رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حسن النجار.. حكايات شاعر محارب (بروفايل)

حسن النجار
حسن النجار

قضى 11 عامًا في صفوف الجيش المصري، وشارك في حروبه منذ الستينيات وحتى أكتوبر 1973، وهو الأمر الذي أثرى تجربته الشعرية الطويلة، إنه حسن النجار أحد كبار الشعراء في مصر والوطن العربي، الذي رحل عن عالمنا اليوم بعد رحلة حافلة مع القصيدة بدأت منذ ستينات القرن الماضي بديوانه الأول "فصل في التراجيديا الريفية" كان حصيلتها أكثر من 15 ديوانًا، فضلًا عن مجموعة مؤلفات أخرى في نقد الشعر.

خليل حاوي وأزرا باوند كان لهما تأثير السحر على بداياته بعدما قرأ قصائدهما وهو ما أثّرا بشكل كبير فى تجربته حيث توالت قصائده الأولي في مجلة الآداب؛ وغيرها من المجلات الأدبية العربية، وهو ما وضعه ضمن أسماء الشعراء العرب التفعيليين "الجيل الثاني".

حصل حسن النجار على جائزة شعر الحرب مرتين، الأولى في مصر 1976، والثانية في العراق في مصر عام 1982، ويقول إن قصيدته "ميراث الزمن الضائع" التي نشرتها مجلة الآداب البيروتية عام 1963، وضمها ديوانه الأول من أهم القصائد التي كتبها في تلك الفترة، ومن خلالها اهتدى إلى طعم الهزيمة في يونيو الحزين 1967 قبلها بثلاث سنوات، وهى القصيدة التي احتفي بها الناقد الدكتور عبد القادر القط؛ والناقد اللبناني إيليا حاوي.

الشاعر حسن النجار كشف عبر شهاداته ولقاءاته الصحفية بأن روح قصائده كانت من واقع هزيمة حرب 1967، وحلاوة انتصار حرب 1973، وذلك بعد أن أنجز في سنوات دراسته الجامعية ديوانه الأول "فصل في التراجيديا الريفية" بعدها انخرطت في صفوف العسكرية المصرية ضابطا خاض كل الحروب بصبر وشجاعة.

«في حرب اكتوبر وانا علي سرير الإصابة في سيناء أثناء الحصار كتبت مسودة ديواني بالدم "الوقوف بامتداد الجسد علي قصيدة الساعة الثانية" وقد نشر بعد الحرب مباشرة وأعتقد أن هذا الديوان فيه إشارات فضاء ملحمي مهمة في تجربتي الشعرية، إن جاز التعبير؛ فكلما اتأمل صفحات هذا الديوان من وقت لآخر، تأخذنى تلك الرائحة النفاذة لزمن كان العشق فيه بحجم الحلم.

والديوان فى حقيقته قصيدة واحدة متتابعة كتتابع الحرب نفسها من أول الحلم حتى الوثوب الى الميدان، وهى مسافة بطول الزمن العربى يقطعها المقاتل خطوة خطوة حتى آخر مواقع التعزيز، وأعجب كيف تسنَّى لى صياغة هذه اليوتوبيا الشعرية كما رأيتها منذ أربعين عاما وأراها الآن فى دفقه شعورية واحدة وأنا على سرير الإصابة داخل الحصار فى سيناء وحولي دوي المدافع»، مثلما شكلت الهزيمة صياغة فضائه الشعري استطاع الإنتصار في حرب النصر أكتوبر 1973 ومفردات الحرب أن تفتح له قواميسها عن آخرها، ويقول عن ذلك:« أذكر أننى حاولت الكتابة مرتين، فقد كانت المثيرات حولى كثيرة ومدهشة؛ المرة الأولى حين أسندتْ الىَّ قيادة موقع الجزيرة الخضراء وسط خليج السويس، بل أننى الذى طلبت إسناد تلك المهمة لى سعيا الى جو يقربنى من أرض الشعر، وقلت إن مشهد مياه خليج السويس وهى تتكسر بعنف وصلابة على صخر الجزيرة فى موسيقى متتالية لا تهدأ، قد يحل رموز المسافة بينى وبين القصيدة التى أحلم بكتابتها، ولكن العدو ما لبث أن أخرجنى من تلك الحالة حين حاول احتلال الجزيرة فى ليلة صافية الإيقاع.

والمرة الثانية: حين عبرت أول مرة قناة السويس ضمن مجموعة قتال فى حرب الإستزاف وزرت سيناء وشممت عطرها السجين الذى كشف لى عن عورة جسدها الموطوء، ولكن لم أنجح فى استثمار اللحظة المواتية، حيث كان على أن أشارك فى تهيئة مجموعات قتال أخرى لمهمات عبور متتالية، وقلت إن الشعر يجئ وحده مع الحرب، إذا كانت بحجم الحلم أو تزيد».

بعد الحرب أنجز النجار 3 دواوين خلال 3 سنوات (1975 - 1977) هي ونحدث عن عصر مضروب الخيل، أسفار اللك الضليل، وعرس في الدلتا، وكأن احتباس المشاعر في سنوات الجمر والتعب قد فاض بكيله فأنجزت تلك الدواوين دفعة واحدة، وكل ديوان له تجربته الخاصة، وقد خرجت من تلك الحروب بإصابات بليغة لعل أوجعها هذا السؤال المحير: لماذا حاربتُ.. لأننا لم نستثمر نتائج الحرب لصالح قضيتنا ؟ وقد بدا ذلك واضحا في دواويني ما بعد الحرب.

ومن مؤلفاته، "فصل في التراجيديا الريفية"، "الوقوف بامتداد الجسد علي قصيدة الساعة الثانية"، "ونحدث عن عصر مضروب الخيل"، "عرس في الدلتا"، "قالت لي امرأة القصائد".