رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أطباء مصـــر .. من ملائكـة الرحمــة إلى آكلى لحــوم البشــر


كل شعوب الدنيا تقر بأن مهنة الطب ذات قداسة عالية، وهى من أسمي وأرقي المهن بعد تعليم الناس أمور الأديان في تاريخ البشرية ، تعنى بصحة الإنسان. ويشترط لنجاح الطبيب، التحلى بدماثة الخلق والصدق والإخلاص والعدل، وأداء رسالته بأمانة ومسئولية ومما يُندى له الجبين أسفًا أنه ظهر فى مجتمعنا المصرى جمعٌ من الأطباء خلعوا عنهم ثوب العفة والرحمة والنزاهة وتحولوا إلى مصاصى دماء في القطاعين العام والخاص، بعد أن أصيبوا للأسف الشديد بأخطر "فيروس" يهاجم الضمائر ويخربها، فأفقدهم السيطرة على ممارساتهم اليومية الدنيئة، وإذا كان واردًا وقوع أخطاء طبية خارج إرادة الطبيب عند التشخيص أو أثناء العمليات الجراحية، رغم ما قد يبذله من جهود قصد إسعاف ومعالجة المريض، فإنه من غير المقبول أن تنجم هذه الأخطاء عن تهور أو تقصير وإهمال، في غياب نصوص قانونية صارمة لردع مرتكبيها ممن خربت ضمائرهم، اللاهثون وراء جني الأموال على حساب أشخاص آخرين، حيث أمست ردهات المستشفيات العمومية والمصحات الخاصة تشهد أشكالا عديدة من الأخطاء، التي يذهب ضحيتها الصغار والكبار من الجنسين. وصار مألوفا لدى عامة الناس ولوج المريض على قدميه والخروج جثة هامدة أو مصابا بعاهة مستديمة. منها ما يقام بشأنها دعاوى قضائية من قبل أسر الضحايا، ومنها ما يظل في طي الكتمان. وخير دليل ما نراه في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من عدم اتخاذ الاحتياطات الكافية في تحديد الأدوية أو جرعات التخدير الواجبة أو التدخلات الجراحية، فضلا عن سرقة أعضاء المرضى والاتجار بها، من المؤسف أن تتآكل مصداقية الطبيب وتتلوث سمعته، لأنه يخدش بأفعاله المشينة نصاعة الصورة التي رسمها عنه المجتمع ويقطع مع أفراده حبل الثقة، وبهذا تحول أطباء مصـر من ملائكة الرحمة إلي مصاصي الدماء وآكلى لحوم البشر.
 
فليعلم أطباء مصـر ذوو الضمير المعتل، أن المريض لا يلتمس منه تحقيق المعجزات والشفاء العاجل، وإنما يدعوه إلى اتقاء الله وعدم بناء سعادته على حساب شقاء الآخرين. ولن يتأتى له ذلك عدا بمعالجة ضميره أولًا، ثم احترام قدسية المهنة والالتزام بضوابطها، والاستقامة والارتقاء بخدماته.

معشر الأطباء، أذكركم أن واجبكم حماية أرواح العباد وليس قتلها بهذا الدم البارد، ألا تدركون أنه ينبغي أن تكونوا دواءنا لكي نُشفي من مرضنا وليس العكس عمومًا، نحن نعلم جيدًا أنكم لن تصغوا إلى كلامنا ولن تعيروا معاناتنا أدنى اهتمام؛ لذلك نفوض الأمر لله؛ فهو سبحانه حسبنا ونعم الوكيل. للأسف هذا غيض من فيض، فهل ولّى الزمان الذي كنا نسمع به عن طبيب تبرع بدمه لإنقاذ مريض، وطبيب ترك عائلته لإسعاف مريض وهو راض ومطمئن وطبيب ساعد مريضًا في مشكلة شخصية بعدما رآه يعاني المرض وجيوبه فارغة.

أعتقد أنه في حال غلبت المادة صفة الإنسانية والالتزام بالأخلاق لأشرف مهنة وهى الطب، فلا عتب على من تبقّى وعلى الدنيا السلام.