رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مارى رمسيس تكتب:.. وللانفعال أيضًا ذكاء


هناك أذكياء كثيرون من حولنا لكنهم فاشلون فى الحياة العملية والأسرية، فالمرء يحتاج لكى ينجح فى الحياة ما يُعادل ٢٠٪ من الذكاء العقلى، وما يقرب من ٦٠٪ من الذكاء الوجدانى «الانفعالى»، و٢٠٪ من السعى والحظ.

فى عام ١٩٩٥، صدر كتاب «الذكاء الوجدانى» لـ«دانيال جولمان»، ولاقى هذا الكتاب تقديرًا هائلًا من مختلف القراء، بعد أن قدم الكاتب فيه مكونات من المعرفة الحديثة للذكاء، باعتباره منظومة تمتد جذورها فى المخ البشرى مركز الفكر والوجدان، حيث توجد منظومة مركبة.
والذكاء الوجدانى أو كما يسمى الانفعالى هو معرفة وفهم نفسك واحتواؤها جيدًا والسيطرة على مشاعرك والقدرة على معرفة وفهم مشاعر الآخرين والتعامل معها بذكاء شديد.
ووصف الباحث روفين بارون الذكاء الانفعالى عام ١٩٨٥ بأنه الأمر الذى يظهر القدرة على التعامل مع مشاعرنا ومشاعر الآخرين بطريقة ناجحة، أو بتعريف آخر هو المقدرة التى من خلالها يستطيع الشخص إدراك أحاسيسه أو انفعالاته زمن حدوثها وتقييمها تقييمًا واضحًا ودقيقًا من أجل تسخيرها فى مصلحة علاقته مع نفسه من جهة، والقدرة على التعامل بوضوح مع الآخرين من جهة أخرى.
أعظم قدرات الذكاء فى وقتنا الحالى ليست مجرد حمل المؤهلات العليا بالضرورة، بل تكمن فيمن لديهم القدرة العالية على فهم انفعالاتهم وعواطفهم، ويستخدمون ذلك بمهارة فى توجيه تلك الأفكار والمشاعر بهدف الوصول إلى الراحة والرضا عن النفس والنجاح فى العلاقات الاجتماعية مع الآخرين.
ومن القدرات الأساسية فى مفهوم الذكاء الانفعالى أن يدفع الإنسان نفسه للتقدم والإنجاز، ليكون هو نفسه مصدر التشجيع والطاقة الإيجابية، وأن يكون أيضًا مشجعًا للآخرين ومحفزًا لهم للانتصار على مختلف المعوقات وتحدى المشاكل.
كما أن الذكاء الوجدانى يحتم تدبير طرق وأساليب علاقته بالآخرين، فيعرف متى وكيف يضع الحدود الصحية للتعامل مع كل أنماط البشر. والذكى انفعاليًا هو من يدرك ويعرف انفعالاته زمن حدوثها، فمثلًا إذا كانت لدى الشخص الذكى انفعاليًا مشاكل فى هذا الوقت فهو من يدركها، ويسيطر على انفعالاته، حتى لا تقوده إلى انفعال عصبى خاطئ فى علاقته بالآخرين، الأمر الذى يدمر هذه العلاقات، فإذا استطاع أن يتحكم فى الانفعالات نستطيع القول إن هذا الشخص لديه متانة نفسية أى قوة نفسية هائلة.
ويظهر الذكاء الوجدانى بوضوح فى شخصية اللاعب العالمى المحبوب «محمد صلاح» عندما أحرز الهدف فى المباراة بين مصر والكونغو، وهو الهدف الذى أدخل مصر كأس العالم، فكان لديه ذكاء وجدانى واتزان انفعالى شديد جدًا جعله يتملك إحساسه، ويتغلب على مخاوفه، وبهذه المشاعر الإيجابية وقدرته على تملك أعصابه أحرز الهدف.
وهناك خطأ شائع عند البعض بالقول إن الإنسان غير مسئول عن ردود فعله تجاه الموقف، لكن هذا غير صحيح فأنت المسئول عن فعلك وردود فعلك وليس غيرك، كما يدعى البعض.
والتفاعل عملية غير واعية تحدث نتيجة تحفيز عاطفى، ومنها شعور الشخص بالغضب والانزعاج، لكن هناك الكثير من المشاعر السلبية التى تُحاط بنا والشخص الذكى وجدانيًا هو الذى يتمكن من إدارة هذه المشاعر السلبية بشكل فعال، بحيث يكون هو المسيطر، فإذا تعرض لموقف سلبى يمكن لهذا الشخص الذكى وجدانيًا أن يضع عدة خيارات إيجابية، وأن يقنع نفسه بأن القادم أفضل.
وعلى سبيل المثال، إذا تحدث أحد الأشخاص عن شخص ما قام بموقف سلبى تجاهك من ورائك، تستطيع أن تدير هذا الموقف بشكل إيجابى وقوة، ولا تدع هذا الشخص يوقعك فى الخطأ فتعطيه الكثير من المبررات للقيام بهذا الفعل حتى لا يؤثر على مشاعرك سلبيًا.
ويحتاج المدير أو القائد أن يتعلم مهارة التحكم فى انفعالاته بذكاء أو الاتزان الانفعالى، حتى يستطيع أن يعمل الفريق معه بشكل إيجابى.