رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بشير مفتي: الأدب هو مقاومة الحياة لعناصر الظلام التي تحاصرنا

جريدة الدستور

صدرت حديثا عن منشورات ضفاف والاختلاف، رواية "اختلاط المواسم أو وليمة القتلى الكبرى" للكاتب الجزائري بشير مفتي الذي أوضح أن "وليمة القتلى الكبرى" رواية عن الجزائر اليوم، جزائر بملامح مضببة وغائمة، خارجة من حرب أهلية عنيفة، وتحاول أن تتقدم إلى الأمام وهي تحمل خدوش وجروح ماضيها المأساوي الذي لا تستطيع منه الفكاك، وهي تطرح سؤال الحياة والموت، ومأزق الخلاص الفردي المستحيل، متاهة مجتمع تحكمه قوى غامضة ومظلمة، وتسير به إلى مزيد من الانحلال والتفكك، مزيد من القلق والريبة التي تنعكس على شخصيات الرواية وحياتهم وأقدارهم وتلونهم بسوادها المخيف.

وتابع "مفتي" في تصريحات خاصة لـ"الدستور": حاولت أن أقتفي فيها سير بعض الشخصيات المثقفة والتي تتقاطع بينها في تيمة الحب والكراهية والنضال ضد التفسخ العام الذي يعرفه المجتمع، والعجز عن تغيير الواقع سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، وأهم شخصية محورية في الرواية هي "القاتل" الذي لم أحدد له اسما في النص، إنه يعبر عن الحالة الأعنف في المجتمع اليوم، القاتل الذي يمارس القتل بلذة شبقية قصوى، الذي يعتقد أن القتل ضرورة حياتية، ويجد له ما يبرره في وجوده، في البداية يجد فرصته النادرة سنوات الحرب الأهلية ليعيش عصره الذهبي، ثم تأتي مرحلة السلم فيتحول إلى قاتل مرتزق، لصالح جهة تدفعه ليقتل لتحقيق مكاسب مادية، غير أن ما كان يهمه هو بالدرجة الأولى لا المال ولا المجد، فتحقيق وجوده يمر عبر ممارسة القتل لذاته، لأنه الوحيد الذي يجعله سعيدًا ومنسجمًا مع نفسه، حتى يلتقي بامرأة اسمها سميرة قطاش التي تحدث بداخله بعض البلبلة، وبسببها يحدث التقاطع مع باقي الشخصيات.

وأوضح مؤكدا: كان صعبا حقا الدخول في عقل قاتل قريب من "قاتل السلاسل"، لأنه كان يعني محاولة تبرير جرائم لا تبرر، لكن شعرت أنها شخصية معبرة عن لحظة تراجيدية عنيفة نتحسسها داخليا، فالقتل حاضر في حياتنا اليومية، بل هو الخبز اليومي الذي تنقله الجرائد والقنوات وحتى أحاديث الناس، نحن نعيش في عالم صار مقسما بين قاتل ومقتول، خاصة في عالمنا العربي حيث القتل يشبه لعبة يتسلى بها أطفال غير راشدين.

وأضاف: اعترف بأنها رواية متشائمة وحتى سوداوية، ورواياتي عادة ما يغلب عليها التشاؤم والإحساس أن الأمل شبه معدوم، ولكنني مقتنع بقوة الأدب، وسحره، ودوره في أنه يخرجنا من السلبية، من التخاذل وحتى الضعف، ويقوي فينا مشاعر إنسانية نبيلة، ومن هذا الباب الأدب هو مقاومة الحياة لكل عناصر الظلام التي تحاصرنا وتمنعنا أن نحب، أن نعيش، وأن نحلم.