رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشيخة نور الصباح.. عذراء افنت عمرها في مساعدة الفقراء

جريدة الدستور

سماء صافية، أشعة شمس ساطعة، وأصوات زغاريد تعم أركان البلدة، في صباح 10 أغسطس 1827، موعد ميلاد "نور الصباح "، فمن هي ولمن يعود نسبها؟، ولماذا كل هذه الحفاوة باستقبالها؟

هكذا تسائل أهالي قرية ميت السودان بالدقهلية، "نور الصباح" إبنة العارف بالله "محمد بن علي بن محمد الغباري" أخت لثلاثة ذكور، حسن وأحمد وعلي، وكان الشيخ محمد يقرأ القران إحتفالا بمولادها، فقد نشأت في بيت صوفي يهوي ذكر أهل بيت النبي، وكانت محبة لسماع الذكر والإنشاء في حب النبي منذ صغرها، فلم تكن كباقي الأطفال من نفس سنها، فكانت شغوفة بمساعدة الآخرين، وكان يوم سعادتها هو يوم "الحضرة" الذي يقيمه السيد "محمد" في بيته لأنها ستسمع الذكر المحبب إليها وتعمل علي إحضار الطعام للحضور.

ويعتبر منزل عائلة الشيخة صباح مكانا يجتمع فيه أهالي القرية أسبوعيًا لتلاوة القرآن الكريم والتسبيحات والذكر بمختلف أنواعه، ويتم سرد قصص الأنبياء والصالحين، وكانت للشيخة صباح كرامات عدة، ظهرت عندما وافق والدها علي تزويجها لأحد شباب القرية رغمًا عنها، ولكنها قالت لأمها: "احنا ناس بتوع ربنا قولي لأبويا خلي الطابق مستور"، لكن الأم لم تلقي بالا لحديث إبنتها ورفضت إخبار الوالد بذلك.

وتم زفافها إلي بيت العريس وأغلقوا عليها الباب لتنتظر عريسها، وعند دخول أهله الغرفة لم يجدوا أحدًا، مع العلم أنه لم يكن يوجد سوي باب واحد يقف ناس امامه ولم يفتح، وظل الجميع يبحث عنها فيما جلس الأب حزينا فلم يصدق أن ابنته التي اشتهرت بالصلاح تهرب يوم زفافها وعاد إلي المنزل فوجدها في المضيفة مرتدية ثوبا أسود اللون وقالت له:
" احنا ناس بتوع ربنا لا تفش السر وخلي الطابق مستور " ظل ينظر إليها غير مصدق لكنه فالنهاية تقبل الامر،، من هنا ذاع صيت نور الصباح.

وعاشت عذراء نحو 80 عامًا، وكانت عونا للمحتاجين والفقراء ويحكي أن من كراماتها معالجة العقم والصرع.

وذات يوم أخذها والدها إلى مدينة طنطا بغرض زيارة السيد "أحمد البدوي" رضي الله عنه، وعند دخولها إلى المقام تعلقت به ولعشقها له قررت عدم العوده الي ميت السودان، أخذت بيتا في طنطا وقررت ان تفتحه لإطعام الفقراء، لذا سرعان ما انتشرت أخبارها في أرجاء المحافظة.

وحرصت "صباح" على إحياء ليلة الجمعة، ومداومتها علي الإحتفال بمولد النبى عليه الصلاة والسلام، وموالد الأولياء وإحياء ليالي رمضان، وكانت تضحى بنحو ٦٠ خروفًا وتوزعها على الفقراء، واستمرت فى هذه الأعمال حتى وفاتها.

ومن أعمالها الخيرية أيضا إنشائها ثلاث تكايا للمحتاجين والوافدين، أولها في قرية ميت السودان، والثانية في طنطا، والثالثة بمركز دسوق بكفر الشيخ، واستقرت في تكية طنطا حتي تكون بجوار السيد البدوي.

وافتها المنية يوم الاثنين 10 جمادي الآخر عام 1327 هجرية، ودفنت في ضريح بطنطا، ومازالت تكيتها باقية حتي الآن لتشهد علي أعمالها الخيرية.