رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رحلة "أم حسن" بين كليات القمة و"فرشة الخضار"

جريدة الدستور

دق ناقوس الانتصارات فوق وجه تعلوه ابتسامة الرضا والسعادة الداخلية، لسيدة ذات بشرة قمحاوية أنهكتها حرارة الشمس، وعيون تفيض منها بحور الشقى والتعب.

تفترش "أم حسن" مكانًا فى سوق السيدة زينب، أمامها أقفاص مغطاة بالخيش يعلوها "الجرجير والخس والشبت والبقدونس"، تلك هى الحياة اليومية لأم حسن وبعد معاناة طويلة لسنين وأكثر من 12 ساعة عمل يوميًا، وجدت نفسها أمًا لمهندس وطالب بكلية الطب، فتاة متزوجة برجل موظف وأخرى تعمل بالترجمة.

كان حلمها رؤية أولادها واجهة مشرفة، استجمعت قوتهاوبدأت في البحث عن عمل تساعد به في تعليم أولادها بجانب سعي زوجها للحصول على قوتهم اليومي، حتى جاءتها فكرة بيع "الخضرة" والتي تباع بشكل يومي لكثرة استخدامها، فجسلت بعد شرائها بعض "الخضرة"على قارعة الطريق بالقرب من منزلها وبدأت فى بيعها للمارة، لتحصل على بعض الأموال التي تسمح لها بذهاب أطفالها لتكملة دراستهم بشكل يجعلهم قادرين على الوصول لكليات القمة.

ظلت أم حسن تبيع خضرتها طوال الأسبوع للحصول على ثمن كتب حسن ابنها الأكبر، واستطاع طه الابن الأصغر أن يستكمل مذاكرته بنفس الكتب، وبتلك الوتيرة تعلم أولادها واحدًا تلو الآخر.

قالت أم حسن، لـ«الدستور» إنها قبل أن تبيع الخضروات كانت توقظها الدموع بسبب رؤية أولاد جيرانها يذهبون للدروس الخصوصية لتحسينمستواهم الدراسي، بينما أطفالها الذين لديهم الرغبة غير قادرين، وبعد سعيها وكفاحها بات الأمر أفضل من ذي قبل، مُعلقة "الخضار مركب النجاة"، وأخيرًا وصلت أم حسن لما تتمناه.

وتابعت "ابني يخلص كلية الطب وهبطل بيع"، ومن خلال تخرج آخر ابن لها ستكتفي أم حسن من الجلوس لساعات طويلة في الشارع، معللة "تعبت عشانهم سنين ووصلتهم لأحسن حاجة علشان يجي اليوم اللي أتسند عليهم فيه".