رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مينا أسعد كامل يكتب: كيف حمى البابا تواضروس الإيمان الأرثوذكسى؟

مينا أسعد كامل
مينا أسعد كامل

مع ازدياد دخان الشائعات، حتى كاد يصير سحابة سوداء تحجب الشمس والهواء، ومع ترفعنا عن التعامل مع أشباح الخرافات التى يتداولها البعض، واثقين أن الحقيقة لا يستطيع أحد أن يخفيها، كما أن الشمس لن يستطيع أحد أن يطفئها، رأينا أن نتناول بعضًا يسيرًا مما تثيره فئات معروفة، من الذين يهاجمون الكنيسة وخدام العقيدة.

الاتجار بالدم
رغم صعوبة العنوان، واشمئزاز النفس السوية منه، إلا أنه بكل مكاشفة، هذا ما حدث فور إسالة دماء الأنبا أبيفانيوس على أسوار دير أبى مقار.. بدأت المتاجرة بين مناد بأن قاتله هو البابا شنودة! وآخر قال إن الجانى هم أساقفة! وتواضع البعض فاتهم خدامًا، وبين هذا وذاك، ومع عدم معقولية ما يرددونه، نزلوا بالاتهام درجة فقيل إن سبب القتل عقدى!، وتأتى نتائج التحقيقات فتحطم كل ما سبق على صخرة الحقيقة، وأن السبب لم يكن أبدًا أيًا من هذه الاحتمالات، فظهرت أسماء التجار، وهذه ليست أول سابقة لهم فى هذا، فالمتابع سيجد قطرات دموية فكريًا هنا أو هناك، فبين تماديهم قديمًا فى الهجوم على رأس الكنيسة الأرضية ورأسها السماوى، إلى الهجوم على أعمدتنا من الآباء الأساقفة.. أمر صار التاريخ يذكره بملل، من فرط تكراره، ونهايته المحتومة ألا وهى زوال المؤامرة وبقاء الكنيسة.
لذا لن أطيل فى هذا الأمر، لكن فقط إن كنت عزيزى القارئ تريد أن تحكم عدلًا، أو أن تصل للحقيقة، فقط تذكر أن كنيستك القبطية الأرثوذكسية هى كنيسة آبائية التسليم والتقليد، وليس فى هذا «سلفية»، بالمفهوم الاصطلاحى المنفر الذى يروج له البعض، وتذكر تعاليم من يهاجم آبائيتها، حتى وإن نادى بالرجوع إليهم، ومن ثم.. ضع الكتاب المقدس والتقليد ميزانًا للفرز.

المزيد من التجارة الفكرية
جاءت كلمة «المكاشفة» لقداسة البابا، فى عظته الشهيرة، عقب الأحداث المؤسفة، مخيبة لآمال الكثيرين لوضوحها وصراحتها، وتعضيدها للشعب القبطى، فكان لا بد لهم أن يستغلوها مئولين معناها وفكرها، فبين ما قيل كان تأكيد قداسته أن الكنيسة وإيمانها لها حام، والإيمان ليس سلعة، يتاجر بها بدعوى حمايتها، وبالفعل تحدث قداسته بالحق، موجهًا نداءه لبعض الصفحات التى تحاول «حماية الإيمان» بأسماء متخفية للتشهير بالكنيسة والبابا، فاستخدموا طرقًا ووسائل لها عنوان مشروع، نحو هدف ما، يراه البعض صائبًا، ويختلف معه البعض، ولكن يتفق الجميع- ونحن أولهم- على رفض الأسلوب، لكن تسرع البعض وهاجم صفحة «رابطة حماة الإيمان»، وخدامها، باعتبار أن قداسته هاجمها! رغم أنه تحدث عن فعل وليس صفحة!
ونترك تقييم ما ينشر على صفحة الرابطة، والتى يخدم فيها أبناء للكنيسة، متخذين معلمى الكنيسة من الآباء القدامى، الذين لقبوا بحماة الإيمان، شفعاء لهم، أمام كل قارئ حتى يصطدم بأن كل ما يقال عار عن الصحة، بل لم يجرؤ أحد أن يواجه مادة علمية على صفحة الفيسبوك تلك، التى أرقت الكثيرين.
كان الخطأ الذى وقعوا فيه، لافتقادهم البصيرة، هو أن قداسة البابا، كما نراه، لم يكن يتحدث سوى عن المتاجرين.
أليس قداسته هو القائل سابقًا: «الانحراف عن الأرثوذكسية شعرة يعتبر خيانة»، أليس فى هذا دعوة للشعب كى يتمسكوا بإيمانهم السليم مدافعين عنه فى قلوبهم؟
أليس قداسته هو الذى دعانا كى «نضع قانون الإيمان ميزانًا لكل تعليم»، أفليس فى هذا دعوة لأن نضع حكمًا فى تعليمنا وتعلمنا لتنمية روح الإفراز، التى بدورها تدافع عن تسلل أفكار منحرفة إلى التعليم النقى؟
لم يكن- كما فهمنا- قداسته يقصد أبدًا أن تتوقف خدمات العقيدة، باعتبار أن العقيدة لها رب يحميها، وإلا لأوقفنا أيضًا الافتقاد، لأن البشر لهم إله يفتقد قلوبهم، وأوقفنا الرعاية، لأن الله يرعى كنيسته، وأوقفنا.. إلخ.
هكذا حاول هؤلاء بتجارة رخيصة، الطعن فى كل عمل الكنيسة، مستخدمين فى ذلك كلمة قداسته، متناسين أنه ابن للبابا شنودة ومكمل لمسيرته، هذا الذى علمنا أن إدانة الفكر المخالف ليست خطية، وليست إدانة لشخص.
إننا نذكر للبابا المواقف الإيمانية التى حامى عنها مع المجمع المقدس، على سبيل المثال وليس الحصر، فالمجمع المقدس برئاسة قداسته هو الذى أعاد التحذير من كتب جورج بباوى المحرومة كنسيًا والتى بدأت فى التسلل للكنائس، وقداسته هو الذى أحال أخطاء ما يسمى مدرسة الإسكندرية للتحقيق بعد تسلمه تقرير أخطائها من لجنة الايمان والتعليم، وقداسته هو الذى بدأ فى إعداد مجموعة من الخدام، معدين بتقنية حديثة، لتقديم التعليم السليم، منه التعليم العقدى.. أليس كل ما فات وكل ما هو آت محاماة عن الإيمان والتعليم السليم؟ وهل يعقل أحد من هؤلاء المتاجرين أن يظن أن قداسته لا يحام عن الايمان ويمنع المحاماة عنه، أوليس المجمع هو حائط الصد لكنيستنا المقدسة؟ والخدام حراسًا أقامهم الله لأبنائه؟
فى ضوء ما سبق.. أعد تقييم ما تسمع، وما سمعت، وانظر بنظرة أشمل لمن يهاجم خدام العقيدة، إنهم ما بين محروم كنسيًا، أو خادم موقوف، أو أسقف منشق، أو رئيس طائفة أباحت زواج المثليين.
هؤلاء يهاجمون الخدام.. فماذا يريدون من الكنيسة؟