رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السحر والدجل والشعوذة


عندنا فى الصعيد، وفى بعض المناطق الريفية فى مصر، والدول العربية، يسود الاعتقاد بقدرة الأعمال السحرية على الإيذاء البدنى، أو الاستفادة، منها تقليل الرزق أو زيادته، أو ربط بعض الشباب من المتزوجين حديثًا، أى حرمانهم من ممارسة الجنس مع زوجاتهم، أو بث كراهية الرجال فى فتاة معينة بقصد منعها من الزواج.
والدجل والسحر والشعوذة يمارسها الكثير من الدجالين والعاملين فى مجال السحر أو الشعوذة، ويحاول الساحر أو المشعوذ أن يبتز الضحية، بعد أن يوهمه المشعوذ بقدرته على إيذائه، أو تخليصه من مشكلته، لذلك يحرص المقبلون على الزواج، على عمل احتياطات كثيرة قبل ليلة الزفاف خوفًا من أن تتحول هذه الليلة إلى كابوس، فالبعض يرتدى ملابسه الداخلية مقلوبة، والبعض الآخر يربط شبكة صيد حول وسطه لحمايته من السحر، أو يذهب إلى مشعوذ آخر ليعطيه حجابًا ضد السحر.
وقد ذكر الإمام الشعرانى، الفقيه الصوفى المعروف فى العصر العثمانى، فى كتابه «الطبقات الكبرى»، أنه تعرض لمشكلة ليلة زفافه تتعلق بقدرته على وطء زوجته، وظل عاجزًا مربوطًا خمسة أشهر إلى أن رأى السيد البدوى فى المنام، وأن السيد البدوى اصطحبه فى المنام مع الزوجة العذراء إلى ضريحه، أى ضريح السيد البدوى، وأقام احتفالًا بالزفاف من جديد، فى المنام طبعًا، وتمكن الشعرانى من مواقعة زوجته، وقال الشيخ فى كتابه: «وفرش لى فرشًا فوق ركن القبة على يسار الداخل، وطبخ لى حلواء، ودعا الأحياء والأموات إليه»، وقال: «أزل بكارتها هنا، فكان الأمر تلك الليلة».
ولا شك أن المكان الذى رأى فيه الشيخ أنه يزيل فيه بكارة زوجته، ليس هو المكان الملائم لتلك المهمة التى قام بها الشيخ، فلا يمكن أن يكون المسجد مكانًا لهذا الفعل. ومما لا شك فيه أن المطلوب هو تصحيح تلك المعتقدات عن الغيبيات التى يؤمن بها بعض الناس، ليضع العلم الحقائق كاملة.
مما لا شك فيه أن الشيخ كان يعانى من نوع من العجز الجنسى النفسى، لأى سبب من الأسباب، وأنه بمجرد أن عادت إليه ثقته فى نفسه، زال السبب.
وفى أحد البرامج التليفزيونية التى أذاعتها إحدى القنوات الخاصة، جاء البرنامج بطبيب متخصص وشيخ من رجال الدين، وتحدث الشيخ عن وجود السحر والربط والأعمال السفلية، وقدرة القرآن على فك هذه الأعمال، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الرجال، بل النساء، يعانون من الربط، حيث يأتى إليه الكثير لطلب العلاج من هذه الأعمال. وأشار إلى أن مثل هذه الأعمال تتم بسبب وجود خلافات بين بعض المعارف، حيث يذهب أحد الأشخاص إلى أحد العرّافين أو الدجالين يطلب منه أن يربط ذلك الرجل أو تلك المرأة، وغالبًا ما يتم ذلك فى ليلة الزفاف، وبهذا تتم عملية الربط.
وقرر الطبيب أن معظم حالات الاعتقاد بالربط، إنما هى فى الأصل مجرد حالات نفسية، إذا ما كانت حالات عضوية، موضحًا أن الحالة النفسية لأى شخص تؤثر دائمًا على حياته الاجتماعية والجنسية، وأن هذا الاعتقاد ساعد على انتشار الدجالين والمشعوذين الذين يضحكون على عقول الناس. والمفروض أن يكون الإنسان واقعيًا، ولا يعتقد فى تلك الخرافات التى لا أساس لها، وأن تلك المسائل قد حلها العلم الحديث.