رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إخوان صهيون.. صهاينة المسلمين


حينما كتبت فى مقال سابق عن العلاقة بين الإخوان وإسرائيل اتهمنى البعض بالمبالغة أو المغالاة فى الخصومة، ورغم أننى لم آت بشىء من عندى إذ كنت مجرد ناقل لأحداث تاريخية وتصريحات إخوانية ليس إلا، ولكن من تحكمت فيهم «الأكاذيب» الإخوانية التاريخية سيظلون تحت سيطرة أوهام أن «الإخوان ضد الصهيونية» مع أنهم فى الحقيقة أحد مخالب الصهيونية.
نعم ستظل الأوهام والأكاذيب التى زور بها الإخوان تاريخهم متحكمة فى كثيرٍ من كبار مثقفينا ونخبنا لأن العقل العربى للأسف هو «عقلٌ ناقل» لا يملك إمكانية النقد والفحص والتمحيص ليعرف الكذب من الصدق، وهو بهذا سيقع فى تكذيب الصدق، وتصديق الكذب، وسيظل بعضهم مستريح البال وهو يردد بلا وعى أن جماعة الإخوان جماعة وطنية يجب التصالح معها ومن ثم دمجها مع المشروع الوطنى المصرى!. ولكى نعرف حقيقة الإخوان كاملة لنا أن نقرأ تلك القصة التى سأرويها لكم.
كان متدينًا، نشأ فى أسرة متدينة، أحب دينه وتمنى له أن يسود، وبعد أن اشتد عوده أنشأ حركة سياسية لها خلفية دينية، قال فى رسالة له فى أحد المؤتمرات: «نحن لا قومية لنا إلا قومية الدين، ولذلك ينبغى أن نقيم لديننا دولة ومن بعدها ننطلق إلى العالم لنسيطر عليه ونحصل على أستاذية العالم» ولكى يحقق فكرته أنشأ تنظيما خاصا، وجعل هذا التنظيم سريا، وابتدع فكرة تدريب هذا التنظيم الخاص على السلاح، ثم أخذ تنظيمه الخاص يدبر الاغتيالات والتفجيرات للتخلص من خصومه، ومن بعده تتبعه أتباعه فى فكرته، وفى طريقتهم لحياتهم اعتبروا أنفسهم أصحاب النقاء العقائدى، إيمانهم يختلف عن إيمان قومهم، هم فقط أصحاب الجنة، أما من عداهم فهم من أهل النار، ظنوا أنهم أهل الله وخاصته، وقاموا بتعليم أعضاء التنظيم مبادئ شيطانية عن أنهم أهل الحق ولذلك يجب أن يستعلوا على أهل الباطل، وقالوا فى كتبهم إنهم أهل الفرقة الناجية، وبما أن غيرهم هم أهل الباطل لذلك أجازوا لأنفسهم الكذب على هذا الغير، وخديعته، وظلوا فى حركتهم السرية حتى بعد أن حكموا، ذلك أن الحركة السرية هى أساس وجودهم، وفى أدبياتهم لا ينبغى أن ينتهى التنظيم السرى إلا بعد أن يصلوا إلى حكم العالم كله، وقتها لن يكون لهم حاجة للتنظيم السرى، وفى طريقتهم لحياتهم تميزوا بأنهم أصحاب دائرة مغلقة، فإذا تخرج الواحد منهم تزوج من واحدة من جماعته، واشتغل لدى شركة أو مستشفى أو مكتب محاماة أو مكاتب هندسية مملوكة لواحد أو لمجموعة من قيادات تنظيمه، إلا أن الهدف الرئيسى لهذا التنظيم هو جعل تنظيمهم دولة ثم جعله صاحب السيادة على العالم. لا تفكر كثيرا فى العبارات السابقة، إذ إننى لم أكن أتحدث عن جماعة الإخوان، ولكننى كنت أتحدث عن حركة الصهيونية العالمية وتنظيمها السرى، فهذه هى أفكارها وهذا هو منهجها، أما مؤسسها فهو تيودور هرتزل، الذى عقد عدة مؤتمرات لتنظيمه ألقى فيها دروسه، وأوضح فيها منهجه، وشرح فيها كيف سيصبح تنظيمه عالميا، وكان المؤتمر الأول له فى مدينة بازل بسويسرا، ثم توفى وهو فى بداية الأربعينيات من عمره. هذه مقاربة تبين لأى مدى تقارب التنظيمات الحركية السياسية التى تُحوِّل الدين إلى ملكية خاصة لبعض الناس، وحركة سياسية لها نبيها الخاص الذى يصلون فى تقديسه إلى درجة تقارب تقديس الأنبياء أو أكثر.
فإذا أردنا أن ندخل إلى عالم الإخوان سنقول إن هناك حقيقة تاريخية غير قابلة للإنكار، هى أن حسن البنا حين أنشأ جماعته لم يكن ينوى جعلها مقصورة على مصر فقط ولكنه كان ينشئ منذ البداية تنظيما دوليا تغيب عنه فكرة الوطن، حيث يتحول التنظيم على يديه إلى وطن يمتد فى العديد من بقاع الأرض توطئة للسيطرة على العالم كله تحت راية حسن البنا.
من أجل هذا أطلقتُ على تنظيم الإخوان فى بعض ما كتبته اسم «دولة الإخوان غير المنضمة لمنظمة الأمم المتحدة والمتحالفة مع مجلس الأمن فيها»، وقد بدأ حسن البنا خطواته ناحية تكوين تلك الدولة بعد أشهر من تكوين جماعته حينما أرسل مبعوثين منه لفلسطين واليمن وسوريا ولبنان من أجل نشر تنظيمه فى هذه البلاد، وكان عبدالرحمن الساعاتى شقيق حسن البنا هو أول مبعوث تطأ أقدامه أرض فلسطين، حيث تقابل مع الحاج أمين الحسينى، مفتى فلسطين، ودعاه للانضمام إلى الجماعة وجعلها راية المقاومة ضد عصابات إسرائيل التى كانت تحط رحالها هناك، ثم ذهب عبدالرحمن الساعاتى بعد ذلك إلى دمشق وهناك اجتمع مع بعض الشخصيات الإسلامية فى المسجد الأموى وشرح لهم فكرة تنظيم الإخوان ودعاهم إلى الانخراط فيه والعمل تحت قيادته، وظل الإخوان عبر تاريخهم يسعون إلى الامتداد فى كل أقطار العالم، ولكى يحققوا أهدافهم وضعوا يدهم فى يد أجهزة المخابرات الغربية، وقد اعترف مؤخرا أحد قادة الإخوان، ويعمل باحثا فى المركز الذى يديره القيادى الإخوانى عمرو دراج، بأن جماعة الإخوان تتعاون مع أجهزة المخابرات الغربية، وأن هذا من حقوقها المشروعة وقد كتب هذا القيادى هذا الاعتراف من خلال بحث تم نشره ضمن أبحاث هذا المركز الإخوانى.
وإذا عدنا إلى الوراء قليلا، سنجد أنه من خلال هذا التنظيم الدولى استطاعت الجماعة أن ترتب أوراقها وتعقد صفقاتها مع الغرب من خلال أجهزة المخابرات، وحين حدثت تفجيرات الحادى عشر من سبتمبر فى أمريكا، كان هناك قرار أمريكى وبريطانى بتصدير الإرهاب إلى البلاد العربية من خلال التنظيم الدولى، وكأن لسان حال الغرب يقول: «فلنجعل من الإخوان رؤساء فى بلادهم فتنشأ الخلافات فى أوطانهم على أساس عقائدى وينشغلوا آنذاك عنا بهذه الخلافات، ومن خلالهم أستطيع أن أصنع شرق أوسط جديدا، يقوم على الفوضى المنظمة، وبهذه الفوضى أقوض بسهولة مذهلة بنيانهم وأستولى على ثرواتهم، وليساعدنا فى ذلك التنظيم الدولى للجماعة الذى ينتظر لحظة سانحة يحكم فيها، وسيعيشون ـ كما عاش اليهود ـ على وهم أن هذه الجماعة هى شعب الله المختار، والتنظيم الدولى هو مبعوث العناية الإلهية، ولكنه فى الحقيقة سيكون مبعوث أمريكا العظمى».
وذات يوم عندما استطاع الإخوان بمساعدة أمريكا الوصول للحكم فى مصر ظنوا أن مصر خضعت لهذه الجماعة، إذ كان البسطاء ينظرون لها على أنها جماعة مضطهدة تريد رفع الراية الإسلامية وتطبيق الشريعة، ولكن حدث لهذه الجماعة ما لم تحمد عقباه، فلا هم ولا الأمريكان استطاعوا قراءة الشعب المصرى قراءة صحيحة.