رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نيوم.. كلمة السر المستقبلية بين القاهرة والرياض لمحاربة الإرهاب

جريدة الدستور

في إطار الطبيعة الاستراتيجية والمتميزة للعلاقات المصرية السعودية كما وصفها الرئيس عبدالفتاح السيسي، يسطع جانبًا آخر من جوانب التعاون بين البلدين وهو مشروع نيوم، والتي تعد أول منطقة خاصة تمتد على مصر والسعودية والأردن ويمولها صندوق الاستثمار العام السعودي بالإضافة إلى المستثمرين المحليين والدوليين.

ووفقا لمجلة "إيجيبت توداي" فإن زيارة السيسي لمدينة نيوم خلال الأيام الماضية غير مسبوقة واستثنائية، فالسيسي هو أول مسئول رفيع المستوى يتم الترحيب به من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان.

وتم خلال المقابلة تبادل وجهات النظر حول آخر المستجدات في المنطقة وأمنها القومي وقضايا المصالح التنموية المتبادلة والعلاقات الثنائية، بالإضافة إلى ذلك، نظم الحلفاء السعوديون مأدبة كبيرة، حيث حضر العديد من الأمراء والوزراء الاجتماع بالإضافة إلى رئيس المخابرات العامة المصرية، عباس كامل.

وأقر الاجتماع الأطر المتناسقة والاستراتيجية التي تشكل العلاقات المصرية السعودية، وفي علامة على علاقات أكثر دفئًا وتعاونًا أوثق، شرعت كل من مصر والمملكة العربية السعودية في مبادرات مشتركة وتعاونية لتعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة.

وفي الآونة الأخيرة، جلب الاتفاق السعودي المصري العديد من المؤشرات التي تؤكد عمق العلاقة بين البلدين، وشراكتهما في النهضة والتنمية والأمن من خلال العديد من المشاريع الضخمة.

ومنذ البداية، كان هناك اعتراف بأن التعاون بين البلدين لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وبالتالي فإن البلدين يحتاجان إلى إيجاد طريقة لتوسيع تعاونهما بما يتجاوز الوضع الراهن القائم، وبناء على ذلك، سمحت الدولتان لكثير من القنوات الجديدة للتعاون من أجل تشديد علاقاتهما وتعزيز أمن المنطقة.

و"نيوم" حلقة جديدة للتعاون، وهي منطقة تجارية وصناعية بقيمة 500 مليار دولار، حيث ستكون كل من مصر والأردن شريكتين مع المملكة العربية السعودية، والمشروع أطلقه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان في أكتوبر عام 2017، والذي يتضمن إنشاء مدينة عظمى متعددة الجنسيات ومنطقة اقتصادية تغطي 26500 كيلومتر مربع في المملكة العربية السعودية، وضمن هذه المبادرة، ستخصص مصر أكثر من 1000 كيلومتر مربع من الأرض للمشروع في محافظة جنوب سيناء.

ووفقا للأستاذ جمال سلطان، المستشار الأكاديمي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والأستاذ السابق للعلاقات الدولية والسياسة الشرق أوسطية في الجامعة الأمريكية في القاهرة، في تصريحات للمجلة، فإنه كان للاجتماع أهمية استراتيجية وسياسية.

وقال سلطان "من الناحية الاستراتيجية، فإن الترحيب بالسيسي كأول مسئول رفيع المستوى في نيوم يدل على الشراكة الكاملة بين المملكة العربية السعودية ومصر، والتي بدونها لن يكون المشروع قد تحقق على الرغم من الدور الريادي الذي تقوم به المملكة".

وأضاف سياسيًا، تشير الزيارة إلى الشكل الجيد للعلاقات الثنائية بين الدولتين، بالإضافة إلى ذلك، تنظيم الاجتماع بعد يوم واحد من زيارة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى مصر يسلط الضوء على حقيقة أن مصر والمملكة العربية السعودية في تشاور مستمر وحوار بشأن القضية اليمنية.

وسلط "سلطان" الضوء على الدور الرئيسي والحاسم الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في دعم مصر عندما سقطت في أيدي الإخوان، حيث خافت المملكة من انهيار مصر "الأخت الكبرى" التي كانت ستؤدي بدورها إلى انهيار المنطقة العربية بأكملها، وفي عام 2013، دعمت المملكة العربية السعودية مصر سياسيًا وماليًا للتخلص من نظام الإخوان وتعزيز مبادرة السيسي لإنقاذ البلاد.

وتعكس المدينة الجديدة الاهتمام المشترك لمصر والسعودية بمحاربة الإرهاب، من جهة، واتخذ ولي العهد محمد بن سلمان، القوة الدافعة وراء التغيرات الاجتماعية والدينية والاقتصادية الشاملة في المملكة العربية السعودية، والمبادرة لمواجهة "الإيديولوجيات المتشددة" من خلال نشر نسخة أكثر تسامحا ومعتدلة من الإسلام، وقام بتعديل النظام القضائي والتشريعات الخاصة بها.

ومن جهة أخرى، تواصل مصر حربها ضد الإرهاب منذ عام 2013 من خلال مبادرة الدولة لتطوير سيناء، وإن المنطقة الحرة التي سيتم بناؤها في نويبع لخدمة مشروع نيوم سيتم بناؤها على مساحة مليون متر مربع في نويبع والتي لن يتم إهمالها بعد الآن.

وقال أيمن حسني، عضو جمعية مستثمري رأس سدر، إن المشروع الجديد الذي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية هو امتداد ثقافي للتنمية الحضرية والسياحية في جنوب سيناء، وتحديدًا في منطقة رأس سدر، وهي المنطقة الأولى التي تستفيد منها من الأهمية الجغرافية لـ"نيوم"، وإنهاء الأسطورة القديمة لـ"سيناء المهملة" وإغلاق جميع القنوات المحتملة للأنشطة الإرهابية هناك.

ومن الناحية الاقتصادية، أعلنت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي المصرية أنها ستمول أيضا تطوير الجانب المصري من مدينة نيوم الضخمة ومنطقة اقتصادية حرة.

وتأتي الاتفاقيات الجديدة في إطار خطط الحكومة المصرية لتحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر، مع التركيز على تطوير المحافظات الفقيرة من خلال تعزيز الأنشطة الاقتصادية وتوفير فرص العمل للمصريين هناك.

ويقود ولي العهد السعودي، الجهود الرامية إلى إعداد المملكة العربية السعودية لحقبة ما بعد النفط، حيث ينوي إنهاء اعتماد المملكة العربية السعودية الطويل على قطاع النفط من خلال تنويع القطاع الاقتصادي في المملكة، وذكر الأمير السعودي أن نيوم كمنطقة اقتصادية سيكون لها العديد من الموانئ، بعضها في المملكة العربية السعودية وبعضها في مصر.

ويطل مشروع نيوم على البحر الأحمر، أحد أبرز الشرايين الاقتصادية في العالم، والذي يمر عبره ما يقرب من عُشر تدفقات التجارة العالمية، وتسهيل ظهور نيوم السريع كمحور عالمي لديه القدرة على جمع التجارة من آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا.

وتتمثل الضخامة في تحويل الاقتصاد والمجتمع من خلال إدخال مجموعة من الإصلاحات التحريرية كما خطط لها الرئيس السيسي والملك سلمان، وتهدف المدينة إلى احتضان التقنيات والخدمات الرقمية لجعلها موقعًا تجاريًا رئيسيًا في الشرق الأوسط. وبالتالي، فإن هذا التطور سيكون المحرك الرئيسي للسياحة.

ووفقا لقناة "العربية" فإن اسم المشروع له دلالة مهمة، الأحرف الثلاثة الأولى "NEO" تأتي من الكلمة اللاتينية التي تعني "جديد" والحرف الرابع "M" هو اختصار للكلمة العربية "Mostaqbal" التي تعني "المستقبل"، وتتمتع "نيوم" بساحل غير متقطع يمتد لمسافة 468 كيلو مترًا، وسيتم تشغيله فقط من خلال مصادر الطاقة المتجددة.

وتركز المنطقة على تسعة قطاعات استثمارية متخصصة بما في ذلك الطاقة والمياه والتنقل والمواد الغذائية والعلوم التكنولوجية والرقميّة والتصنيع المتطور والإعلام والترفيه.

وبالنسبة للحكومتين المصرية والسعودية، فإن هذه القطاعات تحفز النمو الاقتصادي والتنويع من خلال رعاية الابتكار والتصنيع العالميين، ونتيجة لذلك، ستدفع الصناعات المحلية، وتعزز نمو الناتج المحلي الإجمالي في المملكة، وفقا لوكالة الأنباء السعودية الرسمية.