رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحضانة والطلاق.. تحديات تواجه مشروع قانون الأزهر للأحوال الشخصية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يعد قانون الأحوال الشخصية من أكثر القوانين التى تنال اهتمام جمهور المواطنين من كافة الشرائح والفئات، كونه يخاطب جميع الأشخاص بدون استثناء، ونظرًا لأهمية تلك المنصة القانونية المعنية بتنظيم حياة الأفراد، وجهت الكثير من الهيئات، خاصة المراكز الحقوقية للمرأة والطفل، العديد من السهام والهجوم على القانون الحالى، واصفين إياه بأنه يقف وراء تنامي المشاكل والخلافات الزوجية، التى ملأت أروقة المحاكم باختلاف درجاتها.

وفى نوع من الترقب الشديد، استقبلت المؤسسات إعلان الأزهر الشريف العمل على إعداد مقترح بقانون يتضمن إدخال الكثير من التعديلات على قانون الأحوال الشخصية، من باب تفادي المشكلات الناجمة عن القانون الحالى.

أعضاء اللجنة
وبحسب ما أعلنته مؤسسة الأزهر الشريف، أصدر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قرارًا بتشكيل اللجنة في 18 أكتوبر 2017، على أن تضم الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، والدكتور عباس شومان وكيل الأزهر السابق، والمستشار محمد الدكروري الخبير القانوني نائب رئيس مجلس الدولة سابقًا، والدكتور نصر فريد واصل عضو هيئة كبار العلماء، والدكتور محمد كمال إمام أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية، والدكتورعبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور محمد نبيل غنايم أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، ومحمد عبد السلام المستشار التشريعي والقانوني لشيخ الأزهر.

وشملت عضوية اللجنة، المستشار وليد صديق ممثلًا عن وزارة العدل، والمستشارة أمل عمار ممثلة عن المجلس القومي للمرأة، كما يعاون اللجنة في عملها أمانة فنية تضم نخبة من أساتذة القانون والخبراء المتخصصين.

أكثر من 30 اجتماعًا للجنة حتى الآن
وعقدت اللجنة، منذ بدء عملها في أكتوبر 2017، أكثر من 30 اجتماعًا، انتهت خلالها من صياغة العديد من مواد القانون، على أن تتم إحالة نصوص القانون عقب الانتهاء من صياغتها إلى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف لمراجعتها وإقرارها، ليأخذ مشروع القانون بعد ذلك مساره القانوني، وفقًا للإجراءات المنظمة لذلك.

وتستهدف اللجنة إعداد مقترح بقانون لتعديل بعض أحكام القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية؛ لضمان توسيع نطاق الحفاظ على حقوق الأسرة، ومصلحة الطفل وحمايته والوصول لآلية محكمة لتنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بقضايا الأسرة، ومراعاة تقديم نفقة عادلة للمرأة فى حال وقوع الطلاق، وضبط الحقوق والواجبات المترتبة على الطلاق، وكذلك الأحكام المتعلقة بقضايا عدة مثل: مقدمات الزواج والخطبة، وأركان الزواج وشروط العقد، والأهلية والولاية، وأحكام النفقة والمسكن والطاعة، والطلاق والفسخ والخلع والنسب والرضاع والحضانة والرؤية والوصاية.

النفقة والحضانة والطلاق.. تحديات أمام اللجنة
تعد قضية النفقة والحضانة والطلاق من أبرز التحديات التى تواجه عمل اللجنة، خاصة وأن هناك الكثير من الشكاوي داخل محاكم الأسرة لدى قطاع عريض من النساء، بأن القانون الحالي لا يعطى للمرأة حقوقها فيما يتعلق بالنفقة والحضانة، فبعض الأزواج ليس لديهم رواتب ثابتة، ويمارسون أعمالًا حرة، الأمر الذى يتعذر معه تقييم الدخل الحقيقي للزوج، وبالتالى لا تحصل المرأة على النفقة المناسبة.

كما سجلت مسألة الطلاق مرتبة كبرى فى مقدمة المشاكل التى تنجم عن القانون الحالي، خصوصًا الحالات التى يرفض فيها الزوج توثيق طلاقه، رغم قيامه بتطليق زوجته شفويًا، وبالتالى تصبح الزوجة فى حكم الشرع مطلقة، وفى نظر القانون غير مطلقة، وليس بوسعها أن تطالب بحقوقها كمطلقة.

وتحتل قضية زواج القاصرات مكانها في قائمة التحديات التى تواجه عمل اللجنة، خاصة أن مصر احتلت المراكز الأولى فى ظاهرة الزواج المبكر، فيما خلت التشريعات المنظمة لمسألة الزواج من عقوبات رادعة للقائمين على ظاهرة الزواج المبكر، أو زواج القاصرات، فضلًا عن مشاكل الحضانة، خاصة فى الحالات التى تتزوج فيها المطلقة بزوج آخر، وتذهب الحضانة للأم أو الأب، وفى المقابل تكون الحضانة للأب فى أضيق الحدود، وغيرها من المشاكل التى باتت تعانى منها الأسرة المصرية بشكل واضح، جراء القانون الحالي، خاصة وأن كافة شرائح المجتمع تعول على تلك المقترحات كطوق نجاة لهم ولمشاكلهم الناجمة عن القانون الحالى.

اللجنة لا تعمل بمعيار واحد
قال الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وعضو لجنة صياغة مقترحى تعديل قانون الأحوال الشخصية، إن هموم المواطنين ومشاكلهم من القانون الحالي يعد معيار عمل اللجنة، مؤكدًا أن أعضاء اللجنة ووفقا لتعليمات الدكتور أحمد الطيب المباشرة للجنة معنية فى المقام الأول بإزاحة كافة العقبات الموجودة فى القانون الحالي أمام حصول جميع الأطراف على حقوقهم، وفى مقدمتهم المرأة والطفل، بما يتماشي مع الشرع الحنيف ومستجدات الواقع.

وأكد على أن اللجنة لا تعمل بمعيار إنصاف طرف على الآخر، بقدر ما تحاول الحفاظ على كيان الأسرة بشكل عام، وجلب جميع الحقوق لأصحابها، لافتًا إلى أن المقترحات فى المقام الأول تستهدف معالجة مسائل النفقة والطلاق والحضانة، ومن أجلل هذا الهدف دُشنت اللجنة، وتعمل على قدم وساق وبكامل أعضائها من أجل هذه الرسالة.

وتابع: أن قضية النفقة تعد من أولويات مهام عمل اللجنة، خاصة وأن النفقة فى الغالب ما تكون مصدر دخل المطلقة فى استكمال مسيرة الحياة، وبالتالى ستراعي تلك التعديلات النفقة وشروط استحقاقها، وكافة ضوابطها، وسرعة تنفيذ الأحكام، وحصول المطلقة على نفقتها المشروعة شرعًا وقانونًا.

وأضاف النجار، في تصريحات له، أن اللجنة لم تنتهِ بعد من صياغة مواد القانوت المقترح بشكله النهائي، وأنه حيال حدوث التوافق على المواد، وصياغتها بشكل نهائي يتماشي بين الشرع والقانون ومستجدات الواقع، ستطرحه اللجنة إلى هيئة كبار العلماء، لمناقشته وإبداء الآراء عليه، ثم ينال المقترح المسار القانونى المتفق عليه والمعمول به قانونيًا ودستوريًا فى مسارات القوانين محل الاقتراح والنقاش، منوها إلى أن ما يميز مهام عمل اللجنة أنها تضم كافة الخبرات من شتى التخصصات وليست قاصرة على رجال الدين فحسب، حتى يخرج القانون شاملًا ومتكاملًا.

ولفت النجار إلى أن اللجنة تستهدف وضع حلول نهائية لمشاكل الأسرة، والمعاناة الناجمة لدى البعض حيال ذلك القانون برمته الحالية، وذلك من خلال الوقوف على كافة المشاكل التى يحتويه القانون الحالي وإيجاد بدائل تشريعية تقضي على تلك المشاكل بشكل قانونى وشرعى، ويلبي احتياجات المجتمع من بناء أسرة قوية قادرة على تخريج نشء يستطيع مواجهة التحديات ولديه القدرة على العطاء.

خطوة متميزة
وقال الدكتور مختار مرزوق، عميد كلية أصول الدين الأسبق بأسيوط، جامعة الأزهر، ما سمعناه عن تعديل قوانين الأحوال الشخصية التي صدرت خلال الـ 40 عامًا الماضية هذا يعتبر أمرًا يدعو إلى التفاؤل، وذلك لأن القوانين التي وضعت في الفترة السابقة جانبها الكثير من عدم التوفيق، وهناك الآن من يريد أن يؤخر مسألة الفرق بين الرجل والمرأة في ذلك وقد أعطوا للمرأة كثيرًا من الأشياء التي تمادت بسببها في الكيل للرجل في مسائل الطلاق والرؤية، وإلي غير ذلك، مما أدي إلي خراب الكثير من البيوت.

وتابع: وهؤلاء حتي إن اعتمدوا علي بعض الأقوال فأنها أقوال ضعيفة، والدليل علي ذلك أن كثيرًا من الأزهريين يريد الآن تعديل تلك القوانين إلي قوانين عادلة، وهذه خطوة متميزة وتحسب للأزهر الشريف، حتي تحفظ للرجل كرامته وتحافظ علي حق المرأة والأولاد ولا تجور علي طرف مقابل طرف آخر.

وأضاف مرزوق، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن القوانين التي صدرت خلال الـ 40 عامًا الماضية خرجت نتيجة لضغوط سياسية وهي قوانين أصابها العوار، والدليل علي ذلك ما نراه في ساحات المحاكم، فهناك كثير من الأزواج يريدون رؤية أولادهم وتتمعن المرأة في عدم تحقيق ذلك، وكذلك تمعن في طلب الطلاق إذا كان لها أولاد.

ولفت مرزوق إلى أن الرواية المصرية الشهيرة "الشقة من حق الزوجة" عبرت عن ذلك، وتنتقد نقدًا بناءً تلك القوانين التي صدرت في هذه الفترة.

وأشار مرزوق إلي أن القوانين الجديدة، التي يعمل الأزهر الآن على تعديلها، إذا روعي فيها الأخذ بالأقوال الفقهية القوية، أو بأقوال الجمهور والأقوال التي تحافظ علي كرامة الزوج والزوجة دون أن يكون هناك جور من طرف علي طرف، فإن ذلك سيؤدي إلي نجاحها وتقنين مشاكل الطلاق، واستقرار الحياة الزوجية.