رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إلهام شاهين: الإسلام احترم عقل المرأة وقدّر رأيها

الدكتورة إلهام شاهين
الدكتورة إلهام شاهين

*عادات المجتمع المخالفة للشرع سبب ظلم المرأة
* الحجاب لا يمنع المرأة من التفوق والتقدم
* تحريم زواج المسلمة من "الكتابى" تشريع إلهي

أكدت الدكتورة إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية "بنات" بجامعة الأزهر، أن الدين ليس مسؤولًا عن أي ظلم يقع على المرأة، ولكن المسؤول هو نتاج مجتمعي من عادات وتقاليد مخالفة للشرع، وقوانين بشرية جائرة تفرق بين الرجل والمرأة في الحقوق، وروتين قاسٍ يعطي ضعاف النفوس فرصة الإفلات من يد القانون والتلاعب بحقوق المرأة.

وأوضحت في حوارها للدستور، أن الإسلام اظهر احترامًا كبيرًا لعقل المرأة وفكرها، وقدّر رأيها ومشورتها، واحترم جدالها فيما يخصها كزوجة وأمًا وأختًا وبنتًا من قضايا، وأيضا فيما يخص مجتمعها أخلاقيًا وسياسيًا واقتصاديًا، وإلى نص الحوار.

* نريد عقد مقارنة بين حال المرأة قبل وبعد الإسلام؟

المرأة قبل الإسلام كانت مهضومة الحقوق بدءا من حقها فى الحياة الذى كانت تسلبه منها الجاهلية العمياء بظلمها بنوعها كأنثى، والذي كان يعتبر سبة في جبين الرجل يُعير به، ولذا كان التخلص من الأنثى بالوأد هو الوسيلة المعروفة والمشهورة والتي يقرها المجتمع الجاهلي، ولا يعاقب الرجل عليها.

وجاء الإسلام ليظهر بشاعة الجريمة، ويمنح الأنثى حقها فى الحياة، ويثير الضمير البشري، ويجعل لها عقوبة أمام الله تعالى لإظهار عظم هذا الجرم في الآخرة أيضًا حينما يسأل الموءودة أمام قاتلها يوم الحساب عن الذنب الذي ارتكبته لتستحق عليه الدفن وهي تستقبل الحياة، وهي ما زالت طفلة مولودة، يقول تعالى في سورة التكوير: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ).

ثم بعد أن حفظ الإسلام للمرأة حقها في الحياة؛ بدأ في منحها من الحقوق المادية ما تقيم به حياتها، فجعل لها أنصبة فى الميراث، هي فرائض تمنح لها قبل كل الورثة الذكور، وجعل لها حق المهر، وكذا النفقة الواجبة على الأب أو الأخ أو الزوج، ومقابل الإرضاع، وحقوقها المادية في حال الطلاق والحضانة، وحقوقها كأم في النفقة والرعاية الواجبة على الأبناء من مالهم الخاص، وليس من زكاة أموالهم، وحقها في التكسب من عمل يدها إن أرادت طواعية أن تعمل دون إجبار لها على ذلك، ولم يجعل لأحد سلطة مادية عليها ولا يمكن لأحد أن يمنعها من التصرف في مالها كيفما شاءت.

وبعد أن كانت المرأة مهملة ينظر إليها كسقط متاع، أظهر الإسلام احترامًا كبيرًا لعقل المرأة وفكرها، وقدّر رأيها ومشورتها، واحترم جدالها فيما يخصها كزوجة وأمًا وأختًا وبنتًا من قضايا، وأيضا فيما يخص مجتمعها أخلاقيًا وسياسيًا واقتصاديًا.

رغم أن المرأة تبوأت العديد من المناصب القيادية إلا أن البعض يُصر على أنها تعاني صنوفًا من الظلم كيف ترين هذا؟

المناصب القيادية ليست هي الحل لكل مشاكل المرأة، ولا تعتبر دليلا على عدم وقوع ظلم ضدها، ولكنها حق من حقوق المرأة نالته من تستحقه فقط، ولو قارنا بين عدد الرجال الذين يتبوأون مناصب قيادية، وبين عدد النساء، سنجد الفارق شاسعًا؛ ولنقارن بين عدد الخريجين والخريجات والمتفوقين والمتفوقات، ولنقارن كذلك بين احصائيات أعداد الحاصلين على الشهادات العليا من الذكور والإناث في كافة المجالات، ثم نعقد مقارنة أخرى بين عدد المعينين والمتميزين ممن تولوا المناصب القيادية، لنعرف مدى الظلم القيادي والإداري الذي تتعرض له المرأة ليس فى مصر وحدها ولكن على مستوى العالم كله.

*من المسؤول عن هذا الظلم،هل الدين أم سلوكيات المجتمع ولماذا؟

الدين ليس مسؤولًا عن الظلم الواقع على المرأة، ولكن هذا الظلم نتاج مجتمعي من عادات وتقاليد يظل المجتمع متمسكًا بها رغم مخالفتها للشرع، وهناك أيضًا القوانين البشرية الجائرة التي تفرق بين الرجل والمرأة في الحقوق، والروتين القاسٍ الذي يعطي ضعاف النفوس فرصة الإفلات من يد القانون والتلاعب بحقوق المرأة؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر الدين منح المرأة حقوقًا مادية فى الميراث، وظلم المجتمعات يمنعها من الحصول على هذا الحق، والدين كذلك أعطى المرأة حقوقًا مادية فى الزواج، من نفقة وغيرها، وفى الطلاق والحضانة أيضًا، وها نحن نرى القضايا المقامة من قبل النساء بالآلاف، تملأ المحاكم وتظل فيها لسنوات عديدة وغير هذا كثير.

*هل ارتداء المرأة للحجاب وتمسكها بتعاليم دينها يعد عائقا في طريق تقدمها؟

هذه مزاعم يرددها العلمانيون والليبراليون، وهؤلاء يروجون أن الحرية تكمن في تعرية الجسد، وفي الفساد الأخلاقي، ونقض كل القيم السماوية والمجتمعية، ويرون أن السبيل الوحيد إلى التحرر والتقدم، هو الانفلات المطلق على كافة المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولذا يحاولون أن يثبتوا لأقوالهم مصداقية على أرض الواقع؛ فيمنعون المرأة المحجبة من دخول بعض الأماكن، وكذلك يصدرون قوانين ولوائح تمنعها من تولي مناصب معينة، وتحول بينها وبين الظهور في بعض البرامج والقنوات الفضائية، والحقيقة التي لا تقبل أي تشكيك أن الحجاب لا يمنع المرأة من التفوق والتقدم؛ لأنها استطاعت بعقلها وثقافتها وإمكانياتها أن تصل إلى أي مكان، وتتقدم إلى أي منصب، وتنطبق عليها شروط أي عمل، والذي يقف عائقًا في طريق تقدمها.

يقال إن الدين خلق أنواعًا من التمييز العنصري بين الرجل والمرأة، وأباح للرجل المسلم الزواج من مسيحية أو يهودية ولم يعط هذا الحق للمرأة المسلمة؟

تحريم زواج المرأة المسلمة من رجل غير مسلم، هو تشريع إلهي أقر لغرض أسمى من مجرد ارتباط رجل بامرأة، وفيه حفظ لحقوق المرأة الدينية ورعاية لحالتها النفسية، وفيه كذلك حفظ لحقوق الرجل الزوجية والإنسانية.

فالمرأة المسلمة يضمن الإسلام لها الحرية المطلقة فى العقيدة والعبادة، وكذلك الشعور بالاحترام والتقدير والتقديس لربها ونبينا صلى الله عليه وسلم وكتابها، وتعظيم شعائر دينها، وهذا لن يكون من غير المسلم؛ بل لن يكون ممن لا يؤمن بدينها ونبيها وكتابها، وكذلك يضمن الإسلام حقوق الرجل الزوجية.

فالمسلمة تترك زوجها خمس مرات فى اليوم لتقف تناجي ربها، وتسافر لأيام طويلة تؤدى فيها فريضة الحج أو العمرة، وتبذل فيها الوقت والمال والجهد، وتترك كل مسؤلياتها، فتقصر فى حقوق الرجل، وتظل شهرًا كل عام صائمة لا تجلس مع زوجها على مادة الطعام، وتمتنع عنه في نهار رمضان، وفي هذا إكراه للزوج على الرضا بدين وعبادة لا يؤمن بها، وهذا ما لا يقبله الإسلام؛ أما الزوج المسلم المؤمن فيفعل كل ذلك معها، بل يدعوها إلى هذه الواجبات إن هي قصرت في ذلك.

يقولون أيضًا لو كان رجال الدين محقون في دعاوى مساواة الإسلام بين الرجل والمرأة لسمحوا لها بإمامة الرجال في الصلاة مساواة بينهن وبين الرجال في هذا الحق؟

الدين من عند الله، ولا يملك العلماء حق الحذف منه أو الإضافة إليه، ولا حتى التغيير أو التبديل، وليس لهم سوى التبليغ عن الرسل الذين بلغوا رسالة الله، كما قال الله تعالى في الآية 67 من سورة المائدة: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ».

والرسول صلى الله عليه وسلم وضح عمل العلماء حين قال: "العلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا، وانما ورثوا علمًا يُنتفع به"، والأمانة شرط التبليغ، وإذا زادوا أو نقصوا كانوا محرفين في الدين، ومتقولين على الله بغير علم، ولذا فرجال الدين يحرصون على أداء الأمانة كما ورثوها.