رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الغبى يكسب!


مقابل مصطلح «تليفون ذكي»، Smart Phone، جرى إطلاق مصطلح «تليفون غبي» على الجهاز العادي، غير المتصل بشبكة الإنترنت، الذي لا يتيح لمستخدميه غير عدد محدود من الخصائص البسيطة، كإجراء المكالمات وإرسال الرسائل.

وصف التليفونات غير الذكية أو العادية بأنها «غبية»، صار أكثر تداولًا بعد أن كشفت تقارير حديثة عن أن الإقبال على شرائها تزايد بشكل لافت. وطبقًا لإحصائية نشرتها هيئة «كاونتر بوينت» البحثية، فإن مبيعات التليفونات الذكية ارتفعت بنسبة ٢٪، مع بداية سنة ٢٠١٧، لكنها تراجعت بنسبة ٥٪ خلال ربع السنة الأخير. بينما زادت مبيعات التليفونات العادية أو «الغبية» لتصل إلى ٤٥٠ مليون جهاز، خلال السنة نفسها.

خبراء وأطباء نفسيون قالوا إن الإكثار من استخدام الأجهزة الذكية يتحول إلى إدمان حقيقي لدى البعض، قد يؤدي إلى إصابتهم بالقلق والاكتئاب وفقدان السيطرة على الذات. كما حذرت دراسات عديدة من التأثيرات السلبية للهواتف الذكية والمحمولة في العلاقات العائلية، خاصة بين الآباء والأبناء. ومع وجاهة هذا السبب، أو ذاك، فهناك أسباب أخرى أكثر وجاهة، بينها أن تلك الأجهزة صارت صيدًا ثمينًا وسهلًا للقراصنة «الهاكرز» الذين يلجأون إلى طرق متعددة لسرقة المعلومات الشخصية والحساسة، لأهداف مادية أو غيرها. وهناك مخاوف أخرى كثيرة، ومتجددة، يثيرها ما تنشره الصحف والدوريات العلمية عن أضرار أو مخاطر استعمال التليفونات الذكية.

أقل الأضرار أو المخاطر، هو أن تحركاتك قد تكون مرصودة، بعدما اتضح أن العديد من تطبيقات «جوجل» ومواقع الويب تقوم بمراقبة وتخزين مواقع مستخدميها، حتى لو قاموا بإيقاف تشغيل «سجل المواقع». والكلام على عهدة دعوى قضائية أقامها «نابليون باتاكسيل»، نيابةً عن مستخدمي الولايات المتحدة لهواتف Android وأجهزة iPhone، أمام محكمة سان فرانسيسكو الفيدرالية، الجمعة، ونشرت «ديلي ميل» البريطانية تقريرًا عنها الثلاثاء، اتهمت شركة «جوجل» بأنها انتهكت عن عمد قانون الخصوصية في ولاية كاليفورنيا، وتتبعت بشكل غير قانوني تحركات الملايين وتدخلت، رغمًا عنهم، في شئونهم الخاصة، وواصلت تسجيل وتخزين الأماكن التي ذهب إليها مستخدمون أوقفوا تشغيل خاصية «سجل المواقع».

ضرر أكبر، قد يكون قاتلًا، كـأن تفاجأ، كما فوجئ عدد من مستخدمي أجهزة «سامسونج»، Galaxy S9 وGalaxy S9 Plus، بأن تليفونك أرسل صورك، دون علمك، إلى عدد من جهات الاتصال المحفوظة لديك. فقد نقلت مجلة «بيزنس إنسايدر» الأمريكية، في ٣ يوليو، عن بعض مستخدمي الجهازين أن تطبيق «رسائل سامسونج» للمراسلات، قام بالنيابة عنهم، بإرسال صورهم، مع عدم وجود ما يشير إلى أن الصور قد تم إرسالها بالفعل، ولم يعرفوا ذلك إلا من أصدقائهم الذين وصلهم بعض تلك الرسائل. وقال أحد المستخدمين إن تليفونه أرسل معرض الصور بالكامل إلى صديقته. كما ذكر آخرون أن أجهزتهم أرسلت صورًا إلى زوجاتهم. وبينما قالت شركة سامسونج لـ«بيزنس إنسايدر» إنها على دراية بالمشكلة، وإن فريقها الفني يتابعها، إلا أنها لم تقدم حلًا لها، وطالبت المستخدمين الذي يعانون من هذا الخلل بالاتصال بها!.

هناك أيضًا دراسات عديدة حذرت من تأثيرات سلبية على صحة مستخدمي التليفونات الذكية، بينها دراسة صادرة عن المعهد السويسري للصحة الاستوائية والعامة، أشارت إلى أن الإشعاعات الصادرة عن تلك الأجهزة قد تؤثر سلبًا على الذاكرة. إذ قالت الدراسة التي أجريت على ٧٠٠ عينة، واستغرقت ١٢ شهرًا، إن تعرض الدماغ للإشعاع (RF-EMF) الذي يدخل إلى الأذن عبر التليفونات الذكية، ترك آثارًا سلبية على أدمغة المستخدمين، وأحدث خللًا في أداء الذاكرة لديهم. صحيح أن الباحثين أوضحوا أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لاستبعاد تأثير العوامل الأخرى، لكن إلى أن يحدث ذلك، يكون الاحتياط واجبًا.

الأكثر من ذلك، هو أن شركة «Insurance2go»، أعلنت السبت الماضي أنها قامت بفحص ٣ تليفونات تعود لأبرز الشركات في هذا المجال، هي آيفون ٦، وسامسونج جالاكسي ٨، وجوجل بيكسل، واكتشفت أنها تضمنت مستعمرات من البكتيريا الحية والخلايا الفطرية. وكانت شاشات الهواتف الثلاثة هي أكثر أجزاء الهاتف قذارة، باحتوائها على ٢٥٤.٩ وحدة، أما الجزء الخلفي من التليفونات فضم ٣٠ وحدة، وزر الإقفال ضم ٢٣.٨ وحدة، وزر العودة إلى الشاشة الرئيسية ضم ١٠.٦ وحدة. في حين أن الباحثين لم يجدوا على مقعد الحمام غير ٢٤ وحدة فقط. ومعنى ذلك بوضوح هو أن شاشات التليفونات الذكية، الشاشات فقط، «أكثر قذارة» من «مقعد الحمّام» بأكثر من عشرة أضعاف!.

الغبي إذن يكسب. والأهم هو أنك لو لم تكن قد تورطت واشتريت لزوجتك، لصديقتك، أو لأخيك الصغير، «تليفون ذكي» جديدًا، في العيد، يمكنك أن تختار مما سبق «تلكيكة» مناسبة!.