رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمبرتو إيكو

 أمبرتو إيكو
أمبرتو إيكو

- لماذا قتلته؟
- اليوم عندما أرسل ينادينى قال لى إنه بفضلك قد اكتشف كل شىء. لم يكن يعرف إلى اليوم ماذا حاولت أن أحمى، لم يكن يفهم بالضبط ما هى الكنوز، وما هى أهداف المكتبة. وطلب منى أن أفسر له ما كان يجهل. كان يريد فتح قاعة «أقصى إفريقيا». لقد طلب منه جماعة الإيطاليين أن يضع حدًا لما كانوا يسمونه السر الذى كنت أسعى للحفاظ عليه أنا ومن سبقنى. تقض مضاجعهم الرغبة فى معرفة أشياء جديدة.
- ووعدته أنت بأنك ستأتى إلى هنا وتضع حدًا لحياتك كما وضعت حدًا لحياة الآخرين، حتى تبقى سمعة الدير سليمة ولا يعرف أحد شيئًا. ثم بينت له الطريق كى يأتى من بعد، لمعاينة ذلك. ولكنك كنت تنتظره لقتله. ألم يخطر ببالك أنه كان يمكنه الدخول من المرآة؟
- كلا، أبونى قصير القامة، وما كان باستطاعته أن يصل وحده إلى حروف الآية. فبينت له هذا الممر الذى كنت الوحيد الذى يعرفه، إنه الممر الذى استعملته سنوات طويلة لأنه أيسر لى فى الظلمة. يكفينى أن أصل إلى المصلى وأتبع عظام الموتى إلى نهاية الممر.
- وهكذا جعلته يأتى إلى هنا وأنت تعرف أنك ستقتله..
- لم يعد بإمكانى أن أثق به هو الآخر. كان مروعًا. لقد ذاع صيته سابقًا فى فوسانوفا لأنه استطاع أن ينزل بجثة فى سلم حلزونى. إنه لمجد باطل. الآن مات لأنه لم يستطع أن يصعد بجسمه هو.
- لقد استعملته لمدة أربعين سنة. عندما تفطنت إلى أنك ستصبح أعمى ولن يمكنك أن تواصل مراقبة المكتبة، تصرفت بكل دهاء وبراعة ثم عملت ما فى وسعك كى يصبح حافظ مكتبة فى الأول روبارتو دا بوبيو، الذى كنت تلقنه ما تريده أنت، ثم ملاخى، الذى كان يحتاج إلى مساعدتك ولا يخطو خطوة إلا بمشورتك. لقد كنت سيد هذا الدير مدة أربعين سنة. وهذا ما فهمته جماعة الإيطاليين، وهذا ما كان أليناردو يعيد قوله، ولكن لا أحد كان يصغى إليه لأنهم يعتبرونه مجنونًا، أليس كذلك؟ ولكنك كنت تنتظرنى، ولم يكن بإمكانك تعطيل آلية مدخل المرآة، لأن الآلية مغلق عليها بالحائط. كنت تنتظرنى، ما الذى جعلك متأكدًا من أننى سأجئ؟- كان غوليالمو يسأل، ومن نبرة صوته كان واضحًا أنه يتكهن بالجواب، وينتظره كمكافأة على مهارته.