رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشيخ محمود إسماعيل الشريف.. انحنى لموكبه أهالي ألبانيا.. وكرمه رئيس المالديف.. وأخبر نجله بموعد وفاته

الشيخ محمود إسماعيل
الشيخ محمود إسماعيل الشريف.

خيم الحزن على ربوع قرية "الهجارسة" بمحافظة الشرقية، حتى امتد إلى القرى المجاورة، برحيل أحد أعلام القرآن الكريم الشيخ محمود إسماعيل الشريف، قارئ الإذاعة والتليفزيون، تاركًا وراءه من التلاوات والأثر الطيب ما سيخلد اسمه على مدار أعوام قادمة.
رحل الشيخ محمود إسماعيل عن عمر ناهز 75 عامًا بعد صراع مع المرض، حيث كان مصابًا بضعف في عضلة القلب.
هنا كان يجلس الشيخ في باحة منزله ليغرد القرآن، حيث كان يختم القرآن مرة كل ثلاثة أيام، وفي أركان منزله كان يطوف يوميًا في الليل ليقرأ سورة البقرة.
انتقلت عدسة "الدستور" إلى مسقط رأس الراحل الشيخ محمود إسماعيل الشريف، حيث يقام سرادق العزاء الضخم الذي اكتظ بمحبيه وتلاميذه من كبار السن حتى الأطفال.
وقال المهندس محمد محمود الشريف، نجل القارئ الراحل، إن جنازته كانت تاريخية بحضور حشود من أهالي القرية والكثير من مختلف محافظات مصر لتشييعه إلى مثواه الأخير، حيث قادت الجنازة سيارة بمكبرات الصوت لإذاعة القرآن بصوته.
لكن وجه نجل الشيخ الراحل، العتاب لمسؤلي محافظة الشرقية، على رأسهم اللواء خالد سعيد محافظ الشرقية، ورئيس مدينة كفر صقر؛ لعدم حضورهم الجنازة، مؤكدًا أن والده تم تكريمه والاحتفاء به في دول كثيرة، بينما لم يأخذ حقه كاملا في مصر.
و أضاف في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنه حينما كان موكب الشيخ يمر في دولة ألبانيا، كان أهالي الدولة ينحنون لموكبه في الشارع، كما كان سفراء الدول الأخرى يستقبلونه بالمطار قبل أن يحل على البلد، وكان رئيس جمهورية جزر المالديف مأمون عبد المقصود، يحتفي به ويقابله ويكرمه شخصيًا، مؤكدًا أن أغلب أهل القرآن يأخذون حقهم في التكريم خارج مصر أكثر من داخلها.
و أكد نجل الراحل، أن والده كان محبًا للرئيس السادات، لاهتمامه بأهل القرآن وذوقه العاي فى السماع، موضحًا أن أول ظهور لوالده على شاشة التليفزيون كان في وفاة الرئيس السادات، وأن والده قرأ في حضرة كبار المسؤلين ورؤساء مصر.
وأثنى نجل القارئ الراحل على دور إذاعة القرآن الكريم فى تكريم والده، حيث اهتمت بإذاعة التلاوات الخاصة به تزامنا مع وفاته، موجهًا الشكر لرئيس الإذاعة الدكتور حسن سليمان والمهندس على مسعود مدير عام التخطيط بالإذاعة، وطارق عبد المطلب ومحمد لطفى والذى أذاع التلاوة الخاصة به فى إذاعة القرآن أثناء تشييع الجنازة.
وتابع: "لقد عاصر والدي وجالس الشيخ أبو العينين شعيشع وكان صديقًا للشيخ محمود متولي الشعرواى واحتفظ بجميع تسجيلاته وكان محبا له وأسلم على يديه العديد من أبناء الدول الاوروبية خاصة الولايات المتحدة الامريكية، وقد أنطقهم الشهادة وعقد قران العديد منهم على سنة الله ورسوله الكريم".

وأكد أن والده كان من الصالحين من محبي أهل بيت رسول الله، مضيفًا أن والده أخبره أنه سيتوفى خلال أيام، مشيرًا إلى أنه كان في وقت الاحتضار يقرأ القرآن ويؤذن إلى أن صعدت روحه إلى بارئها.
وقال إن والده أوصى قبل وفاته بخروج جنازته من مسجد الشيخ على عمر بالقرية وأن يقوم على غسله المبتهل الشيخ عبد اللطيف العزب وهدان.
وفي كلمات تغمرها الدموع، قالت الحاجة زينب عبد المقصود زوجة الشيخ، إنه كان رجلا فاضلا مقتديًا برسول الله في معاملتها، فلم يهينها يومًا وكان يدللها إلى أن تقدم بها العمر، وكان زوجًا مخلصًا وأبًا محب لأبناءه ورجلا صابرًا على البلاء.
وأضافت أنه صبر على وفاة نجله "مصطفى" وهو في الخامسة والعشرين من عمره، فكان راضيَا بقضاء الله وقدره، قائلة: "كان علمًا من أعلام الإسلام وضاع ".
فيما أكد أحفاده مصطفى وسيف أنه كان بشوش الوجه يجالسهم ويضحك معهم، وكان يشاهد معهم المباريات ويشجع فريقه المفضل "الزمالك" في حين أن العائلة كاملة كانت تشجع فريق الأهلي.
ومن المقرر أن يقام العزاء، اليوم الإثنين، بحضور كبار مشايخ وقراء مصر على رأسهم الشيخ الشحات أنور ومحمد الطاروطى شقيق القارئ عبد الفتاح الطاروطى.
الشيخ محمود إسماعيل الشريف ولد في 1943بقرية الهجارسة بمركز كفر صقر بمحافظة الشرقية، كرس حياته لخدمة القرآن الكريم، فمنذ صغره انتظم في صفوف مدرسة القرية الإبدائية، وكان واحدًا من طلابها المتفوقين، وحين سمعه مأذون القرية الشيخ حفني عبد الرحيم طلب من والده إلحاقه بالكتاب لحفظ كتاب الله مستبشرًا له بمستقبل قرآني عظيم، وبالفعل التحق بكتّاب الشيخ عبد المقصود عبد السميع الذي بدأ رحلة طويلة في تحفيظه السور والآيات، قبل أن يتركه إلى شيخ آخر من علماء الأزهر الشريف هو الشيخ عبد الله الحشماوي الذي وجد فيه استعدادًا وقبولًا كبيرًا.
تعلم التجويد برواية حفص عن عاصم ثم تعلم القراءات العشر وذاع صيته بقريته والقرى المجاورة وهو فى عمر صغير.
وتعرض الشيخ الراحل لصدمة عمره برحيل والده، الذي كان يوصيه دائمًا بالتزام كتاب الله قائلا: "احفظ القرآن فسوف يبعدك عن النار ويدخلك الجنة يوم القيامة"، وكان حلمًا له أن يرى ولده سفيرًا لكتاب الله عز وجل.
اعتاد الشيخ الراحل الاستماع لكبار القراء أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ عبد الباسط عبد الصمد والحصري، ومكث فترة طويلة في منزله يتلو القرآن ويؤكد إجادته لأحكام التلاوة، حتى جاء موعد الإختبار للإلتحاق بالإذاعة، حيث تشكلت اللجنة من الشيخ عفيفي الساكت ومحمد مرسي، وعبد الحافظ الدشتاوي، وحين تلا الشيخ من آي الذكر الحكيم، امتلك حواس أعضاء اللجنة الذين أرادوا الاستزادة بتسجيل نصف ساعة لذلك الصوت القوى والمتمكن ونال إجماعهم.
ثلاثون عامًا قد مرت منذ أن اتجه إلى ذلك المبنى الكبير في ماسبيرو، وتخطى إختبارات لجنة تضم كبار علماء الأزهر ليلتحق بالإذاعة المصرية، ويعتبر الشيخ محمود إسماعيل الشريف محظوظـًا باللقاءات المتواصلة مع نقيب القراء الراحل الشيخ أبو العينين شعيشع، وكانت أول مرة قرأ فيها على الهواء مباشرة فى رحاب مسجد السيدة زينب رضي الله عنها وكانت التلاوة من سورة القصص.
كان الشيخ الراحل سفيرًا للقرآن فى عدة دول عربية وأوروبية، حيث سافر إلى كينيا التي والكاميرون وعدة دول إفريقية أخرى، وزار جزر المالديف التي حرص رئيس جمهوريتها على حضور ومتابعة الليالي القرآنية التي تعقد كل يوم خلال شهر رمضان بالمركز الإسلامي الذي يطل على المحيط.