رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المواجهة الشاملة.. الطريق الصحيح للنهضة


مظاهرات جنوب العراق بسبب تدنى الخدمات وانقطاع الكهرباء، وفضيحة الكهرباء فى لبنان، كما أطلق اللبنانيون على صفقة الكهرباء التى كانت معروضة على لبنان من الجانب التركى- دفعت صحفيين ومواطنين فى الدولتين ليطالبوا الحكومتين بمتابعة ما حدث فى مصر وكيفية مواجهة أزمة الكهرباء التى استطاعت فيها دولة خرجت من حكم الإخوان، وبعد فوضى ومؤامرة، لتواجه أزماتها الواحدة تلو الأخرى.
الدولة التى قادها الرئيس السيسى دخلت فى مواجهة شاملة مع أزماتها وكانت طريقة تعامل الرئيس بعيدة عن أسلوب التسكين، وفضل أن يخسر شعبيته ولا تخسر مصر مستقبلا مشرقا.. اختار الرئيس المواجهة الشاملة فى أزمة الكهرباء وعلى مرحلتين، الأولى كانت عاجلة عندما استوردت مصر محولات ومحطات كهرباء متحركة لسد العجز الناتج عن توقف بعض المحطات، إما لعدم الصيانة لسنوات أو نتيجة للفوضى التى شهدتها البلاد بعد ٢٥ يناير.. وخلال تلك الفترة التى اعتمدت فيها الدولة على محطات متحركة كحل مؤقت للأزمة.. كانت الاتفاقيات مع شركة سيمنس وشركات مصرية ليبدأ التحدى، وخلال أربع سنوات أقيمت كبرى محطات الكهرباء وبدأت فى العمل، وتحولت مصر من دولة تواجه عجزا هائلا فى الكهرباء إلى دولة تدخل فى ربط كهربائى مع السعودية والسودان ودول أخرى، ولم تكن مواجهة أزمة الكهرباء فقط للقضاء على أزمة تعانى منها البيوت المصرية ولكنها كانت أزمة تعانى منها المصانع وكل منشآت الدولة.. أصبح لدينا رصيد كاف واحتياطى من محطات سيمنس، بالإضافة إلى محطات الطاقة المولدة بالرياح والطاقة الشمسية لتنتهى أزمة مهمة واجهت مصر.. أسلوب المواجهة الشاملة انتقل من الكهرباء إلى مواد البناء.. نحن نبنى دولة حديثة.. عشرات المدن وآلاف المصانع ومئات الطرق تحتاج إلى توفير مواد البناء ولا يجب أن تكون مصر، التى تملك المواد الخام، هى الدولة التى تبنى بمواد مستوردة.
بنفس النهج أقيمت مصانع الأسمنت التى يتوالى افتتاحها واحدًا بعد الآخر وتم تغيير التعامل مع مصنع الحديد والصلب فى حلوان والبدء فى إصلاح أفرانه وتطوير معداته ليبدأ قريبا العودة إلى مكانته القديمة.
أقيمت مصانع الرخام فى سيناء وبنى سويف والجلالة لنبدأ عصر التصنيع والتصدير لا الاستيراد أو تصدير الخام.. عناصر البناء إذن أصبحت متاحة لدينا الأرض والمواد المطلوبة والكهرباء.. سيسأل البعض: هل يعنى ذلك انتهاء أزمة الإسكان؟.. نعم ولكن بعد قليل.. سيسأل البعض: كيف ونحن نملك كل هذه المقومات يصل ثمن الشقق إلى الملايين؟.. أقول لهم نعم هناك شقق بالملايين، ولكن هناك الأسمرات وغيط العنب ومناطق أخرى كثيرة تقدم مجانا وبالأثاث لطبقات عانت كثيرًا وأهينت إنسانيتها وكرامتها.. الدولة استطاعت أن توفر لهم سكنا آمنا وآدميا وهناك من يملك أن يشترى الأفضل والأكثر ثراء يرى أن هناك ما يلائمه.. مواجهة أزمة الإسكان كان يجب أن تعتمد على مواد بناء وأيدٍ عاملة وطاقة وهى مهنة تساعد فيها مهن كثيرة.. وتستحوذ على أغلب سوق العمالة فى مصر، والنتيجة الآن مدن وصل عددها إلى حوالى ١٥ مدينة فى العلمين والإسماعيلية والمنصورة والجلالة وأسيوط والمنيا وحتى حلايب وشلاتين وبئرالعبد- سياسة اعتمدت أيضا على المواجهة.
فى الصحة أيضًا بدأت المواجهة واختار الرئيس أن تكون أيضا شاملة، فصدر قانون التأمين الصحى الشامل، وبدأ التنفيذ فى محافظات القناة، وقبل ذلك المواجهة مع العدو الأكبر للمصريين «فيروس سى» الذى استطاعت مصر أن تتغلب عليه، وقريبا تعلن دولة خالية منه بعد أن كانت أكثر الدول إصابة به.. ولتدخل فى مواجهة قريبة مع الأورام التى تنشئ مصانع أدوية خاصة بها وكذا بعض المستشفيات وسوف تنتصر مصر أيضا فى هذه المعركة.. ويصدر قرار الرئيس بحل أزمة قوائم انتظار المرضى فى الحالات الحرجة والعمليات لتدخل المستشفيات العسكرية والمدنية فى سباق لحل الأزمة التى طالما أطاحت بأحلام المرضى وأدت لوفاة الآلاف وهم فى الانتظار.
فى التعليم بدأت المواجهة بالإعلان عن تطوير شامل لن نرى نتيجته بعد عام أو أعوام قليلة ولكننا سنجد جيلا بعد سنوات تم بناء قدراته التعليمية والدراسية بشكل محترف، وسنحصد نتائج ذلك فى أجيال متعددة تبنى الدولة الحديثة.
أسلوب المواجهة الذى اختاره الرئيس السيسى هو الذى حسم قضايا عديدة توقف عندها رؤساء سابقون فضلوا إبقاء الحال على ما هو، خوفا من غضبة شعبية.. نواجه قضية الدعم وتحويله من دعم طبقات اجتماعية تملك إلى دعم حقيقى لفئات تحتاجه.
المواجهة الشاملة أيضا فى مجال الأمن وإعادة هيبة الدولة وإحكام السيطرة على الشارع خلقت حالة من الأمن فى الشارع المصرى، وعاد الشعب إلى السهر والخروج والتحرك بأمان، وأعاد الرئيس للشرطة قوتها وهيبتها، وهى أولى خطوات إعادة بناء الدولة.
بقيت مناطق مهمة تحتاج إلى المواجهة الشاملة وهى الثقافة والإعلام وهما منطقتان فى منتهى الأهمية والخطورة.. الثقافة هى التى ستبنى العقول ويجب أن نواجه فيها ومنها الخطاب المتطرف وتدنى أسلوب التعامل الأخلاقى وانتشار عادات غريبة على شعبنا.. وأن نعيد للسينما المصرية والمسرح والأغنية مكانتها بعد أن استولى عليها إخوة بأموالهم وحولوها إلى ثقافة أخرى أو دخل إلى ميدانها رجال أعمال لا يهمهم سوى الربح، فلم يفرقوا بين مكسب من محلات الجزارة أو المقاولات وبين مهنة تبنى العقول، فاختفى الاهتمام بالكتاب وتحول الأمر إلى أفلام رخيصة مهمة المنتج فيها أن يحصل على أمواله وأرباحه بسرعة، تاركا أثرا قاتلا، وتم تقديم نماذج سيئة كقدوة للشباب، ومن هنا يجب أن تتدخل الدولة وتواجه بقوة وحسم ودعم وأن تعود للإنتاج السينمائى والدرامى والموسيقى لتوقف هذا المد اللا أخلاقى أو المد الذى يريد تحويل الثقافة المصرية الأصيلة إلى ثقافات أخرى.
أما الإعلام فالحديث فيه ذو شجون، ولتنظر الآن ونحن كنا أصحاب ريادة إعلامية: أول محطة إذاعة.. أول تليفزيون.. كنا المنارة فتحولنا إلى شاشة عرض نتجت عن ممولين ونتنازل عن أشياء كثيرة.. أصبحنا نمتلك عشرات القنوات والشبكات الإذاعية ولا نستطيع المنافسة.. أصبحت لدينا حوالى ١٥ كلية إعلام ولم يعد لدينا إعلاميون.. كنا وأصبحنا ولكى نعود يجب أيضا أن تكون المواجهة شاملة.. المواجهة الشاملة الأهم أيضا هى المواجهة مع الفساد الذى استشرى وبنى له أوكارا فى كل مكان وهى مهمة موكولة إلى رجال قدر الله لهم أن يكون ذلك طريقهم واستطاعوا أن يقدموا الكثير ولكن ما زالت مهمتهم طويلة ولكن صقور الرقابة الإدارية لن تغفل عيونهم عن المواجهة وهم قادرون على ذلك.
للمواجهة ضحايا وآلام، ولكنها هى الحل لكى نكمل طريق الصعود.. معنا رئيس مصمم على أن تكون مصر هى الأفضل ونملك إمكانيات هائلة تحت الأرض والبحر وفوقهما.. فقط علينا أن نعيد إرادتنا لتكون الأقوى، لكى تكون مصر الأفضل.