رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملك الوثائق.. أسرار "مكتبة الكنوز" المملوكة لوزير الاتصالات

الدكتور عمرو طلعت
الدكتور عمرو طلعت

يجمع الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بين شيئين يبدوان على النقيض تمامًا، ويشكلان ثنائية ذات مفارقة غريبة للتوفيق بين «الماضى والمستقبل»، فهو رجل مُغرم- بالوراثة- بجمع المقتنيات النادرة، وفى الوقت نفسه هو خبير فى أحدث التطورات التقنية فى مجال التكنولوجيا والاتصالات. «طلعت» الذى اُختير وزيرًا لملف الاتصالات والتكنولوجيا فى حكومة المهندس مصطفى مدبولى، يمارس «هوايته وعمله» بشغف وكفاءة شديدين، كما أن له اهتمامًا آخر حيث أنتج كتبًا وأبحاثًا سياسية. «الدستور» ترصد الجوانب الشخصية فى حياة المغرم بالمقتنيات، والخبير فى الاتصالات، والباحث السياسى عمرو سميح طلعت.

نجل قاضى براءة «بوللى الإيطالى».. حفيد رئيس الديوان الملكى.. ومتزوج من طبيبة
هو نجل المستشار أحمد عبدالوهاب سميح طلعت، وزير العدل بوزارة ممدوح سالم الثالثة سنة ١٩٧٦، عضو مجلس الشورى الأسبق، الذى عمل قاضيًا بمحكمتى قويسنا وشبين الكوم، وخرج فى «مذبحة القضاة» ثم عاد مستشارًا بمحكمة النقض، ومن أحكامه الشهيرة براءة الإيطالى أنطوان بوللى مستشار الملك فاروق.
كما أنه حفيد عبدالوهاب سميح باشا طلعت، رئيس الديوان الملكى فى عهد الملك فاروق بداية من عام ١٩٣٧، وهو متزوج من طبيبة ولديه ابنان هما «إسماعيل» و«سميح».
حصل «طلعت» على بكالوريوس فى هندسة الاتصالات من جامعة القاهرة عام ١٩٨٣، إضافة إلى درجة ماجستير فى علوم الحاسبات من معهد إلينوى للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية. كما نال درجة الماجستير فى إدارة الأعمال من مدرسة باريس للأعمال، ثم الدكتوراه فى إدارة الأعمال من نفس المدرسة.
شغل منصب المدير العام لشركة «آى بى إم مصر» منذ عام ٢٠١٠، بعد أن انضم لها عام ١٩٨٨، ثم تقلد العديد من المناصب الاستراتيجية بالشركة حتى أصبح المدير العام لفرعها فى مصر.
يتمتع عمرو طلعت بخبرات تمتد لأكثر من ٣٠ سنة فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وخلال فترة عمله فى «آى بى إم مصر» استطاع جذب استثمارات من الشركات العالمية تقدر بملايين الدولارات.
«طلعت» هو الوزير الثانى لـ«الاتصالات» بعد ثورة يناير ٢٠١١ يتولى هذا المنصب قادمًا من الشركة بعد المهندس خالد نجم.
يمثل «طلعت» المستشار الفنى للحكومة، وكُلف من قبل رئيس الحكومة المهندس مصطفى مدبولى بتمكين باقى وزارات الحكومة من التحول الرقمى والشمول المالى ودمج قواعد بيانات الحكومة، حتى يتمكن متخذو القرار من الحصول على المعلومات الدقيقة التى تمكنهم من القيام بمهامهم والوصول إلى أفضل القرارات التى تصب فى مصلحة المواطن.

ورث متحف مقتنيات عن جده يضم 300 ميدالية ذهبية وفضية و٢٠٠ كتاب نادر.. ورفض عروضًا لبيعها بملايين
من المعروف عن الدكتور عمرو طلعت- حتى قبل توليه منصب وزير الاتصالات- أنه يملك ثروة ضخمة من المقتنيات النادرة والوثائق التاريخية، تشمل عشرات الميداليات والنياشين الذهبية والمخطوطات التى ورثها عن جده. تبدو حجرة مكتبه متحفًا كبيرًا يروى تاريخ مصر منذ عهد محمد على وحتى الآن، والتى أصبحت ذاكرة أمة وتاريخ وطن، يقصدها عشرات الدارسين والباحثين فى تاريخ مصر الحديث للتحقق من المعلومات.
يحكى «طلعت»: «ورثت هواية جمع المقتنيات التاريخية عن جدى عبدالوهاب باشا طلعت الذى ترك لى ثروة تاريخية لا تقدر بمال تضم ميداليات تذكارية ونياشين ذهبية، بالإضافة إلى عشرات الوثائق المهمة التى صدرت فى عصور تاريخية مختلفة». يشير إلى أن جده «تمكن من جمع كل هذا بفضل المنصب الذى كان يشغله كرئيس للديوان الملكى ورفض بيعها رغم قيمتها المادية الكبيرة، لأنه كان يعيش أسعد لحظات حياته وسط هذه المقتنيات، ويعتبرها كأولاده لا يمكن التفريط فيها».
قبل وفاته، كانت الوصية الأخيرة لجده هى الحفاظ على متحفه الصغير، لكن الحفيد لم يكتفِ بالحفاظ على ما هو موجود فقط، بل يسعى للمزيد من الأشياء التى لها قيمة تاريخية. تضم مقتنيات عمرو طلعت نحو ٣٠٠ ميدالية ذهبية وفضية صدرت فى مناسبات عديدة، بالإضافة إلى ما يزيد على ٢٠٠ كتاب نادر وعشرات الوثائق والمذكرات، التى ترصد مناسبات سياسية واجتماعية شهدتها مصر خلال القرنين الماضيين.
من أبرز تلك الميداليات التى صدرت بمناسبة دخول نابليون بونابرت مصر، وميدالية صدرت بمناسبة تولى فاروق عرش البلاد، وميداليتان فى مناسبات زواجه من الملكة فريدة والملكة ناريمان، وميدالية فى ذكرى افتتاح المتحف المصرى القديم، وأخرى بمناسبة وضع حجر الأساس لجامعتى القاهرة والإسكندرية، بالإضافة إلى ميداليات ترصد حرب فلسطين ١٩٤٨، فضلًا عن عدد من الميداليات الرياضية التى كانت توزع على الأندية الفائزة بالدورى العام أو كأس مصر فى مرحلة ما قبل ثورة يوليو ١٩٥٢.
كما تحتوى المكتبة أيضًا على عدد من الوثائق التاريخية، من بينها نسخة من خطاب العرش بخط يد الملك فاروق، ومذكرة خاصة من رئيس الوزراء على ماهر إلى الملك فاروق يوضح فيها رأيه فى دخول مصر الحرب العالمية الثانية بجانب الحلفاء، ووثيقة إعلان الحماية البريطانية على مصر فى عام ١٩١٩، ونسخة من اعتراض زعماء مصر على أحداث ٩ فبراير، عندما حاصرت القوات الإنجليزية قصر عابدين وطالبت الملك بتكليف مصطفى النحاس باشا بتشكيل الوزارة الجديدة، وجواز سفر دبلوماسى صدر فى عام ١٩٢٥، ومصحف بخط اليد، ومذكرات شخصية لإحدى زوجات الخديو إسماعيل. يقول الوزير: «رغم أن هذه المقتنيات هى ملكى الخاص، إلا أننى أسمح للدارسين والباحثين فى علم التاريخ بالاطلاع عليها والاستفادة منها فى أبحاثهم العلمية، فأنا شخصيًا استفدت كثيرًا من هذه المقتنيات فى أبحاثى لرصد الأحداث التاريخية». ويحكى المقربون له أنه رفض بيع هذه الممتلكات بملايين الجنيهات.
وفى ٢٠١٤، استعاد «طلعت» ميدالية برونزية كان قد اشتراها من أحد المزادات العالمية بعد ثلاثة أعوام من مصادرة وزارة الآثار لها فى مطار القاهرة بعد وصولها فى طرد عبر البريد السريع، تعود لقصر محمد على، وطلب من الوزارة عملًا بقانون حماية الآثار الجديد، تسجيل الميدالية أثريًا، وقدم كل المستندات القانونية التى تثبت شراءها من مزاد عالمى.

له 4 كتب أبرزها عن مذبحة القلعة وثورة 19.. داعم لمشروعات الشباب.. ولا يتخلى عن حمل «السِبحة»
لدى الوزير عمرو طلعت اهتمامات بالتاريخ السياسى لمصر الحديثة، ومولع بالبحث عن الحقائق والتحليلات التاريخية، وكتب دراسة صدرت فى كتاب عن مصر ما بعد ثورة ١٩١٩ تحت عنوان «سعديون أم عدليون؟» تناول فيه تاريخ هذه الحقبة والعلاقة الشائكة بين سعد باشا زغلول وعدلى باشا يكن وتأثيرها على الانقسام فى الحياة السياسية وقتها.
وللوزير كتب أخرى فى مجال التاريخ والمعرفة، ونشر كتابًا عن «مذبحة القلعة»، وآخر عن مقتل عباس حلمى الأول، وبحثًا عن فترة ما بعد ثورة ١٩١٩، والمفاوضات مع إنجلترا.
يتمتع الوزير بشخصية قوية أهلته للتدريس بكلية الهندسة جامعة القاهرة، وقدم بعض البرامج فى التوعية والتكنولوجيا للطلبة، إذ إن لديه اهتمامًا كبيرًا بالشباب ورواد الأعمال، كما أنه دائم الدعم للمشروعات والأفكار الناشئة، ويولى ذوى الاحتياجات الخاصة ومتحدى الإعاقة اهتمامًا خاصًا.
دفع اهتمام عمرو طلعت بالأدب والثقافة والتاريخ إلى تصميم مكتبة على دورين فى مسكنه الجديد بمدينة ٦ أكتوبر بهدف تجميع كل الوثائق والمخطوطات والمقتنيات الأثرية والنادرة بها للحفاظ عليها.
من المتعلقات الشخصية التى يحافظ الوزير على اقتنائها «السِبحة»، فدائمًا يحملها فى أى مكان، فلديه وازع دينى كبير يرجع إلى تعليمه وتأثير حياة والده القاضى فيه، الذى كان لا بد له من التوسع فى علوم اللغة العربية والعلوم الشرعية، ما أثر فى تربيته التى كانت تحمل كثيرًا من النجاحات خلال مراحل تعليمه الأساسية.
يقول أصدقاء الوزير عنه إنه محب للخير ويقف مع زملائه وأصدقائه فى المحن والأزمات، ومحبوب جدًا من الجميع، ويفضل العمل الجماعى ولا ينسب النجاح لنفسه.
كما أنه دائمًا ما يشيد بمن يعمل معه، ولديه قناعات كبيرة بأن الاجتهاد خير طريق للنجاح، ويأخذ قراراته بعد دراسة متأنية ولا ينظر إلى المظاهر بل إلى جوهر الأعمال.