أن نذود فيه بشجاعة عن حمى الوطن الذى هو القلب النابض للعروبة والإسلام، وصمام الأمان لأمتنا العربية، وعمود خيمتها، بل هو رأس الحربة فى مواجهة الإرهاب وكف شره عن الإنسانية.
على أن هناك أيضًا من يراهن على الحصان الخاسر، ويتوجس من الوهم، ويخشى أن تدور الأيام إلى الخلف، فلا تجد لهم موقفًا واضحًا، وهناك من هو على استعداد لأن يتحالف مع العنف والإرهاب ومن تبنوا العنف والإرهاب مسلكًا، أو مع بقايا الفصائل المتشددة أو الإرهابية، أو ما يعرف بالخلايا النائمة لها، دون تقدير للمصلحة الوطنية، ونقول لهؤلاء جميعًا: أفيقوا، ولا تترددوا، وأدركوا الواقع، فإما أن نكون أو لا نكون، أما إمساك العصا من المنتصف فذلك عصر قد ولّى إلى غير رجعة، ونقول لهم: «نحن نراكم».