رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السفير العراقى: السيسى قائد محنك وقف ضد تقسيم بلادنا (حوار)

حوار مع السفير حبيب
حوار مع السفير حبيب الصدر

حبيب الصدر قال إن الحديث عن التدخل الإيرانى به مبالغات كثيرة.. وأشار إلى وجود محادثات مع تركيا بشأن المياه

القاهرة مركز توازن وقوتها قوة للعرب كلهم والعلاقات الثنائية معها فى أفضل حالاتها

الوضع الأمنى فى البصرة مستتب والمتظاهرون عادوا إلى منازلهم والمندسون وراء اقتحام القنصلية الإيرانية

لا نعانى نزعات طائفية ونسيجنا الوطنى يقوم على التعدد المذهبى داخل الأسرة الواحدة


نفى السفير العراقى فى القاهرة، حبيب الصدر، ما يتردد حول تأخر تشكيل الحكومة الجديدة فى بلاده، معتبرًا أن الأوضاع السياسية تسير فى ظل جدول زمنى محدد وفقًا للدستور.
وقال «الصدر»، فى حواره مع «الدستور»، إن الحكومة الحالية وضعت خطة واضحة لتلبية مطالب المتظاهرين فى البصرة، ما أسهم فى تهدئة الأوضاع، متهمًا من سماهم «المندسين» بالوقوف وراء اقتحام مقر القنصلية الإيرانية فى البصرة.
وشدد على سيادة العراق، نافيًا وجود أى تدخلات فى شأنه الداخلى، سواء من إيران أو تركيا أو غيرهما، مستبعدًا أن تتورط الدولتان فى أزمة «تعطيش العراق»، بعد بنائهما العديد من السدود على نهرى دجلة والفرات.
وتطرق للعلاقات المصرية العراقية، مشددًا على أنها تمر بأفضل حالاتها فى الوقت الحالى، واصفًا الرئيس عبدالفتاح السيسى بالقائد العربى المحنك، الذى ساند العراق ضد ما يواجهه من مؤامرات، معربًا عن تطلعاته لليوم الذى يزور فيه «السيسى» العراق.




■ بداية.. ما آخر التطورات فى مدينة البصرة بعد الاضطرابات التى شهدتها فى الفترة الماضية؟
- مدينة البصرة تشهد حاليًا استقرارًا ملحوظًا بعد عودة المتظاهرين إلى منازلهم وممارستهم أعمالهم اليومية، من أجل تفويت الفرصة على بعض المندسين، الذين استغلوا الظروف للاعتداء على المؤسسات الحكومية والمدارس والهيئات الدبلوماسية، وهو ما يسمح بإفساح المجال أمام الجهد الحكومى لمعالجة المشكلات الخدمية التى تعانيها المدينة.
أما الوضع الأمنى فهو مستتب وهادئ، رغم ما يشيعه البعض عن وجود ارتباك فى أداء الأجهزة الأمنية، أو حدوث شىء ما هنا أو هناك. ويجب ألا ننسى أبدًا أن البصرة تضم مقرات لعشرات الشركات الكبرى ومئات الآلاف من العمال الأجانب والعرب، الذى يمارسون عملهم يوميًا دون أن يعكر صفوهم أى شىء، وهذا خير دليل على طبيعة الأوضاع الأمنية فيها.
■ ألا يعد الاعتداء على بعض البعثات الدبلوماسية نوعًا من الاضطراب الأمنى؟
- نحن حريصون على أمن وسلامة كل البعثات الدبلوماسية فى بلادنا، وإذا كان المقصود هو الأعمال التى استهدفت القنصلية الإيرانية فى البصرة، فالأمر كان مجرد تصرف فردى من قبل بعض المندسين، لكنه لا يمثل الحكومة العراقية ولا الشعب.
كما أن ما حدث لا يمثل المتظاهرين الذين يطلبون طلبات مشروعة، خاصة أن البصرة معروفة بكرم أهلها وأخلاقهم السامية وحسن الضيافة، وأؤكد أنه من المستحيل أن يقدم رأيًا حقيقيًا على مثل هذا التصرف، فى ظل ثقافتهم العربية الأصيلة وانفتاحهم على الآخر.
■ هل وضعت الحكومة العراقية خطة واضحة لتلبية مطالب المتظاهرين فى البصرة؟
- نعم، فرئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادى أجرى عدة زيارات ميدانية لمحافظة البصرة للاطلاع على حقيقة الأوضاع هناك، وأصدر قرارات عدة بشأن إطلاق تخصيصات مالية والقيام بإجراءات ومعالجات تنفيذية لخدمات الماء والكهرباء والصحة والتربية وغيرها، ووجه بضرورة توفير فرص عمل للشباب العاطل وتعزيز قروض الإسكان والمشروعات الصغيرة والمتوسطة فى جميع محافظات العراق دون استثناء.
وعقدت رئاسة مجلس النواب الجديدة اجتماعًا فى مبنى محافظة البصرة مؤخرًا، بحضور محافظها ومسئوليها المحليين، لبحث كل أزمات المحافظة خاصة مشكلات الملف الخدمى التى سببت شكوى المواطنين.
■ هل يمكن إنجاز هذه الخطة فى ظل تأخر تشكيل الحكومة العراقية الجديدة؟
- تشكيل الحكومة الجديدة لم يتأخر، وكان لا بد وفقًا للدستور أن يلتئم البرلمان أولًا، ويستقر على اختيار رئيسه ونائبيه، وحدث هذا ضمن المدة الدستورية المفروضة، ولم نتجاوزها.
وبعد الانتخاب الداخلى فى البرلمان العراقى الجديد، الذى تم بطريقة هادئة ودون أى عوائق وبحضور كامل أعضائه وهيئته، سنشهد ترشيحات لمنصب رئيس الجمهورية. والبرلمان الآن ينظر إلى الترشيحات لهذا المنصب، وهناك لجنة برلمانية عليا شُكلت خصيصًا لهذا الأمر.
لذا لا يمكن أن يكون هناك رئيس وزراء جديد دون إتمام هذه الإجراءات، لأن رئيس الجمهورية هو من يكلف الكتلة البرلمانية الأكبر بتقديم مرشحها لتولى منصب رئاسة الوزراء، على أن يحظى المرشح بالقبول من قبل الكتل الأخرى.
وإذا لم تستطع الكتلة البرلمانية الأكبر تقديم مرشح توافقى خلال المدة المحددة التى تبلغ شهرًا، فإن رئيس الجمهورية سيكلف الكتلة الثانية من حيث الحجم بتقديم مرشحها للمنصب، وهذا ما ينص عليه الدستور العراقى، وفقًا لنظامه البرلمانى.
■ هل تعتقد أن الأوضاع السياسية فى العراق بشكل عام تسير نحو الأفضل؟
- أوضاعنا السياسية سائرة فى طريقها الصحيح، وسيجرى تشكيل الحكومة القادمة ضمن التوقيتات الدستورية، خاصة بعد اختيار رئيس مجلس النواب ونائبيه، وحسم منصب رئيس الجمهورية المقرر الثلاثاء.
ويعكس هذا وجود توجهات مسئولة لدى العديد من القوى السياسية العراقية وسعيها لحسم تشكيل الحكومة واختيار مجموعة وزارية قوية تكون قادرة على تطبيق برنامج حكومى يكفل تطوير الاقتصاد والخدمات المطلوبة، وتكييف البلاد مع الأوضاع الصعبة التى تعيشها دول الجوار والمنطقة والعالم.
وليكن الجميع على ثقة بأن العراق لن يشهد فراغا سياسيا لعدة أسباب، أهمها أن العملية السياسية الديمقراطية نتج عنها تداول طبيعى وسلمى للسلطة، كما أن وجود المرجعية الدينية العليا الرشيدة والنخبة الثقافية والسياسية والأكاديمية، ووعى الناس بالمصالح الوطنية يمكن الجميع من حفظ المجتمع والدولة.
■ ألا تخشون من تدهور الأوضاع من جديد، كما حدث سابقا حين ظهر «داعش»؟
- هذا بالتحديد ما يمنحنا الثقة فى الاستقرار، لأن الأزمة الوجودية الكبيرة التى شهدها العراق فى ١٠ يونيو من عام ٢٠١٤ عندما دخلت العصابات الإرهابية إلى مدينة الموصل ووصلت المواجهات معها إلى أسوار بغداد- جعلت القوى السياسية توحد صفوفها وتنحى خلافاتها جانبًا بشكل ناضج وتقف إلى جانب القوى العسكرية فى الميدان.
■ ألا تثير النزعات الطائفية للبعض مخاوفكم؟
- أريد أن أؤكد بوضوح أن العراق لم يعش صراعا طائفيا ومجتمعيا كما يزعم البعض، لأن هذا الأمر يتنافى مع قيم وأصالة الشعب العراقى ونسيجه الاجتماعى، فالعشائر العربية لدينا فيها التعدد المذهبى، ولو وصل الخلاف الطائفى إليها لانهارت وتفككت، لأنها قائمة على الأخوة ووحدة الدم، وما الانتماء المذهبى لديها إلا من الثانويات.
أما بخصوص الصراع القومى، فنؤكد أن مدن كردستان العراق مثل مثيلاتها من مدن الجنوب، كانت مضيافة بشكل كبير لعشرات الآلاف من الأسر النازحة من المحافظات التى وقعت تحت أسر الإرهاب فى حينها، كما أن لدينا فى العراق زيجات مختلطة وتعد من أنجح العلاقات الاجتماعية، ما يقوى الروابط فى المجتمع بشكل عام.
■ على ذكر استضافة الأسر النازحة فى محافظات أخرى.. إلى أين وصلت خطة إعادة إعمار المناطق المحررة من عصابات «داعش» وتدبير مواردها المالية؟
- الحكومة القادمة ستولى هذا الملف أهمية كبيرة، خاصة مسألة البنى التحتية للمحافظات، وفى تقديرنا أن المستقبل سيحمل تطورات إيجابية كبيرة فى هذا الملف، ونتوقع أن يتحول العراق إلى ورشة عمل كبرى لإعادة الإعمار والبناء.
أما المبالغ المالية المطلوبة لذلك فهى كبيرة جدا، فبالإضافة إلى مبالغ التعهدات الدولية الناتجة عن مؤتمر الكويت، التى وصلت إلى ٣٠ مليار دولار، فسيكون على العراق أن يتحمل مبالغ أكبر بكثير من ذلك، من أجل إعادة بناء المناطق المحررة.
■ إقليميًا.. إلى أى مدى تتدخل إيران بشكل مباشر فى الشأن العراقى؟
- التدخل الإيرانى فى الشأن العراقى يخضع لمبالغات كثيرة، فنحن دولة ذات سيادة، وتوجهاتنا تراعى مصالح شعبنا وأمننا وأمن منطقتنا، لذا نرفض بشدة أية تدخلات فى الشأن العراقى الداخلى، رغم تأكيدنا أهمية الشراكات الاستراتيجية الفاعلة مع الدول، خاصة المجاورة لنا، التى من شأنها تعزيز العلاقات فى مختلف المجالات الأمنية والتنموية، بما يحفظ سيادة العراق وسلطان مؤسساته الدستورية.
■ لكن البعض يروج إلى فكرة أن أزمة العراق جزء من الصراع الأمريكى الإيرانى.. ما رأيك؟
- بصراحة، ليس العراق فقط، بل كل المنطقة ستتأثر بتراجع أو تطور الصراع الأمريكى الإيرانى، لأن منطقتنا مليئة بالأزمات ولا تتحمل مشاكل جديدة، إذ من الممكن أن يضطرنا التوتر الأمريكى الإيرانى إلى صياغة محاور وتحالفات جديدة، والعراق دولة مجاورة لإيران، ومن مصلحتنا هدوء الأوضاع فى دول الجوار كافة.
ومن هذا المنطلق، ندعو بصدد هذه الأزمة وغيرها إلى الحوار والالتقاء، ضمن مساحات وسطية لحل الأزمات، لأن إيران فى نهاية المطاف تعتبر دولة مهمة ومؤثرة إقليميا، والولايات المتحدة ما زالت هى القوة الكبرى على مستوى العالم.
■ فى ظل تقاربكم مع إيران.. هل هناك مساع لإنهاء الأزمة السعودية- الإيرانية؟
- العراق قريب من كافة دول الجوار، ويسعى إلى أن يكون عامل استقرار فى إقليمنا الملتهب، ونأمل أن تكون دول جوارنا آمنة ومستقرة، أما بخصوص مساعى إنهاء الأزمة بين السعودية وإيران فالعراق يأمل وبشدة أن تجلس كل القوى الإقليمية على طاولة حوار واحدة، لبحث المشتركات وسبل إذابة الخلافات وإنهاء الأزمات.
نحن يهمنا بالطبع حل الخلافات الخليجية- الخليجية، كما يهمنا أيضًا حل الخلافات الإيرانية- السعودية، وفيما يتعلق بشأن العلاقات مع المملكة العربية السعودية، نؤكد أنها تتطور بشكل كبير وواعد، وأثمرت تشكيل مجلس التنسيق الوزارى السعودى- العراقى، الذى عقد اجتماعات مهمة، لأننا نعتبر السعودية دولة محورية فى الشرق الأوسط والعالمين العربى والإسلامى، وجذورنا معها عميقة جدا، وتربطنا بها مشتركات وحدود كبيرة، كما أن العراق حريص على امتداده العربى وإذابة جليد الخلافات الذى يكسو منطقتنا الساخنة بأحداثها.
■ ماذا عن التدخلات التركية فى الشأن العراقى؟
- أى تدخل فى الشأن الداخلى للعراق مرفوض تمامًا، لأن سيادتنا غالية علينا، وفى وقت الدخول التركى إلى منطقة «بعيشقة» العراقية تحركنا إقليميا ودوليا وأمميا، وحققنا إجماعا عربيا داخل جامعة الدول العربية لرفض هذا التدخل.
ونؤكد أن ميزة العراق الجديد تتركز حول اتباعه الوسائل الدبلوماسية والحلول السلمية فى معالجة الخلافات مع دول الجوار، ونحن واثقون بانتصار الوسائل الدبلوماسية فى النهاية، لأنها قائمة على حقوق مشروعة.
■ هل يعنى ذلك وجود مرونة سياسية بين البلدين الآن؟
- بالطبع، العلاقات العراقية- التركية تشهد تطورات إيجابية مؤخرا، إذ أجرى الدكتور حيدر العبادى، رئيس الوزراء، زيارة ناجحة إلى تركيا مؤخرا.
وأثناء الزيارة تم بحث تعزيز التعاون الثنائى بين البلدين، فى مجالات المياه والأمن والزراعة والطاقة والمنافذ الحدودية، ووعدت تركيا بتزويد العراق بحصته المائية بالكامل، وكذلك تنفيذ ما تعهدت به خلال مؤتمر الكويت بإعادة إعمار العراق.
■ ماذا عن دور إيران وتركيا فى أزمة المياه بالعراق؟
- أزمة المياه مقلقة لنا بشكل كبير، ونبذل جهودًا دبلوماسية كبيرة مع البلدين الجارين تركيا وإيران لاحتواء هذه المسألة، لأن العراق دولة مصب لنهرى دجلة والفرات وروافدهما، وقلت حصصه المائية كثيرا بسبب تحويل بعض مجارى الأنهار وبناء سدود ضخمة على هذين النهرين المهمين والتاريخيين، اللذين بسبب تحالفهما مع أديم العراق ظهرت أولى الحضارات الإنسانية فى تاريخ البشرية.
لذا فإن «عطش» العراق سيكون جريمة بيئية كبيرة، ستلقى بظلالها على كافة مناحى الحياة فى البلاد، وحتى على الأهوار، هذه البقعة الجميلة المدرجة على لائحة «يونسكو»، فنحن نريد أن تقسم المياه وفقا للأعراف والمواثيق الدولية، لأن تلك الأنهار دولية، وأى منشآت تقام عليها أو تغييرات فيها يجب أن تكون بموافقة الدول المشتركة فيها.
■ كيف ترون دور الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تحقيق التقارب والشراكة بين البلدين خلال السنوات الأخيرة؟
- لفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى دور مهم فى دعم بلادنا خلال حربها ضد الإرهاب، فقد شدد مرارا على أهمية وحدة العراق واستقراره وسيادته، وهو ما نثمنه غاليًا، ونتطلع إلى اليوم الذى نرى فيه سيادته بالعراق، فهذه الزيارة- إن تمت- ستعطى دفعا ودفقا قويا لمسار العلاقات بين البلدين، وستعمل على «تمتين» أواصر العلاقات المشتركة فى مختلف المستويات.
لذا، نتطلع وننتظر هذه الزيارة، خاصة بعد الزيارات التى أجراها لمصر كل من الدكتور إياد علاوى، نائب رئيس الجمهورية، والدكتور حيدر العبادى، رئيس الحكومة، ووزير الخارجية إبراهيم الجعفرى.
وبصفة عامة ننظر إلى السيسى باعتباره قائدا عربيا محنكا، وقف بجانب مصر ضد ما يحاك لها من مؤامرات، بجانب مساهمته فى القضايا العربية والاهتمام المشترك، التى نمتلك بشأنها تقاربًا فى وجهات النظر.
ويحترم العراق السياسة الخارجية لجمهورية مصر العربية، لكونها «حكيمة»، عملت من خلالها على حل العديد من الأزمات بإيجاد مخارج فاعلة لها، فى الوقت الذى يدخل فيه آخرون على خط هذه الأزمات من أجل تأجيجها.
وهذا الأمر حدث بالفعل فى ملف المصالحة الفلسطينية، وفى الأزمة الليبية والتوفيق بين الفرقاء الليبيين، بجانب دعم الحل السياسى فى سوريا، والوقوف بشدة ضد مخطط تقسيم العراق، فضلًا عن قدرتها على حل مشكلة سد النهضة بسياستها الحكيمة، بعد أن كانت هذه الأزمة مرشحة للتصعيد.
وإجمالًا، نعتبر مصر مركز توازن فى المنطقة، وقوتها هى قوة للعرب كلهم، وتنعكس إيجابًا على الواقع العربى برمته.
■ ما أبرز التطورات بين البلدين على صعيد العلاقات الثنائية؟
- العلاقات بين البلدين فى أفضل مراحلها، بدءًا من المستوى السياسى الذى يؤكد فيه العراق احترامه بشكل كبير للسياسة الخارجية المصرية فى المنطقة، ويشيد بدورها الإيجابى فى تفكيك بعض «العُقد الإقليمية» عن طريق الدفع باتجاه اعتماد الحلول السلمية والحوار البناء، وهى السياسة التى تعد من وجهة نظرنا عنصرًا أساسيًا لاستقرار منطقتنا الملتهبة بالأزمات.
وفى المجالات الثقافية والسياحية والتعليمية، نؤكد أنها فى ازدهار مستمر، إذ يقصد مصر مئات الآلاف من السائحين العراقيين سنويًا رغم بعض معوقات الحصول على تأشيرة الدخول، ولدينا نحو ١٨ ألف طالب عراقى فى المراحل الدراسية الأولية والعليا، وللعراق مشاركات وإسهامات مهمة فى المهرجانات والندوات والمؤتمرات الثقافية.
■ ماذا عن التنسيق الأمنى تحديدًا؟
- هناك قرار عراقى رسمى لإعطاء أهمية قصوى للشقيقة مصر فى مجال مكافحة الإرهاب، ومنظومتنا الأمنية لديها توجيهات بأن تضع كل ما لديها من معلومات وخبرات ووسائل استخبارية لمحاربة الإرهاب فى حوزة مصر والدول العربية الشقيقة.
وبهذه المناسبة نود أن نشيد بالعملية العسكرية الشاملة التى تجريها القوات المسلحة المصرية الباسلة فى سيناء، ونشدد على أن انتصار مصر فى معركتها ضد الإرهاب يمثل انتصارًا جديدًا للإنسانية.
وفى هذا الإطار، نرى أن العلاقات والتكامل فى الأدوار بين الأزهر الشريف والنجف الأشرف والمؤسسات الدينية الأخرى فى البلدين، يمكن أن يسهم فى تعزيز الوسطية الإسلامية وإشاعة المنهج الاسلامى الأصيل، فى الوقت الذى يشهد الدين عمليات تشويه ممنهجة من منابر معادية لتبرير ممارسات الإرهابيين الشاذة.
■ لماذا لم يترجم التبادل التجارى على أرض الواقع رغم تميز علاقات البلدين بهذه الصورة؟
- بالعكس حجم التبادل التجارى بين البلدين فى ازدياد ملحوظ، ويحقق طفرات نوعية لم تشهدها السنوات السابقة، إذ بلغ فى ٢٠١٧ نحو ١.٢ مليار دولار، وهو الرقم الذى نطمح لزيادته، مع الوصول بمصر إلى شريك اقتصادى وتجارى متقدم مع العراق.
ولدينا أيضًا الاتفاق النفطى الواعد الذى أبرم فى ٢٠١٧ وجدد هذا العام، والذى يهدف إلى تزويد مصر بـ ١٢ مليون برميل نفط سنويًا، بشروط سداد ميسرة. وتتواجد العديد من الشركات المصرية فى الساحة العراقية، لتنفيذ عدد من المشروعات المهمة، والإسهام فى الصناعات النفطية.
وحرصت بغداد على دعوة الشركات المصرية إلى المؤتمرات التى احتضنتها فى شئون إعادة الإعمار والاستثمار، مع إقامة معارض مصرية عديدة فى المحافظات العراقية مؤخرًا.
■ تحدثت عن زيارات المسئولين العراقيين إلى مصر.. كيف تراها وتقيمها؟
- هناك زيارات مستمرة إلى القاهرة من قبل مسئولى ووفود العراق، سواء لإجراء محادثات مع المسئولين المصريين، أو لحضور الاجتماعات التى تعقد فى مقر جامعة الدول العربية.
وبالتأكيد الزيارة الأخيرة للسيد نائب رئيس الجمهورية الدكتور إياد علاوى إلى القاهرة، خرجت بنتائج طيبة تصب فى صالح تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين.
وحملت الزيارة الأخيرة لمعالى وزير الخارجية الدكتور إبراهيم الجعفرى ثمارا طيبة، فعلى الرغم من كونها كانت مخصصة لحضور اجتماعات الدورة ١٥٠ لمجلس جامعة الدول العربية، إلا أنه جرى على هامشها لقاء مهم مع نظيره المصرى سامح شكرى، جرى خلاله استعراض العلاقات الثنائية بين بغداد والقاهرة، وسبل تعزيزها بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين. وبحث الجانبان أبرز التحدّيات التى تواجه المنطقة، وأكدا أهمية تكثيف الجهود والتعاون من أجل تعزيز أمن واستقرار المنطقة، مشددين على عمق العلاقات العراقـية- المصرية، وما تحقـق من نجاح فيها خلال الفترة الماضية.
ما آخر تطورات العلاقات بين العراق وسوريا؟
- القوات الجوية العراقية شنت ضربات موجعة ضد العناصر الإرهابية داخل الحدود السورية، بعد التنسيق مع دمشق، وأسهمت تلك الهجمات فى إضعاف الوجود الإرهابى فى المناطق الحدودية بين البلدين.
وموقفنا من الشأن السورى هو رفض التدخـلات العسكرية، وترك الشأن الداخلىِّ للسوريين، حتى يختاروا ما يرونه مناسبًا، ونؤكد دائمًا على أنه لا حل إلا الحل السياسى، خاصة بعد مضى سبع سنوات على الحل العسكرى، وتحمل الشعب السورى المزيد من الدمار والدماء والهجرة.