رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حيثيات حكم «الجنايات» فى قضية فض اعتصام رابعة: الإخوان خوارج العصر

جريدة الدستور

المحكمة ناشدت الدولة سرعة معالجة ظاهرة البطالة والاهتمام بأطفال الشوارع
«جنايات القاهرة»: على الدولة أن تحجب المواقع الإلكترونية التى تنشر الأفكار المتطرفة
القضاء على الإرهاب يتم عبر الارتقاء بالثقافة والتنوير ورفع الحالة الاجتماعية
الخطاب الدينى المتطرف يفرخ إرهابًا رغم أنف المجتمع

أودعت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار حسن فريد، أمس، حيثيات حكمها على مرشد الإخوان، محمد بديع، و٧٣٨ متهمًا فى قضية «فض اعتصام رابعة المسلح»، حيث تراوحت الأحكام فيها بين الإعدام شنقًا والسجن المؤبد والسجن المشدد.
كانت المحكمة قد أصدرت حكمها فى هذه القضية فى الثامن من سبتمبر الماضى، وقضت بإجماع الآراء وعقب استطلاع رأى مفتى الديار المصرية بمعاقبة ٧٥ متهمًا بالإعدام شنقًا، و٤٧ بالسجن المؤبد، و٣٤٧ بالسجن المشدد ١٥ سنة، ومعاقبة متهم واحد بالسجن المشدد ١٠ سنوات، و٢٢ حدثًا بالسجن ١٠ سنوات، ومعاقبة ٢١٥ متهمًا بالسجن المشدد ٥ سنوات.
كما ألزمت المحكمة المتهمين برد قيمة الأشياء التى خربوها، باستثناء المتهمين الأحداث، وحرمانهم من إدارة أموالهم وأملاكهم والتصرف فيها، وعزل المحكوم عليهم من وظائفهم الأميرية ووضع المحكوم عليهم تحت مراقبة الشرطة مدة ٥ سنوات.
وتضنت الحيثيات- التى جاءت فى ١٤٤٥ صفحة تضم ثلاثة أجزاء- مجريات القضية من تحقيقات وأقوال الشهود وبعض من إقرارات المتهمين بجرائم، والأحراز والمضبوطات، وتقارير الأدلة الجنائية، فضلًا عن عدد من التقارير الدولية التى تناولت الاعتصام المسلح، بالإضافة إلى مرافعات النيابة العامة وهيئة الدفاع عن المتهمين.

عناصر الجماعة لا يعقلون شيئًا لاتباعهم أفكار سيد قطب الذى يكفّر المجتمع ويستبيح قتال المسلمين

قالت المحكمة فى حيثياتها: «إن جماعة الإخوان المسلمين هو تنظيم سرى بدأ قبل منتصف القرن الماضى فى عام ١٩٢٨، إلا أنها كشفت عن وجهها القبيح على مدى ٩٠ عامًا تقريبًا تبث سمومها بالعمل السرى والتحريض العام ضد الدولة- وهو عمر الجماعة الإرهابية- ارتكبت خلالها العنف والتحايل واستغلال الفرص والاغتيالات ونشر الفوضى وإشاعة الخوف بين صفوف الشعب المصرى، ومحاولتها الدءوبة الإيقاع بين الشرطة والجيش والشعب، واستخدام الفكر الدينى المتطرف فى تشجيع الموالين والمناصرين والمؤيدين لها على حمل السلاح، والتصدى لقوات الشرطة تحت الفكر الجهادى والتكفيرى، فضلًا عن منهج جماعة الإخوان فى ترسيخ فكرة الظهور كضحايا واستغلال ذلك فى ترويج قضاياها فى الأوساط والمحافل الدولية».
وأكدت المحكمة أنه رغم تلك الأحداث إلا أنها تزيد الشعب المصرى قوة وتماسكًا وتزيده صلابة راسخة بدولته وتزيده إصرارًا وعزمًا بجيشه وشرطته، لافتة إلى أن الإخوان لا يريدون لمصر ازدهارًا وتقدمًا فهم أعداء النجاح، يشعرون بنشوة انتصار زائف بهمجية وبنشر الخراب وجلب الكوارث- من خلال إصرارهم على الباطل- قال الله تعالى «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ»، النحل (١٢٥).
وشددت المحكمة على أن التطرف الدينـى حتمًا سيولد بلا ريـب إرهابًا وإسـالة الدماء ويسقط كل أقنعة السياسة القبيحة عن وجه المتطرفين ضعاف النفوس- خوارج هذا العصر- خفافيش الظلام، الذين يقومون بحملات ممنهجة دون إدراك بالتلاعب بأمن هذا الوطن باستهدافهم قوات الشرطة المصرية وغيرهم، وتفجيرهم المنشآت العامة الهدف منه سقوط الدولة وهدم الحضارة الإنسانية من قبل الجماعات والتنظيمات الإرهابية والفكر المتشدد، إلا أن العمليات الخسيسة لجماعة الإخوان سالفة الذكر تزيد الشعب المصرى تماسكًا وإصرارًا بعزيمة بقيادته السياسية وولائه ودعمه لجيشه وشرطته ولقضائه والتمسك بدولته.
وقالت المحكمة فى حيثياتها: «نحن فى حرب فكرية ضد المتطرفين سفاكى الدماء البريئة التى تراق، والأرواح المظلـومة التـى تزهق من قبل هؤلاء المنافقين المـتطرفين الذين يظهرون خلاف ما يبطنون، ظنًا منهم النيل من الدولة المصرية، وينبئ كثيرًا عن غايتهم الحقيقية فى إسقاط البلاد إلى الهاوية».
وأضافت المحكمة: «إن تاريخ (الجماعة الإرهابية) بات ينهار وإنها فى حالة احتضار وهو ما دفعها لاستقطاب الشباب لزعزعة عقيدتهم وتضليلهم وزعزعة نفوسهم، ودست عليهم حلاوة القول المغلوط وأفكارها المتطرفة ودست سمومها بالجهل والتطرف والفهم المنحرف، مستغلة ما لمسته فيهم بالتسليم بما يقولون والثقة فيما يصنعون والطاعة لما يؤمرون للإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى».
ولفتت إلى أنهم «يصفون كل من طالب بإقصاء رئيسهم بالخونة والكافرين.. فأولئك كان آباؤهم لا يعقلون شيئًا ولا يهتدون، ضلالة لاتباعهم أفكار سيدهم (سيد قطب) الذى يجهل الدين ويكفّر المجتمع ويستبح قتال المسلمين بدعوة عدم تطبيق الشريعة وخالف إجماع الأئمة وأهل العلم.. تلك هى عقيدتهم هم بها مقتنعون لتقديم صور مفزعة ومروعة من قتل وتخريب وحرق وإبادة.. إلا أنهم لم ينجحوا فأرض الكنانة قوية آمنة من عند الله فقال تعالى: (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين)، (يوسف ٩٩)».

مصر تتعرض لإرهاب عالمى وإقليمى تقف وراءه دول وتنظيمات تمويلًا وتدريبًا

أكدت المحكمة أن الإرهاب الذى تتعرض له مصر، هو إرهاب عالمى وإقليمى تقف من ورائه دول وتنظيمات، تمويلًا وتدريبًا، وتتخذ من الدين الإسلامى الحنيف ستارًا لأفعالها المرفوضة والملفوظة والتى لا سند لها فى صحيح الدين الإسلامى.
وأضافت أن تلك الدول التى تقوم على تمويل وتدريب الإرهابيين، تعمل أيضًا على تجنيد الشباب فى تلك التنظيمات الإرهابية من خلال وسائل إعلامها ومواقع إلكترونية تستخدمها كمنصات لنشر الفكر الإرهابى، مؤكدة أن الحرب التى تخوضها الدولة المصرية ضد الإرهاب ستنجح فى ظل الاستراتيجية الشاملة التى وضعتها الدولة لحصار الإرهاب وضرب جذوره واقتلاعه والقضاء عليه.
وناشدت المحكمة من خلال حيثيات الحكم، رجال الدين الإسلامى والمسيحى بعدم ترك الشباب فريسة للجهل، وذلك باستغلال الجماعات المتطرفة والقوة الرجعية حماس الشباب بسبب فقرهم وجهلهم بدينهم، وذلك بسرعة القيام بواجبهم الوطنى بكل همة وأن يتحركوا بصورة مكثفة وسريعة تتناسب مع تطورات العصر بسبب التقدم السريع والمتواصل فى وسائل تداول المعلومات ووجود مواقع التواصل الاجتماعى.
وأوضحت المحكمة أن الأفكار المتطرفة تنتشر وتتحرك بسرعة بسبب تلك المواقع (التواصل الاجتماعى وغيرها) فإن أوزار المجتمع تنهار بسبب الخلل الثقافى الذى تربى عليه (الشباب)، ولا بد على الدولة المصرية أن تحكم سيطرتها على تلك المواقع التى تدعو إلى الإرهاب وتحجبها عن التداول حفاظًا على الأمن القومى المصرى، ومما زاد من جمعهم فى رابعة (الجماعات الإرهابية) من أطفال الشوارع والعاطلين وانتشار ظاهرة البطالة والنساء والشيوخ والباعة الجائلين، فقد تباينت أهدافهم مما صادف أهواءهم ما بين الحصول على جعل مادى مما يوزعونه أو إعاشة مما يقدمونه أو مأوى مما يوفرونه.
كما ناشدت المحكمة الدولة المصرية بسرعة معالجة هذه الظاهرة (البطالة) لتفاقمها فى الآونة الأخيرة والقضاء عليها، وبضرورة الاهتمام بأطفال الشوارع وبذل العناية اللازمة لتأهيلهم وإعدادهم لكى ينخرطوا داخل المجتمع، والاستفادة منهم كقوة بشرية منتجة فى المجتمع.. وفى كلِّ الأحوال فإنه من الأهمية بمكانٍ أن تقومَ الدولة المصرية بتركيز جهودها واهتماماتها بهؤلاء الأطفال صحيًّا وبدنيًّا، وتأهيلهم نفسيًا بتعاليم دينهم، ويجب الاهتمام بعقلهم ووجدانهم، من خلال كلِّ السبُل المتاحة شفاهةً أو كتابة، مع توجيه الإعلام المسموع والمرئىِّ لما فيه خير الطِّفل فى حاضره ومُستَقبله، فهم جيل المستقبل أو الخطر الداهم.
وأكدت المحكمة أن هؤلاء الأطفال، شباب المستقبل، يمكن الاعتماد عليهم وبذلك سوف يختفى الخطر الذى يسببه الأطفال من السرقة والانحراف والإجرام والتشرد ونقمتهم على المجتمع، ومنع المنظمات الإرهابية من استقطابهم، بل إنهم سوف يقومون بمساعدة الآخرين، وهم أيضًا يقومون بمنع تشرد الأطفال وبذلك نصبح دولة متقدمة بشبابها وأطفالها ولا يشوبها أى نوع من أنواع العنف والجهل والإجرام والأمراض، بل سنصبح دولة من أكثر دول العالم تقدمًا، بدلًا من اجتذابهم واستقطابهم بمعرفة الجماعات والتنظيمات الإرهابية وانتشار ظاهرة الإرهاب، وذلك بإدخال الأفكار الشاذة والمتطرفة وفقًا لفهمهم غير الصحيح لتعاليم الدين الإسلامى السمحة، وكأداة لضرب الدولة المصرية.
وشددت المحكمة على أن القضاء على الإرهاب يتم بالرقى بالثقافة والتنوير ورفع الحالة الاجتماعية للمجتمع وتحسين الظروف المعيشية وتغيير الخطاب الدينى المتطرف الذى يفرخ إرهابًا رغم أنف المجتمع، وتقديم إعلام واعٍ يعالج الفكر والوعى وحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التى تشكل البيئة الحاضنه للإرهاب.

مرسى تعاون مع الإرهابيين وجمع حوله من يتمتعون بالسمع والطاعة لإدارة البلاد وأقصى الآخرين

ذكرت المحكمة «أنه وبعد ثورة ٢٥ يناير، الحلم المستحيل تحقق بالفعل، ووصل أحد أعضاء الجماعة، محمد مرسى، إلى الحكم، بعد أن كان مسجونًا فى آخر أيام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وفوضهم الشـعب المـصرى لحـكم البلاد تحت ستار الدين، إلا أنه بممارستهم العنيفة وعدم الخبرة والحنكة السياسية فى إدارة الدولة المصرية، واستعدادهم للتفريط فى أرض الوطن وتعاونهم مع الإرهاب، بل والإفراج عن الإرهابيين ومحاولتهم الدءوبة لجمع السلطات للمقربين والمناوئين لهم من غير المؤهلين، ممن يتمتعون منهم بالسمع والطاعة للجماعة لإدارة البلاد وإقصاء الآخرين».
وتابعت «استشعر الشعب المصرى بالموأمرة التى دبرتها جماعة الإخوان فى الخفاء لتفكيك الدولة المصرية وهدم الحضارة الإنسانية، فارتفع صوت الشعب المصرى من أجل الحرية، استلهم روح الوطنية وسار على الدرب من أجل كل التحديات معلنًا رفضه لكل المؤامرات وكسر حاجز الخوف، وشعر المصريون بالعزة وقدرتهم على التغير، ولم تدم لهم (جماعة الإخوان) كثيرًا وسقط حكمهم بعد عام واحد ليعود محمد مرسى إلى السجن مرة ثانية».
وعلى إثر ذلك أصدرت القوات المسلحة بيانها بتاريخ ٣ ٧ ٢٠١٣ الذى أعلن فيه قائدها العام أنه قد آن الأوان لأن تنزل القوات المسلحة على رغبة الشعب المصرى وتضطلع بدورها فى حماية البلاد للحفـاظ علـى كيان الـدولة.
وحيث أن الرئيـس المعزول محمد مرسى هو مرشح حزب الحرية والعدالة ذلك الحزب الذى خرج من عباءة الإخوان المسلمين، وتأسس تحت لوائها، فقد استشاط أنصارها ومؤيدوها غيظًا فخرجت تطالب بشرعية الرئيس سالف الذكر بعد ثورة ٣٠ يونيو سنة ٢٠١٣ وسقوط حكم الإخوان، فاضطلع بالاتِّفاق مع قيادات التنظيم الإخوانى- مكتب الإرشاد العام- وكذا بعض مساعديه من قيادات وكوادِر التنظيم العاملين بمُؤَسَّسة الرِئاسة آنذاك على إجهاض تلك الدعوات من خِلال حشد عناصِر التنظيم بالقاهِرة والمُحافظات لإحكام سيطرتهم على الميادين العامة والتجمهر بها والمعلن التظاهُر فيها من قِبَل جموع الشعب المصرى للحيلولة دون نجاح تِلك الدعوات.
وكشفت المحكمة أن قيادات الإخوان استغلوا عصبتهم وتوحدهم بالميدان، يجمعهم هدف واحد وتحركهم غاية واحدة يتدبرون من أجلها أمرهم، ويتبادلون بشأنها أفكارهم للوقوف على رأى جامع بينهم، فألفوا من جمعهم هذا عصابة تهدف إلى مهاجمة طائفة من السكان ومقاومة رجال السلطة العامة بالسلاح.
وأشارت المحكمة إلى أنه نفاذًا لذلك المخطط، قام المتهمون بالتجمهر بمحيط ميدان رابعة العدوِية، كانت أهدافه أن يجعل السلم والأمن العام فى خطر، والغرض منه الترويع والتخويف وإلقاء الرعب بين الناس، وتعريض حياتهم وحرياتهم وأمنهم للخطر، باستخدام القوة والعنف حال كون بعض المتجمهرين مدججين بأسلحة نارية وأخرى بيضاء ومفرقعات وأدوات مما تستعمل فى الاعتداء على الأشخاص، وذلك بأن بثوا فى أنفس المتجمهرين فكرهم وحرضوهم عليه ورسموا لهم مخططات تنفيذه وأمدوهم بالعتاد المادى والعينى اللازم لإنفاذه.
وسمت المحكمة مرتكبى تلك الأفعال بـ«العصابة» لقيامهم أيضًا بمهاجمة طائفة من السكان، ومقاومتهم بالسلاح رجال السلطة العامة القائمة على إبلاغهم أمر وجوب تفرق تجمهرهم.
وكشفت المحكمة أن المتهمين قتلوا العشرات من المدنيين وقوات الشرطة وآخرين مجهولين، من بينهم المجنى عليهـم النقـيب محـمد عثمان، والنقيب شادى عبدالجواد، والنقيب أشرف فايِد، والملازم أول محمد سمير عبدالمعطى، والمجند إبراهيم عيد تونى، والمجند بدراوى فضل، والمجند نصر درويش، عمدًا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم واتحدت إرادتهم على قتل أى من قوات الشرطة القائمة بحفظ الأمن بالأماكن المجاورة لتجمهرهم، متخذين منها- ومن سطح مبنى خلف المركز التجارى «طيبة مول» ومن عقار تحت الإنشاء بتقاطع شارعى الطيران وسيبويه المصرى ومن أسطح المبانى العامة، مدرستى مدينة نصر الثانوِية الفندِقية وعبدالعزيز جاويش، ومبنى إدارة الإسكان الخارجى فرع البنات برابعة العدوية التابِع لجامعة الأزهر، ومأذنة وسطح مسجِد رابعة العدوِية، ومن أعلى مبنى جامِعة الأزهر بطريق النصر، التى قاموا باحتلالها، ومن بعض الوحدات السكنِيَّة بالعقارات الكائِنة داخِل محيط الاعتصام- منصات لإطلاق الأعيرة النارية من الأسلحة النارية التى سبق وأن أعدّوها سلفًا لهذا الغرض (رَشَّاشات- بنادق آلية- بنادق خرطوش- طبنجات- أفردة خرطوش- فرد روسى).