رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نافذة عربية بديعة مصابنى.. راعية أساطير زمن الفن الجميل

بديعة مصابنى
بديعة مصابنى

بعد تعرض الطفلة ذات السنوات السبع إلى حادث الاغتصاب الأشهر آنذاك، على يد صاحب الخمارة التى يعمل بها شقيقها «توفيق»، أصرت والدتها على مقاضاة الجانى الذى تسبب فى مأساة ابنتها وألحق العار بالعائلة.

الواقعة التى تحولت إلى فضيحة فى نظر المجتمع المحافظ لم تحظ بكثير من التعاطف، حتى إن القضاء نفسه لم ينصف الطفلة الصغيرة «بديعة مصابنى»، وحكم على المغتصب بالسجن لمدة عام واحد مع غرامة تبلغ قيمتها ٢٠٠ ليرة ذهبية.

بعد الحكم وفى ظل ألسنة لا ترحم، لم تستطع أسرة «بديعة» المولودة عام ١٨٩٢ فى دمشق لأب لبنانى وأم سورية، الاستمرار فى سوريا، وقررت الهجرة إلى أمريكا الجنوبية، خاصة بعد احتراق مصنع الصابون الذى يمتلكه الوالد، ما تسبب فى تدهور الأحوال المادية.

بعد سنوات، قدمت «بديعة» مع والدتها إلى مصر بحثًا عن الخال الثرى الذى سينتشلهما من حياة الفقر والحاجة، لكن لسوء الحظ لم تجدا الخال، ووجدتا قبره فى مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية.
من هنا بدأت الحياة الحافلة لـ«بديعة مصابنى» التى لم تخل من الخمر والرقص واستضافة كبار الساسة والأثرياء فى عوامتها الخاصة أو فى صالة الرقص التى أصبحت تملكها، حتى أصبحت «أيقونة» فى عالم الرقص والمسرح والفنون جميعًا.
فى صالة «بديعة» تخرج عدد من كبار الفنانين، وكانت فرقتها أشبه بمدرسة لتخريج المواهب فى الغناء والاستعراض، ومن بينهم فريد الأطرش وتحية كاريوكا وسامية جمال وحورية محمد وببا عزالدين ومحمد عبدالمطلب وهاجر حمدى ومحمد الكحلاوى ومحمد فوزى وإسماعيل ياسين، وغيرهم ممن لمعت أسماؤهم بعد ذلك فى زمن الفن الجميل.
تزوجت «بديعة» من الفنان الكبير نجيب الريحانى، لكنها بعد انفصالها عنه سافرت إلى الجنوب اللبنانى واستقرت فى سهل البقاع، حيث توفيت وحيدة بعدما غابت لسنوات عن الشهرة والأضواء. هذه الحياة الحافلة جعلت اسمها رمزًا لمرحلة مهمة من تاريخ الفن المصرى والعربى نظرًا لإسهاماتها المتميزة فى تطور مستوى السينما والمسرح فى النصف الأول من القرن العشرين، حتى إن المخرج حسن الإمام قرر إخراج فيلم سينمائى عنها، قدم فى ١٩٧٥ من بطولة الفنانة نادية لطفى وحمل اسم «بديعة مصابنى» وشاركها بطولته الفنان الكبير فؤاد المهندس فى دور الريحانى.