رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكايات «رسائل الاستغاثة» في «حارة السيسي»

جريدة الدستور

مرحبًا بكم في عالم موازي صغير. التفاصيل هنا عتيقة، والحياة هادئة من الخارج، والكل قابع في منزله، اللهم إلا بعض الأطفال الذين خرجوا للعب في زوايا الحارة الضيقة. يقترب أذان العصر، تدب الحركة في المكان، النساء يخرجن للتسوق، وأخريات قد عدن من عملهن. رجالًا جالسون في انتظار رزقهم، وشبابًا وافقون على «الناصية» يتحدثون ويمزحون، فالجميع هنا يعمل على «باب الله».

منطقة «الويلية»..من هنا جاءت البداية، وهي إحدى المناطق الشعبية التابعة لـ «العباسية»، التي لا تخلو من الضجيج والحركة، على الجهة اليمنى من شارع السوق، توجد لافتة زرقاء، عُلقت أعلى باب الحارة، منقوشًا عليها باللون الأبيض «حارة السيسي»، «الدستور» قامت بجولة داخل الحارة لمعرفة سبب تسميتها بهذا الاسم، وحكايات القاطنين بها.

في مقدمة الحارة، يقع منزل الحاجة «أنيسة ذكي»، آخر ما تبقى من سكان الحارة الأقدمون، لديها 88 عامًا، تعيش بمفردها في غرفة صغيرة بالطابق الأرضي، داخل منزل قديم ورثته عن حماتها، تقول: «تزوجت هنا، ووقتما جئت وجدت اسم الحارة هكذا، وعلمتُ أنها سميت على اسم أول رجل بنى منزله فيها، وكان يُدعى السيسي، الحارة لم تتغير في شكلها، باستثناء منزل كبير بُنى منذ سنوات قليلة، الجميع يدًا واحدة دائمًا في الفرح والخناق والحزن، نفوسنا لم تتغير لأننا نشأنا سويًا».

تؤكد «أنيسة» أن اسم الحارة منحها شهرة كبيرة في حي «الويلية» فالجميع يظنها على اسم الرئيس عبد الفتاح السيسي: «نحن نعتبرها الآن على اسم الرئيس، ونعلم أنه يساعد الفقراء. كل منزل في حارة السيسي لديه حلم، ورسالة يتمنى أن تصل إلى الرئيس، فكلنا هنا على باب الله، لا نعرف كيف نصل للمسئولين ليساعدونا، ورسالتي إلى السيسي أن معاشي 300 جنيه وأنا مريضة ضغط وسكر وفيروس سي والمعاش لا يكفي ثمن العلاج والمعيشة».

يعيش معظم سكان الحارة في غرف بالإيجار، أما البقية فقد ورثوا المنازل عن ذويهم. أصبحت الحركة أكثر نشاطًا الآن، الكل يريد أن يتحدث ويوجه رسالته للرئيس طامحًا أن يستجيب لها، «أم محمد»، 57 عامًا، تعيش في منزل صغير مع أبناءها وأحفادها: «زمان كان الرزق كبير، الآن أعمل جمعية لتسديد مصاريف الكهرباء، وأتمنى مكان نظيف يلمني مع أولادي لأننا نعيش في بدروم والحياة به صعبة».

مؤكدة أن جميع السكان هبطوا قديمًا من الصعيد واستقروا في الحارة وكونوا أسر: «معظمنا أقارب ومن عائلات واحدة، لذا مهما مر الزمن فكلنا واحد»، أما «عيدة منصور»، فتتمنى عودة المعاش لزوجها المعاق بعدما انقطع عنه: «ذهب لاستلام العربية المجهزة لواحد، نصب عليه وكتبها باسمها وهي ليست ملكه، مقابل ألف جنيه، وحينما ظهرت على الكمبيوتر قطعوا المعاش».


«أحمد عبد الحميد»، 55 عامًا، أصيب بمرض «الكلى» منذ 3 أعوام، وترك عمله بالجبل لعدم قدرته على المواصلة: «قطعوا عني المعاش، وبعدما أجريت القمسيون الطبي، الموظف لم ينظر في الأشعة والتحاليل وقالوا لي أن أعمل تظلم وكل شهر يأجلون نتيجته، وليس لي أي مصدر دخل أنفق منه على علاجي وأسرتي. كل ما أتمناه من الرئيس أن يعيد لي المعاش مرة أخرى».