رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قواتنا المسلحة في الأوليمبياد العسكري


الأوليمبياد العسكري، بطولة العالم للألعاب العسكرية، أو دورة الألعاب العسكرية الدولية، عبارة عن مسابقات برية وجوية وبحرية، تحتضنها سبع دول بينها روسيا والصين. وتعد أحد أهم ملتقيات التعاون ‏وتبادل الخبرات العسكرية، بين الدول المشاركة، بالإضافة إلى أنها «أصبحت خلال السنوات الماضية تقليدًا طيبًا يسهم في التقارب بين الدول»، كما قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في رسالة نقلها ‏وزير دفاعه، سيرجي شويجو، في افتتاح الدورة الرابعة أو الأوليمبياد الرابع.‏

مراسم الافتتاح جرت في ٢٨ يوليو الماضي بمتنزه الثقافة والترفيه التابع للقوات المسلحة الروسية في ميدان ألابينو بضواحي العاصمة موسكو. وبين ٣٣ دولة إفريقية وأوروبية وآسيوية وأمريكية لاتينية، ‏شاركت قواتنا المسلحة في الأوليمبياد العسكري الرابع أو الدورة الرابعة للألعاب العسكرية الدولة، في مختلف المسابقات: عناصر من قوات حرس الحدود شاركت في مسابقة «الصديق الوفي».. وعناصر ‏من إدارة المركبات شاركت في مسابقتي «سادة المركبات المدرعة» و«الرالي العسكري».. وعناصر من إدارة الحرب الكيميائية في مسابقة «الوسط الآمن».. كما شاركت عناصر من قوات الدفاع الجوي ‏في مسابقة «السماء الصافية».‏

شبكة «سي إن إن» الأمريكية، لم يشغلها في الأوليمبياد أو البطولة، غير أن الصين تستغل هذه المنافسات «للتسويق والإعلان» عن أسلحتها ومنتجاتها العسكرية، ولترسيخ مكانتها كواحدة من أكبر ‏مصدري الأسلحة في العالم. ونقلت الشبكة عن نيك مارو، المحلل العسكري لمجلة الـ«إيكونوميست» أن إظهار الصين لقوتها العسكرية أمام العالم، سيساعد في تعزيز الفرص التجارية الصينية. كما نقلت ‏‏«سي إن إن» عن «خبراء» أن الفائدة الحقيقية للحدث بالنسبة للصين، ليست قائمة بشكل أساسي على مبيعات الأسلحة، ولكن على المكاسب الدبلوماسية المتحققة من وراء ذلك. وكان بين هؤلاء الخبراء ‏مايكل راسخا، أستاذ الدراسات العسكرية في كلية راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، الذي قال إن الصين «تستخدم صادرات السلاح كأداة لتنفيذ سياستها الخارجية وللحصول على نفوذ استراتيجي»، ‏مؤكدًا أن هدفها الأساسي ليس الربح، بل الحصول على دعم دول العالم لسياستها الخارجية، وأحيانًا يكون الهدف هو إثارة غيظ الولايات المتحدة!.‏

ولأن كلًا يغني على ليلاه، فما يعنينا في الموضوع، هو تغنِّي وسائل الإعلام الروسية بـ«قواتنا المسلحة»، وإشادتها بالحضور المصري، منذ اليوم الأول، بعد نجاح الفريق المصري في تحقيق مراكز ‏متقدمة. وطبقًا لما نشرته وكالة «سبوتنيك»، ‏Sputnik، الروسية، وشبكة روسيا اليوم، «‏RT‏»، فقد جاء ترتيب الفرق المشاركة في البطولة، خلال يومي الافتتاح واليوم الأول، كالتالي: الصين، مصر، ‏فنزويلا، أوزبكستان، بيلاروسيا، روسيا، وباكستان. وبعد اليومين، ظلت مصر والصين تتبادلان المركزين الأول والثاني، وكدنا نحتفظ بالمركز الأول لولا عطل فني تسبب في خسارة الفريق المصري لعدد ‏من النقاط، إذ تعطلت مدرعته قبل أن يبلغ نقطة النهاية ببضع دقائق. ونقلت «‏RT‏» عن مصدر عسكري، من داخل المسابقة، أن الفريق المصري كان يحتل المركز الأول، متفوقًا على الصين، ولكن بعد ‏هذه الواقعة حصل على المركز الثاني.‏

ماذا فعلت الصين بعد ضربة الدفاع الجوي المصري الصاروخية الدقيقة؟

السؤال كان عنوانًا لتقرير نشرته شبكة روسيا اليوم، «‏RT‏»، قالت فقرته الأولى بالنص: «أبهرت قوات الدفاع الجوي المصري ‏الحاضرين في مسابقة (السماء الصافية)، ضمن الألعاب العسكرية الدولية التي تستضفيها الصين، بعد ضربة صاروخية موفقة أصابت الهدف بدقة». وذكرت الشبكة أن اللجنة الصينية التي تشرف على ‏المسابقة احتفظت بالضربة الصاروخية، التي نفذها أحد جنود قوات الدفاع الجوي المصري داخل الأرشيف الخاص بالمسابقات، لدقتها المبهرة. كما أشارت «‏RT‏» إلى أن القوات المصرية احتلت المركز ‏الثاني بشكل عام في المسابقة، بعد مرور الجولات الثلاث، حيث احتلت المركز الثاني في الجولة الأولى، والمركز الأول في الجولة الثانية، والمركز الثاني في الجولة الثالثة بسبب عطل تقني.

تفاصيل أكثر، ‏جاءت تحت عنوان «الصور الأولى للجنود المصريين أصحاب أفضل إصابة صاروخية في الألعاب العسكرية». وفيها، ذكرت «‏RT‏» أنها تمكنت من الحصول على صور الفريق المصري المشارك في ‏مسابقة «السماء الصافية»، وصاحب أفضل إصابة صاروخية. وجاء في التفاصيل، أيضًا، أن الجولة الثانية من الألعاب العسكرية الدولية، خاصة في مسابقة «السماء الصافية» في الصين، شهدت تفوق قوات ‏الدفاع الجوي المصرية على باقي القوات المتنافسة، واحتلالها المركز الأول في الجولة الثانية من المسابقة. ومع الصور، نشر الموقع الروسي فيديو الإصابة الدقيقة التي حققها جندي مصري، باستخدام ‏قاذف ‏QW‏ الصيني المشابه لقاذف «إيجلا - إس» الروسي الشهير. ‏

مصادر «‏RT‏» أرجعت سبب تفوق الجندي المصري إلى براعة القوات المصرية في استخدام منظومة «إيجلا - إس» الروسية، الموجودة بالفعل، ضمن ترسانة قوات الدفاع الجوي المصرية. ‏وأوضحت أن صواريخ «إيجلا - إس» من أقوى صواريخ الدفاع الجوي المحمولة كتفًا التي يمكنها إسقاط جميع أنواع الطائرات التي تحلق على ارتفاعات تتراوح بين ١٠ أمتار و٣.٥ كيلومتر. ويمكن ‏لجندي واحد يمتلك هذه الصواريخ أن يتحول إلى منظومة دفاع جوي قادرة على إسقاط جميع الطائرات الحربية التي تحلق في مدى إطلاقها في وضح النهار أو حتى ليلًا. ويصل أقصى مدى لصواريخ ‏‏«إيجلا - إس» إلى ستة آلاف متر، وتنطلق بسرعة تصل إلى ٤٠٠ متر في الثانية. ولا يزيد وزن الصاروخ بوسائل الإطلاق عن ١٩ كيلوجرامًا، ويمكن إعداده في وضع الإطلاق خلال ١٣ ثانية، ويعاد ‏إعداده للإطلاق في خمس ثوان فقط.

مع منجزات قواتنا المسلحة، حتى في اللهو واللعب، نشير بالمرة إلى أن تقرير منظمة «جلوبال فاير باور» الأمريكية لتصنيف قدرات الجيوش حول العالم، أعلن أن ‏الجيش المصري يحتل صدارة أقوى الجيوش الإفريقية لسنة ٢٠١٨. وكان صادمًا ومفاجئًا أن يحتل الجيش التونسي المركز الحادي عشر في القائمة الإفريقية التي شملت تقييم قوة ٣٤ جيشًا، بينما حلت ليبيا ‏في المركز التاسع، وسبقتها إثيوبيا في المركز السادس. وطبقًا للتقرير، فقد حل الجيش المصري في المرتبة الثانية عشرة دوليًا، بينما جاء الجيش الجزائري، الثاني إفريقيًا، في المركز الثالث والعشرين بين ‏جيوش ١٣٦ دولة تضمنها التقرير السنوي لـ«جلوبال فاير باور» الذي يعتمد على خمسين عاملًا، بينها الوضع الاقتصادي للدول، وما تمتلكه من قطع ومعدات، وعوامل أخرى تجعل «الغِنَى» يتحكم في ‏‏«الصيت» أو في الترتيب، بغض النظر عن الكفاءة القتالية أو القوة الفعلية.

بالكفاءة، بالإعداد الجيد وبالمهارات الفنية، حققت قواتنا المسلحة حضورًا لافتًا في الأوليمبياد العسكري، بطولة العالم للألعاب ‏العسكرية، أو دورة الألعاب العسكرية الدولية، وسنرى جنودنا في الحفل الختامي اليوم، السبت ١١ أغسطس، وهم يتسلمون جوائز المركز الثاني، بعد تسلمهم الميداليات الذهبية والفضية. لكن الأهم من ‏الميداليات والترتيب، هو أنهم تمكنوا من تحقيق أقصى استفادة ممكنة من المسابقات، سواء بالتدريبات أو بتبادل الخبرات مع الدول المشاركة.‏