رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بنت ذوات.. روشتة وزيرة البيئة لتحقيق النجاح

وزيرة البيئة
وزيرة البيئة

شخصية هادئة، لا تتحدث مطلقًا فيما لا تعرفه، أدركت مبكرا أن التعليم والتدريب الجيد هما السبيل الوحيد لتولى مناصب قيادية فى الدولة، فحصلت على شهادات محلية ودولية فى مجالها «العلوم البيئية»، قبل أن تبدأ العمل فى وزارة البيئة عام ١٩٩٧. 

منذ هذا التاريخ، مثلت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، مصر فى العديد من المؤتمرات والفعاليات الدولية الخاصة بصندوق المناخ الأخضر، الذى نجحت فى ٢٠١٧، من خلال لجنة برئاستها، فى الحصول على تمويل منه بـ١٥٤ مليون دولار، لتنفيذ برنامج الإطار التمويلى للطاقة المتجددة، واستمرت فى العمل حتى تكللت مجهوداتها بالوصول إلى منصب وزيرة البيئة. أما كيف وصلت إلى القمة فهذا ما نحاول الإجابة عنه هنا.



عينت 4 متحدثين لاهتمامها بالتخصص
بدأت وزيرة البيئة، المولودة في حي الزمالك بالقاهرة في ٢٤ مارس ١٩٧٥، دراستها فى مدرسة بورسعيد للغات، حتى التحقت بكلية الآداب جامعة القاهرة «قسم اللغة الإنجليزية»، ثم حصلت على الدكتوراه فى السياسية الدولية من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وكذلك ماجستير فى العلوم البيئية من جامعة عين شمس.

مالا يعرفه الكثيرون أن الدكتورة ياسمين فؤاد هي إبنة الاقتصادي الدكتور صلاح الدين فؤاد مستشار الرئيس الجزائري السابق بن بله، وكان عمها أيضا أحد ـبرز البرلمانيين المعروفين، وهي إبنة صحفية معروفة كانت تعمل لدي جريدة الجمهورية.

عقب طرح اسمها لتولى حقيبة البيئة، أثنى الدكتور خالد فهمى، وزير البيئة السابق، عليها، خاصة أنها عملت معه مستشارة لملف التعاون الدولى، وقال: «آن الأوان لتولى القيادات الشابة».

ورجح كثيرون اختيارها وزيرة للبيئة فى هذا التوقيت، لاستكمال نجاح مصر فى استضافة مؤتمر التنوع البيولوجى، ثانى أكبر محفل بيئى على مستوى العالم، بعد مؤتمر التغيرات المناخية، المقرر عقده فى شرم الشيخ نوفمبر المقبل. 



وتعكف منذ توليها حقيبة «البيئة»، على الانتهاء من استعدادات مصر لاستضافة المؤتمر، وتنسق مع الأمم المتحدة، وسكرتارية المؤتمر، وتتابع استعدادات مدينة شرم الشيخ لاستضافة المحفل من حيث تجهيز قاعات المؤتمر وإنهاء تنفيذ قاعة كبرى جارٍ إنشاؤها خصيصا للمؤتمر، حتى تواكب وتضاهى أفخم القاعات المثيلة على مستوى العالم.

وفازت مصر بتنظيم المؤتمر بعد منافسة كبيرة مع تركيا، ويرجع الفضل فى ذلك للدكتور خالد فهمي، وزير البيئة السابق، الذي قاد المفاوضات بشكل مباشر، ومستشاره للتنوع البيولوجي وقتها الدكتور مصطفى فودة، وفريق العمل.

عرفتها القيادة السياسية عندما أدارت ملف مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة تحت إشراف وزير البيئة السابق، بصفته رئيس المؤتمر وقتها لمدة عامين، وكانت تنسق الملف مع وزارة الخارجية، فى إطار الملف الرئاسى الخاص بلجنة دول وحكومات إفريقيا لتغير المناخ، التى ترأسها الرئيس عبدالفتاح السيسى من ٢٠١٥ إلى ٢٠١٧.

واختيرت كمحرر رئيسى لتقرير تغير المناخ والتصحر من قبل اللجنة العلمية المعنية بتغير المناخ، الذراع العلمية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ بألمانيا، خلال عام ٢٠١٧، وهو ما منحها وجودا قويا على الساحة السياسية، فى ظل كونها ضمن خبراء البيئة العرب المعتمدين لدى الأمم المتحدة.

قبل نحو شهرين، وبعد توليها حقيبة وزارة البيئة، كثالث سيدة تتولى الوزارة فى تاريخها، ابتعدت تماما عن الأضواء، وعكفت خلال هذه الفترة على دراسة ملفات الوزارة المختلفة، فرغم امتلاكها الخبرة الكافية لإدارة ملف التعاون الدولى والمشروعات الممنوحة من الجهات الأجنبية، إلا أن باقى الملفات كانت تحتاج منها للدراسة الكافية، بحسب ما قالته لـ«الدستور» عقب سؤالها عن منهجها فى إدارة الملفات المختلفة.

وعقب دراستها عددًا من الملفات المختلفة فى الوزارة، قررت- فى بادرة هى الأولى من نوعها- تعيين ٤ متحدثين رسميين عن الوزارة بمن فيهم مستشارها الإعلامى، وراعت فى اختيارهم أن يكونوا متخصصين فى ملفاتهم مثل المخلفات والمحميات، ليستطيعوا تقديم المعلومات الوافية والدقيقة عن غيرهم.
أعدت محور البيئة فى «رؤية 2030».. وحصلت على معونات لمصر بـ382 مليون دولار من المنظمات العالمية

حققت ياسمين فؤاد منذ عملها بالوزارة عام ١٩٩٧ العديد من الإنجازات، فمثلت مصر فى عدة مؤتمرات وفعاليات دولية خاصة بصندوق المناخ الأخضر، بجانب الفعاليات الخاصة بالتغيرات المناخية، ومؤتمر وزراء البيئة الأفارقة، وتولت مسئولية بنك الأفكار الذى تم تدشينه بوزارة البيئة، لتطوير العمل البيئى، ومنظومة ومناخ العمل والعلاقات داخل وزارة البيئة.
ودعمت كذلك تطبيق مفهوم «الاقتصاد الأخضر» فى القطاعات المختلفة، الذى يعمل على اتباع أنماط الإنتاج والاستهلاك المستدامة، وخلق أسواق جديدة وتوفير فرص عمل وخفض معدلات البطالة، وتقليل الفاقد وتدوير المخلفات، وزيادة الإنتاج والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية.
وتعتبر الوزيرة خبيرة فى التعاون الدولى وتطوير السياسات البيئية، لمدة تتجاوز ١٨ عاما، من بينها ٧ سنوات فى المنظمات الدولية بمجال إدارة المشروعات البيئية العالمية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائى.
وقدمت «ياسمين»، منذ دخولها الوزارة، الدعم الفنى للتعاون الثنائى ومتعدد الأطراف مع الجهات المانحة، وإعداد مقترح المشروعات الوطنية والإقليمية للتمويل من الجهات المانحة بالتركيز على مشروعات البيئة العالمية.
ونجحت الوزيرة فى الحصول على أكثر من ٣٢ مليون دولار أمريكى من مرفق البيئة العالمية المعنى بتقديم معونات للدول النامية لتنفيذ التزاماتها الدولية، وكذلك جمعت ما يقرب من ٣٥٠ مليون دولار لمشروعات التصدى لتغير المناخ.
وعلى مستوى المجتمع المدنى، عملت كخبير دولى لمناصرة التعاون فى حوض نهر النيل، وأعدت تقارير إقليمية حول المنافع المحلية المشتركة لمشروعات مبادرة حوض نهر النيل، كما أعدت ونفذت زيارات تبادلية بين مصر والسودان وإثيوبيا، لدراسة تأثير تغير المناخ على المجتمعات المحلية فى دول الحوض. وتولت أيضا مسئولية ملف التنمية المستدامة بالوزارة والتنسيق مع وزارة التخطيط فى إعداد محور البيئة فى استراتيجية التنمية المستدامة ٢٠٣٠، كما كانت عضوا بلجنة متابعة أهداف التنمية المستدامة ٢٠١٥ مع وزارة التعاون الدولى، بجانب متابعة تقدم المشروعات الأجنبية للوزارة من خلال رئاستها وحدة متابعة مشروع المنح والقروض. وشغلت أيضا منصب اختصاصى علاقات دولية ومؤتمرات بالإدارة العامة للعلاقات الخارجية والتعاون الفنى بجهاز شئون البيئة ٢٠٠١ -٢٠٠٣، وشاركت فى تنفيذ مكون لا مركزية الإدارة بالتعاون مع إدارة المعونة الأمريكية والفروع الإقليمية، وإعداد استراتيجية بيئية متوسطة وطويلة المدى للجهات المانحة مثل الاتحاد الأوروبى والبنك الدولى وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى والتى تهدف إلى تحديد مجالات التعاون البيئى فى مصر على مدى من ٥ إلى ١٠ سنوات.

زوجة دبلوماسى وأم لولدين.. صريحة وقادرة على مواجهة الأزمات

عاشت وزيرة البيئة فترة من حياتها فى ولاية نيو جيرسى الأمريكية، مع زوجها الدبلوماسى حسين شبانة، أحد أبناء وزارة الخارجية، وهو ابن السفير عبدالفتاح شبانة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، واستغلت هذه الفترة فى دراسة العلوم البيئية. ولدى ياسمين فؤاد ولدان، الأكبر «أدهم»، وهو طالب جامعى، درس بمدارس اللغات البريطانية الدولية، ويستكمل دراسته فى الجامعة الأمريكية، وعلى نفس النهج يدرس الابن الأصغر فى مدارس اللغات. وتمتلك «فؤاد»، بوصفها امرأة من مواليد برج الحمل، القدرة على استعادة قواها وتوازنها وتكملة مسارها من جديد حال وقوعها فى أى أزمات، كما أنها تحظى بتقدير المحيطين بها بسبب صراحتها الزائدة، فهى محبة للتحديات، ولا تتحدث كثيرا عن أحلامها وطموحها، بل تتخذ خطوات إيجابية نحو تحقيقها.