رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إشعياء وفلتاؤس خارج الملكوت.. (القصة كاملة)

ابيفانيوس
ابيفانيوس

- الضباط أوهموه باعتراف فلتاؤس تحت تأثير البنج فانهار كاشفًا كل تفاصيل الحادث
- شاهد رآه يحمل قطعة حديدية داخل الدير والتحريات أثبتت مرافقة الراهبين لبعضها فى وقت متزامن للجريمة


قرر المستشار أحمد الجندى، رئيس محكمة وادى النطرون الجزئية بالبحيرة، اليوم، تجديد حبس الراهب المشلوح إشعياء المقارى، ٣٤ سنة، واسمه فى شهادة الميلاد وائل سعد تاوضروس، بتهمة قتل الأنبا أبيفانيوس، رئيس وأسقف دير أبومقار بوادى النطرون، ١٥ يومًا على ذمة التحقيقات.
كما قرر المستشار محمد مصطفى، رئيس نيابة استئناف الإسكندرية، حبس الراهب فلتاؤس المقارى، واسمه بشهادة الميلاد ريمون رسمى منصور، ٣٣ سنة، بتهمة الاشتراك فى قتل الأنبا أبيفانيوس ٤ أيام على ذمة التحقيقات.
وكانت الأجهزة الأمنية بالبحيرة، تمكنت من كشف لغز مقتل الأنبا أبيفانيوس، الذى عثر على جثته أمام القلاية الخاصة به داخل الدير.
وتوصل فريق البحث إلى أن الراهب إشعياء المقارى الذى تم تجريده من الرهبنة، والإعلان عن عودته إلى اسمه المدنى، قد ارتكب الجريمة، بمساعدة صديقه الراهب فلتاؤس المقارى، الذى حاول الانتحار بقطع شرايينه عقب القبض على إشعياء.

وائل كان على خلاف مع القتيل والأخير رفض تجريده: «له محبة فى قلبى»
كشف مصدر أمنى رفيع عن التفاصيل الكاملة لكيفية توصل أجهزة الأمن إلى مرتكبى الحادث، مشيرًا إلى أن الشكوك كانت تحوم حول الراهب المشلوح إشعياء منذ اليوم الأول لاكتشاف الجريمة، إلا أن فريق البحث ظل متكتمًا على تلك الشكوك لحين التوصل إلى أدلة قاطعة.
وأوضح المصدر لـ«الدستور» أن تلك الشكوك زادت بعد محاولة انتحار إشعياء وزميله الراهب فلتاؤس، وظل فريق البحث يضعهما تحت الرقابة المشددة، ويتابع كل تحركاتهما وزائرى فلتاؤس بالمستشفى، بعد إصابته نتيجة قطع شرايينه.
وأضاف المصدر أنه تم التقاط أول خيط لكشف تفاصيل الواقعة، بعد أن تأكد فريق البحث أن الراهب إشعياء المعروف بعداوته لرئيس الدير المجنى عليه، كان فى صحبة الراهب فلتاؤس، فى وقت مقارب لتنفيذ الجريمة.
وتابعت: «علامات القلق والخوف ظهرت على إشعياء طوال الوقت خلال فترة التحقيقات مع الرهبان، وتمكن فريق البحث من التوصل إلى شاهد عيان داخل الدير، رأى المتهم وهو يحمل فى يده قطعة حديدية».
وأردف: «فريق البحث واجه المتهم بأقوال الشاهد، لكنه نفاها تمامًا، مؤكدًا أنه لم يخرج من قلايته فى تلك الليلة، وهو ما جعل الشكوك نحوه تتزايد».
وأشار المصدر إلى أن الشكوك اقتربت من اليقين لدى فريق البحث بعد محاولة الانتحار التى نفذها المتهمان إشعياء وفلتاؤس، حيث تم وضع خطة محكمة تستهدف الإيقاع بالمتهم عن طريق الإيحاء بأن شريكه الراهب فلتاؤس، أدلى بأقوال واعترافات مهمة فى أثناء وجوده تحت تأثير البنج بمستشفى مايكل أنجلو بالزمالك.
وأوضح المصدر أنه تم استدعاء إشعياء لغرفة التحقيق، وفى أثناء الحديث معه، جاءت مكالمة غير حقيقية لأحد الضباط ادّعى خلالها أنه يتحدث مع طبيب بالمستشفى، وظل الضابط يردد: «يعنى اعترف.. فعلًا ها ها.. إيه كمان؟ تمام.. كده الأمور وضحت».
وتابع: «أغلق الضابط الخط بعد هذه المكالمة، ونظر إلى إشعياء وظل صامتًا للحظات، ثم قال له: أعتقد كل حاجة كده وضحت، ومافيش داعى نلف وندور.. صح؟».
وأضاف: «اعتقد المتهم أن المكالمة حقيقية، وأن فلتاؤس هلوس تحت تأثير البنج، وأدلى باعترافات عن الواقعة، اعترف إشعياء تفصيليًا أمام فريق البحث بارتكاب الجريمة، بمشاركة الراهب فلتاؤس الذى كان دوره مراقبة الطريق ومدخل ممر القلايات، لحين قتل المجنى عليه، حيث وجه الراهب المشلوح ٣ ضربات على رأس الضحية بحديدة أعدها خصيصًا، فيما أرشد المتهم فريق البحث عن مكان إخفائها داخل الدير».
وأوضح المصدر أن تلك المكالمة كانت وهمية ومجرد حيلة من فريق البحث، استطاع من خلالها الإيقاع بالمتهم، والحصول على اعترافات تفصيلية منه عن كيفية ارتكاب الجريمة والإرشاد عن الأداة المستخدمة.
وكشفت التحقيقات عن أن الراهب المجرد انتقل إلى دير الأنبا مقار منذ عام ٢٠١٠، وحدثت مؤخرًا خلافات بينه ورئيس الدير، حيث أكد الرهبان فى أقوالهم أن المتهم كان على خلاف دائم مع الأنبا أبيفانيوس، وسبق أن سبه وشتمه.
وكشفت أقوال الرهبان فى التحقيقات، أن رئيس الدير المجنى عليه، حاول مرارًا تجريد إشعياء من رهبنته، لكنه كان دائمًا يقول: «ما زالت له محبة فى قلبى»، مشيرين إلى أن آخر مرة أصدر فيها المجنى عليه خطابًا لتجريده الراهب كان فى فبراير الماضى، لكنه تراجع بسبب طيبته.
وذكر الرهبان أن «الجروب» الذى كان يجمعهم على تطبيق «واتس آب» أنشئ بهدف المناقشات العادية، ولم يعلموا بنية المتهم بارتكاب الواقعة.
وتبين من التحقيقات أن الخلافات بين المجنى عليه والراهب المجرد، تمثلت فى مخالفة الأخير قواعد الرهبنة، كما تبين أن فلتاؤس شارك فى الجريمة بسبب الخلافات مع رئيس الدير فى توزيع المهام والهبات والمناصب.

شاهد: كان سعيدًا خلال تمثيل الجريمة.. وتعامل وكأنه قتل بن لادن
ذكرت مصادر أن لجنة الأديرة والرهبنة بالمجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تتجه لتجريد الراهب فلتاؤس المقارى من الرهبنة، وإعادته لاسمه المدنى، لكسره نذور الرهبنة واشتراكه فى جريمة قتل الأنبا إبيفانيوس، وإقدامه على الانتحار.
وكشفت المصادر عن أن المجمع المقدس من المقرر أن يُشكل لجنة يترأسها الأنبا دانيال، أسقف دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر، بصفته مقررًا للجنة شئون الرهبان، للبت فى أمر تجريد الراهب فلتاؤس المقارى.
وأوضحت المصادر أن الكنيسة لم تعلن قرار المجمع بتجريد الراهب إشعياء، إلا بعد إثبات تورطه فى الجريمة واعترافه بذلك بين يدى النيابة.
وكشفت مصادر قضائية عن أن نيابة استئناف الإسكندرية، خاطبت مستشفى «مايكل أنجلو» بالزمالك؛ للاستعلام عن حالة المتهم الثانى فلتاؤس، والذى بدوره أكد تعافيه، وتمتعه بصحة جيدة، حيث إنه من المقرر نقله إلى مقر النيابة لاستكمال التحقيقات.
وعن تمثيل الراهب إشعياء الجريمة، قالت المصادر إن المتهم كان يرتدى ملابس عادية، وأن رهبان الدير كلفوا «الربيتة»، وهو الرجل الثانى فى الدير، بإيفاد ٣ من الخدام، لمرافقة رجال المباحث والراهب المجرد، كما سلموا الراهب، الجلباب الأسمر المخصص للرهبان «الفراجية»، لإتمام عملية التمثيل.
وأوضحت المصادر أن عملية التمثيل جرت مرتين، الأولى لتوضيح دوره، والثانية لتوضيح دور الراهب فلتاؤس بالمراقبة، مؤكدة أن رجال الأمن كانوا ينادونه خلال ذلك بـ«إشعياء» دون ألقاب كهنوتية، كما تمت العملية فى تمام الساعة الثانية والنصف صباحًا.
وأكدت المصادر أن إشعياء كان فى حالة نفسية جيدة، خلال تمثيل الجريمة، وكان يطلق الضحكات، مشيرة إلى أنه طلب بنفسه إحضار «الفراجية» ليرتديها خلال التمثيل، وكان يتعامل مع الأمر بشكل طبيعى للغاية.
على صعيد آخر، أكدت مصادر أن الراهب المجرد إشعياء له أخ راهب فى أحد أديرة الوجه القبلى، إلا أن الكنيسة لم تستجوبه أو توجه إليه أى لوم، أو تحمله أى ذنب فى تورط ارتكاب أخيه الجريمة.