رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

20 سبتمبر.. انتحار درية شفيق من الطابق السادس

جريدة الدستور

قال الكاتب الصحفي مصطفى أمين في كتابه «شخصيات لا تنسى» كنت أراها من وقت لآخر في مصعد العمارة؛ لأنها كانت جارتي، بلا زينة ولا طلاء، وجهها شاحب وعيناها تبكيان بلا دموع، كانت أشبه بالشيخ، وظهر 20 سبتمبر 1975، عدت إلى بيتي وفي ردهة العمارة رأيت جمعا من الناس يلتف حول ملاءة بيضاء، سألت: "ماذا حدث"؟ فقالوا سيدة ألقت بنفسها من الطابق السادس ورفعت الملاءة البيضاء ووجدت جثة جارتي.. درية شفيق.

درية شفيق من مواليد طنطا 14 ديسمبر 1908 وحصلت على البكالوريا الفرنسية وسافرت إلى فرنسا مع 11 فتاة مصرية للدراسة وذلك عام 1928، ومنها حصلت على الليسانس، ثم الدكتوراه عن رسالتها "حقوق المرأة في الإسلام"، ولما عادت إلى مصر رفض المفكر أحمد أمين، الذي كان وقتها عميدًا لكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول، تعيينها لتدريس الفلسفة بالكلية، لأنه لا يستطيع تعيين امرأة جميلة للتدريس.

وإلى جانب دراستها الاكاديمية شقت دُرّية طريقها إلى قضية حقوق المرأة والنشاط السياسي، حيث كانت مقربة من هدى شعراوي إحدى رائدات قضايا المرأة المصرية، وقبل ثورة 1952 أعلنت عن برنامج طموح للإصلاح الاجتماعي تحت اسم، "اتحاد بنات النيل"، شملته بتقديم الخدمة للعاملات المحتاجات في مصر، وإنشاء مكتب لتشغيل طلبة الجامعات وتأسيس نادي بنت النيل الخاص بتقديم حفلات ثقافية للشباب وندوات لرفع الوعي السياسي لدى المراة ومحو أمية البائعات.

عارضت شفيق ثورة يوليو ولجأت إلى السفارة الهندية 6 فبراير وأضربت عن الطعام وطالبت باستقالة جمال عبد الناصر في بيان لها، وطالب الزعيم الهندي نهرو بعدم التعرض لها إذا رغبت في الخروج من السفارة، وانهت إضرابها بضغوط أسرية بعد يومين حسب ما ذكرته إنجي أفلاطون في مذكراتها التي حررها وقدمها سعيد خال عن دار سعاد الصباح.

وتصف إنجي هذه الخطوة بالمسرحية قائلة:"سارعت بعدها إلى مستشفى مورو لاخذ حقن جولوكوز ثم رجعت إلى بيتها ولم تتخذ الحكومة أي إجراء، ولكننا علمنا فيما بعد أنه صدر قرار بتجديد محل إقامتها في بيتها وانتهزت وكالات الانباء فرصة هذه المسرحية لزيادة حملة الهجوم على مصر الوطنية مدعية ان هذه المراة المصرية ضد الثورة.

وتضيف إنجي أنه بعد مشاورات بينها وبين "سيزا نبراوي" و"جاكلين خوري" تمت كتابة بيان بعنوان "نساء مصر يستنكرن بيان درية شفيق"، ووقع عليه عدد كبير من قيادات الجمعية النسائية والشخصيات المستقلة، واختفت درية بعد ذلك حتى كان نبا انتحارها، وذلك حسبما ذكر سعيد الشحات في كتابه " ذات يوم.. يوميات ألف عام واكثر".