رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على هامش عام دراسى جديد


بدأ السبت الماضى العام الدراسى الجديد بكل ما يحمله من أمل وألم، وبمناسبة الدراسة، قرأت قصتين عن ضياع قلم رصاص، وفى هاتين القصتين درس وعبرة للوالدين وللمدرسين وللقائمين على العملية التعليمية، رأيت أن أشاركك بهما عزيزى القارئ.
القصة الأولى: قال أحد اللصوص كنت فى الصف الرابع، وذات يوم رجعت من المدرسة وقد ضاع قلمى الرصاص، وعندما علمت أمى بالخبر ضربتنى وشتمتنى ووصفتتى بالعبط وعدم تحمل المسئولية وغيرها، ونتيجة لقسوة أمى الزائدة على الحد، قررت ألا أعود لأمى فارغ اليدين، لقد قررت أن أسرق أقلام زملائى، وفى اليوم التالى نفذت الخطة ولم أكتفِ بسرقة قلم أو قلمين، بل سرقت جميع زملائى، فى بادئ الأمر كنت أسرق خائفًا، وشيئًا فشيئًا تشجعت، ولم يعد للخوف فى قلبى مكان، وبعد شهر كامل لم يعد للأمر تلك اللذة الأولى، فقررت أن أنطلق للصفوف المجاورة، ومن صف إلى آخر انتهى بى المطاف إلى سرقة غرفة مدير المدرسة، وذلك العام كان عام التدريب الميدانى، تعلمت فيه السرقة نظريًا وعمليًا، ثم انطلقت بعد ذلك وصرت محترفًا للسرقة.
القصة الثانية، قالت إحدى الأمهات: عندما كان ابنى فى الصف الثانى الابتدائى، رجع يومًا من المدرسة وقد ضاع قلمه الرصاص، فقلت له بماذا كتبت؟ فقال أخذت قلمًا من زميلى فقلت له تصرف جيد، ولكن ماذا كسب زميلك عندما أعطاك قلمًا لتكتب به؟ هل أخذ منك طعامًا أو شرابًا أو مالًا؟ قال لا، لم يفعل. فقلت له إذن لقد ربح كثيرًا من الحسنات يا بنى، لماذا يكون هو أذكى منك؟ لماذا لا تكسب أنت الحسنات؟ قال وكيف ذلك؟ فقلت سنشترى لك قلمين، قلمًا تكتب به والقلم الآخر نسميه قلم الحسنات، وهذا لأنك ستعطيه لمن نسى قلمه أو ضاع منه، وتأخذه بعدما تنتهى الحصة، وكم فرح ابنى بتلك الفكرة، وزادت سعادته بعدما طبقها عمليًا، لدرجة أنه أصبح يحمل فى حقيبته قلمًا يكتب به وستة أقلام للحسنات. والعجيب فى الأمر أن ابنى هذا كان يكره المدرسة ومستواه الدراسى ضعيف، وبعد أن جربت معه الفكرة، فوجئت بأنه بدأ يحب المدرسة، لأنه أصبح نجم الصف فى شىء ما، فكل المعلمين أصبحوا يعرفونه، وزملاؤه يقصدونه فى الأزمات، كل واحد قلمه ضائع يأخذ منه واحدًا، وكل معلم يكتشف أن أحدهم لا يكتب لأن قلمه ليس معه، فيقول أين فلان صاحب الأقلام الاحتياطية؟، ونتيجة لحبه للدراسة بدأ مستواه الدراسى يتحسن والعجيب أنه اليوم قد تخرج فى الجامعة وتزوج وأنجب، ولم ينس يومًا قلم الحسنات، لدرجة أنه اليوم مسئول عن جمعية خيرية كبرى.
عزيزى القارئ، إن ما نغرسه فى أولادنا منذ الصغر يشكل سلوكهم فى الحاضر والمستقبل، فلنكن مدققين وحذرين وأمناء فى تربيتهم ليشبوا أبطالًا نافعين لوطنهم ولمجتمعهم، وتمنياتى للجميع بعام دراسى سعيد.