رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السلطة والفساد


كشفت وقائع ضبط بعض كبار المسئولين فى الجهاز الإدارى للدولة، ومنهم رئيس مصلحة الجمارك، ورئيس الشركة القابضة للسلع الغذائية، ورئيس حى الهرم، وقبلهم أعداد كبيرة من كبار المسئولين عن أزمة تحتاج إلى أن نتوقف أمامها.
فى معظم أجهزة الدولة، تتركز السلطات فى يد الوزير أو من يفوضه، وفى الحكم المحلى بالذات، وضع القانون فى أيدى المحافظين ورؤساء مجالس المدن صلاحيات ضخمة، وأهمها إصدار الموافقات النهائية على المشروعات الاستثمارية والعقارية، التى تقدر بملايين الجنيهات، والتغاضى عن مخالفات تلك العقارات، بالمخالفة للقانون، لأن القانون فوضه فى إزالة تلك المخالفات بالتعاون مع الجهات الأمنية، وفى وقت من الأوقات كانت الأجهزة الأمنية تتقاعس، لأسباب تخصها تتعلق بما حدث فى أعقاب ثورة يناير ٢٠١١، من انفلات أمنى وانهيار الشرطة. وهو ما ساعد على انتشار موجة هائلة من المخالفات فى البناء والتشييد على نحو غير مسبوق، وهو ما غل أيدى الأجهزة المحلية عن التعامل مع تلك المخالفات وإزالتها.
وفضلًا عن هذا يعتبر التعامل مع المصالح الحكومية بتاريخها الطويل من البيروقراطية مرضًا عضالًا يعانى منه المصريون يوميًا منذ الأزل وكأنه قدر لا فكاك منه.
الطوابير التى تمتد لعشرات الأمتار والأوقات، والأموال المهدرة فى تفاصيل البيروقراطية المزمنة للحصول على الخدمة، والتجول بين المكاتب لإنهاء إجراءات هذا المستخرج أو ذاك. كل هذا جعل المواطن أو طالب الخدمة يستسهل عملية الدفع للموظف لينهى له طلبه.
تركيز السلطة فى أيدى هؤلاء المسئولين، جعلهم هدفًا لمحاولات استدراجهم للتغاضى عن المخالفات أو إصدار موافقات على خلاف القانون، ومن هنا وجب التفكير فى وسيلة تحول بين هؤلاء المسئولين والاتصال بذوى الشأن من أصحاب العقارات والإنشاءات.
ولا يتم هذا إلا عن طريق ميكنة تلك الخدمات، كما حدث فى دول الخليج ودول أوروبا، وتتيح الميكنة لطالب الخدمة أن يتقدم بأوراقه، ويتم فحصها، وإصدار الموافقة تلقائيًا، وفى حالة وجود مخالفة يتم رفض الطلب تلقائيًا أيضًا.
فى مجال المرور، تستعين حكومات بعض دول الخليج بشركات فحص السيارات تتمتع بسمعة طيبة، ولديها أجهزة حديثة لقياس كفاءة السيارات دون تدخل العنصر البشرى، وتصدر تقارير مميكنة، يتسلمها صاحب الشأن، ثم يقدم الفيزا كارت لتخصم منها مخالفاته، ويصدر له الترخيص أو تجديد الترخيص فورًا، بمجرد تقديم الطلب، دون أن يقابل صاحب الرخصة أى شخص أو موظف.
ولا يعرف طالب الرخصة أى موظف سوف يتعامل مع طلبه أو مشروعه. وليس هناك ما يمنع ذلك بالنسبة لكل الخدمات التى تقدمها الدولة لمواطنيها، وهو النظام المعمول به فى كل دول الخليج وفى معظم دول أوروبا.
وكنا قد سمعنا عن مشروع تطوير الإدارات المحلية بالأحياء والمدن، والمشروع يهدف إلى توفير الخدمات الحكومية بالمحليات بشكل لا مركزى، وإتاحتها للمواطنين عن بُعد من خلال قنوات مختلفة «بوابة خدمات الحكومة المصرية- بوابات المحافظات- الإنترنت- التليفون- منافذ الخدمة»، وأيضًا رفع قدرة المحليات على تبادل المعلومات وتقديم الخدمات بسرعة ودقة. ويعمل المشروع على خلق التكامل بين الجهات على مستوى المحافظات والأحياء والمراكز والمدن والمديريات. وإتاحة معلومات عن الخدمات وزمن تنفيذها وتحقيق العدالة المطلقة بين المواطنين، فى إطار من الشفافية. وتوفير قاعدة بيانات لسرعة استرجاع المعلومة، مع الدقة والسرية للبيانات، ومتابعة أعمال الإدارات ودعم متخذى القرار.