رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الملك.. بنت عبدالمطلب: أَحب سامية جمال.. وقنديل كان يكرهه بدون سبب

جريدة الدستور

- عمل مؤذنًا فى بداياته وجمهور شارع الهرم ألقى عليه البيض وتعرض لمحاولة قتل بالسم
- خاصم عبدالوهاب سنتين بسبب «الوردة البيضاء» ويغضب من جملة «الزمالك اتغلب»
- مذكراته وأوسمته تعرضت للسرقة فى حفل أقيم لإحياء ذكراه بالحسين
- والدى كان على خلاف دائم مع سيد الملاح بسبب سخرية الأخير منه

لأشهر أغانيه «ساكن فى حى السيدة» قصة لا يعرفها كثيرون، أبرز تفاصيلها أنها كانت معدة لمطرب غيره، كما أنه أحب الراقصة سامية جمال حبًا كبيرًا حتى إنه سمى ابنته على اسمها، وكان «زملكاويًا أصيلًا» للدرجة التى تجعل من عبارة «الزمالك اتهزم يا أستاذ» أكثر ما يضايقه. حكايات من مئات الأسرار التى تمتلئ بها حياة المطرب الكبير محمد عبدالمطلب «١٣ أغسطس ١٩١٠-٢١ أغسطس ١٩٨٠»، وتكشفها ابنته السيدة «سامية»، فى حوار تختص به «الدستور» خلال السطور التالية.

■ بداية.. كيف كانت طفولة محمد عبدالمطلب؟
- ولد بقرية «شبراخيت» بمحافظة البحيرة، فى ١٣ أغسطس ١٩١٠، وكان مثل كثيرين من أبناء القرى والريف، بدأ حياته فى «الكُتاب»، حيث حفظ القرآن الكريم، لكنه لم ينل حظه الوفير من التعليم، سوى القليل. وعندما جاء إلى القاهرة درس فى مدرسة محمد على فى السيدة زينب، لكنه تركها بعد فترة بسيطة والتحق بمعهد الموسيقى لمدة عام ثم تركه أيضًا، وعندما سألته عن السبب قال: «كنت شابًا وكنت أبحث عن المجد والشهرة ولم أمتلك الوقت الكافى للدراسة، لذلك لم أكمل تعليمى». كان له ٧ أشقاء (٥ ذكور وبنتان)، وكان ترتيبه الأوسط بين إخوته، وعندما جاء إلى القاهرة عمل فى بداياته مؤذنًا فى أحد المساجد، حتى يستطيع العيش. وأثناء استماعه إلى «الجرامافون» فى المقاهى كان يطرب لما يسمعه من عبداللطيف البنا وعبدالحى حلمى وصالح عبدالحى، وعرف طريق الفن مبكرًا، فكان يغنى فى المقاهى وأفراح القرية، التى كان يجوب شوارعها من مشرقها إلى مغربها بحثًا عن أسطوانات الفنانة الكبيرة منيرة المهدية.
■ متى كانت بداية عبدالمطلب الفنية؟
- كان ذلك بالتحديد فى سن الـ١٩، كان له عم يسمى «لبيب» الذى عندما اكتشف موهبته فى الغناء اصطحبه معه إلى القاهرة، فتعلم على يد الموسيقار الكبير داود حسنى، فهو من ساعد والدى على الدخول فى الوسط الفنى، ووضع له كثيرًا من الألحان التى سجلت على أسطوانات مثل: «أنا فى غرامك شفت عجايب» وغيرها.
وتأثر والدى أيضًا بمدرسة الموسيقار زكريا أحمد، وكانت أول أغنية غناها والدى «بتسألينى بحبك ليه» من كلمات محمد عثمان خليفة ولحن محمود الشريف، وعندما غناها والدى كان يعتقد أنه لن يكون لها أى صدى فى الشارع، لكنه تفاجأ بنجاحها وبأن الناس فى الشارع يرددونها، وبعدها توالت أغانيه على ألحان محمود الشريف. وعندما احترف، كانت بدايته فى كازينو بديعة مصابنى، وكان واحدًا من أعظم الأماكن التى أخرجت فنانين وملحنين مثل فريد الأطرش ومحمد فوزى وسامية جمال وتحية كاريوكا، لكنه كان يغنى فى بداية دخول الناس، وقبل النمرة الرئيسية لكبار المغنين. كانت أغنية «أنا شفت حبيبى» بمثابة إعلان ميلاده، وأغنية «ساكن فى حى السيدة» بمثابة تتويج لرحلة عمره، وغنى ما يقارب الألف أغنية، بالإضافة إلى المواويل، ورغم ذلك كان والدى لا يستطيع العزف على العود، لكنه كان يحفظ الأغانى والمقامات.
■ هل واجه والدك مشاكل فى بداياته الفنية؟
- نعم، وكانوا يرمونه بالبيض عندما يغنى فى كازينوهات شارع الهرم فى بدايته، لكنه كان حريصًا على النجاح، ولأن لونه كان مختلفًا عمن سبقوه من الفنانين، واختار طريقًا لا يضاهيه فيه أحد لينفرد هو به، قوبل هذا النوع بالرفض من الجمهور فى البداية.
■ ماذا عن أول أغنية صدرت له؟
- «بتسألينى بحبك ليه» وحصل عنها على جنيهين، وذلك عندما كان فى «كازينو بديعة» مع محمود الشريف، بعدما ترك فرقة عبدالوهاب، بسبب عدم اصطحاب الأخير له أثناء سفره لتسجيل فيلم «الوردة البيضاء».
■ كيف كانت علاقة والدك بالفنانين؟
- كانت طيبة، وأقربهم منه شفيق جلال ومحمد رشدى وتحية كاريوكا وسامية جمال ومحمد عبدالوهاب ومحمد فوزى وكمال الطويل، حتى عبدالحليم حافظ وأم كلثوم، كنا نتبادل الزيارات معهما. وكان ممن دعموا أحمد عدوية فى بداية مشواره الفنى بعد الهجوم الذى تعرض له، بل شغّل عدوية معه، فكانا يتشاركان البروفات معًا فى الحسين، وكان عدوية يغنى معه على المسرح.
كل الوسط الفنى كان يحب بابا جدًا، وعندما أصابته ذبحة صدرية فى عام ١٩٧١، كل الفنانين كانوا يطمئنون عليه، ويسألون عنه، وشادية كانت صديقة شخصية للعائلة وكانت تخاف من والدى وتقول لوالدتى: «ده قاسى قوى»، لكنها فى الفترة الأخيرة احتجبت عنا.
■ محمد قنديل كان يهاجم والدك بسبب غنائه فى شارع الهرم.. هل كان ذلك ناتجًا عن خلاف بينهما؟
- بالفعل كان محمد قنديل ينتقد والدى فى ذلك، وعندما كان يُسأل فى البرامج يقول: «أنا مغنيش فى شارع الهرم»، فسألت والدى وقال لى: «صوت الفنان لازم يتدرب، ويتمرن كل يوم على الغنا، وإن مغنتش فى شارع الهرم هغنى فين؟».
والمفارقة أن محمد قنديل غنى بعد وفاة والدى بعام واحد فى كازينوهات شارع الهرم، ولا أعلم لماذا كان يقول هذا، رغم أن والدى لم يهاجمه أو يعتبره عدوًا له، ولم تكن بينهما خلافات سابقة.
■ ما حقيقة الخلافات التى كانت بين والدك وعبدالحليم؟
- كانت علاقته قوية جدا مع عبدالحليم، فقد كان يحب جميع الفنانين، لكن البعض كان يحاول الوقيعة بينهما، وكان «حليم» يقول لبابا: «متصدقش الكلام اللى بيقولوه لك عنى».
وفى فرح أخى الأكبر فى ١٩٦٨، لم يكن «حليم» ضمن المدعوين للحفل، لكنه جاء ووقف أمام الناس وقال: «أنا مش بغنى فى أفراح، بس عشان خاطر الأستاذ عبدالمطلب هغنى»، وغنى ساعتين وكان دائمًا يقول إنه حضر حفل قران والدى على والدتى.
■.. والخلاف مع «عبدالوهاب»؟
- كان هناك خلاف بالفعل، منذ كان والدى يعمل بفرقته الموسيقية، فحينها وعده عبدالوهاب بالذهاب معه لفرنسا حين كان يصور فيلم «الوردة البيضاء»، ولم يف بوعده، واستمر الخلاف سنتين، ثم تصالحا بعدها ولحن لوالدى بعض الأغانى.
■ ما حقيقة أن والدك تعرض لمحاولة قتل بالسم؟
- كان ذلك فى شبابه، عندما ذاع صيته فى جميع أرجاء مصر، ساعتها كان يستعد لإحياء فرح كبير وفوجئ بـ«آلاتى» يعمل معه بالفرقة يخبره بألا يتناول القهوة لأنها بها سمًا، فلم ينفعل ولم يخبر أحدًا بذلك ورفض تناولها وأكمل الفرح بعدها.
■ هل كان له أعداء فى الإذاعة؟
- حدث ولا حرج، لكنى لا أستطيع أن أذكر أسماء بعينها، وهناك بعض أغانى أبى مسحوها من الإذاعة، كما أنه سجل «أسماء الله الحسنى» لهم ونمتلك ورقا بذلك وتم مسحها. وكان أبى على خلاف دائم مع المنولوجست سيد الملاح، لأنه كان يسخر منه، وكان والدى يقول إنهم يسخرون منى لأنى فنان كبير، فبيغيروا منى.
■ كيف كانت علاقة والدك بأسرته؟
- والدى كان يحب الجلوس معنا، ويحب الهدوء، فقد كان هادئ الطباع، وأذكر أنه حين غضب من شقيقتى خاصمها، فكتبت حديثًا للرسول عن الخصام فى ورقة وتركتها له فى غرفته، وعلى الفور بادر بمصالحتها.
كان يحب الهدوء والجلوس بمفرده لأنه كان يأتى إلى البيت متعبًا جدا من الحفلات، وكان يحتوى الجميع، وأتذكر أنه عندما رسبت فى الكلية، كنت فى غاية الخوف من رد فعله لكن قال لى: «معلهش تعوضيها فى السنة الجاية»، وقبل رأسى، فقد كانت تسيطر عليه تربية القرية والريف فى كل تعاملاته، فكان «جدع» وشهمًا ومتواضعًا مع الجميع، والحقيقة أنه أكرمنا أنا وإخوتى.
أما علاقته بوالدتى، فقد تزوجها عن حب، وتعرف عليها فى حفل عيد ميلاد ابنة محمود الشريف، وكان هناك أكثر من لقاء جمع بينهما وأعجب بها، وطلبها للزواج من الشريف، زوج خالتى، فوافقت على الفور.
■ هل كانت والدتك أول قصة حب لوالدك؟
- بحكم أننى ابنته لم أكن أستطيع التحدث معه فى هذه الموضوعات، لكن بالطبع كانت أول قصة حب له فى شبراخيت بمحافظة البحيرة قبل قدومه إلى القاهرة، لكنه أحب أيضًا سامية جمال وعرفت بذلك من تحية كاريوكا، وقالت إن حبه هذا كان سبب تسميتى باسم «سامية».
■ أين ذهبت مقتنيات محمد عبدالمطلب؟
- كنا نمتلك عددًا كبيرًا من مقتنياته، لكن كان هناك حفل أقيم فى منطقة الحسين لإحياء ذكراه، حينها تمت سرقة مذكراته التى كانت بخط يده، والنياشين التى حصل عليها من ملوك وأمراء الدول العربية، وأيضًا الأوسمة المصرية التى حصل عليها.
■ ما النادى المفضل لوالدك؟
- كان يعشق نادى الزمالك، وكان يحضر بعض «ماتشات» النادى، وكان أكثر ما يستفزه عندما يقول له أحدهم «اتغلبتم يا أستاذ».
■ ما قصة أغنية «ساكن فى حى السيدة»؟
- الأغنية كانت من ألحان محمد فوزى، وكان من المفترض أن يغنيها هو، لكن والدى لما سمع كلماتها أعجبته كثيرًا، وطلب منه أن يغنيها. وليس صحيحًا ما يقال عن أن والدى أصيب بمرض، وكان يذهب كل يوم من السيدة للحسين، فوالدى كان يحب منطقة الحسين كثيرًا وكان يقضى معظم وقته هناك، ويحب الصلاة فى مسجد الحسين ويمكث فيه إلى الفجر. بالفعل عندما أصاب أحباله الصوتية مرض، انتقل للمعيشة هناك، لكنه عولج فى مستشفى المؤسسة بالإسكندرية.