رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد فودة يكتب: الطاووس الكاذب.. كيف يعادى رمضان الجميع بـ«نمبر وان» ‏و«أنا الملك»؟

جريدة الدستور

لا أدرى من يكون هذا الشخص «الناصح» غير الأمين، الذى أشار على النجم محمد رمضان بأن يخطو تلك الخطوة غير المحسوبة، والمتمثلة فى تقديمه أغنية «أنا ‏الملك» ودفعه بقوة لأن يقحم نفسه فى مجال «الغناء»، وهو بعيد عنه كل البعد، ما ترتب عليه هذا الكم الهائل من ردود الفعل الغاضبة التى جعلته فى مرمى سهام النقد ‏اللاذع.‏
لم يجن محمد رمضان من وراء تلك الأغنية سوى المزيد من الانتقاد الشديد، الذى وصل فى بعض الأحيان إلى حد إطلاق العنان للتعبيرات والألفاظ التى تفوق حدود ‏الأدب، وهو أمر لم أكن أتصور يومًا أن يتعرض له «رمضان» وأرفضه جملة وتفصيلًا على الرغم من أننى ضد تلك الأغنية وما احتوته من تصرفات غير لائقة.‏
كما أننى أرفض تطاول وتجاوز «رمضان» ضد من يعتبرهم منافسيه فى لقب «نمبر وان»، الذى يحاول بشتى الطرق الحفاظ عليه دون جدوى، ضاربًا عرض الحائط ‏بكل الالتزامات الأخلاقية، وحتى إن كان ذلك على حساب الآخرين، وبالخوض فى أعراض الناس ووصفهم بما ليس فيهم والحط من قدرهم وتسفيه ما يقدمونه من فن ‏جميل وراقٍ.‏


سقطة فنية فى سجل فنان موهوب.. وتجاوز فى حق زملاء دون أى مبرر

حينما أكتب الآن، منتقدًا ما فعله محمد رمضان فى حق فنه وحق جماهيريته وحق الآخرين، فإننى أكتب منتقدًا فنانًا آراه- بتلك التصرفات- وكأنه يلعب فى عداد نجوميته ويعبث بموهبته، التى لا يمكن بأى ‏حال من الأحوال أن يختلف عليها اثنان، فهو من الفنانين القلائل على الساحة الذين استطاعوا فرض أنفسهم بموهبتهم وقدرتهم الفائقة على تقديم إبداع حقيقى دون مجاملة من أحد.‏
ومن هذا المنطلق، أجدنى أتناول الآن أغنية «رمضان» التى أطلق عليها اسم «نمبر وان»، وتلك التى تلتها مباشرة، وتحمل اسم «أنا الملك» التى أراها بمثابة «سقطة فنية» بكل ما تحمله الكلمة من ‏معنى، بل «نقطة سوداء» ستظل فى سجل الفنان الشاب الإبداعى، وربما تتحول إلى ما يشبه «اللعنة» التى ستظل تطارده أينما ذهب وأينما فكر أن يستقر وهو يبحر فى محيط الفن المتلاطم الأمواج والذى ‏لا أول له ولا آخر.‏
الغريب أنه أحاط نفسه بهذه «اللعنة» على الرغم من أنه فنان شامل استطاع تقديم الدراما والفيلم السينمائى، كما خاض تجربة المسرح، وحقق لنفسه شهرة وجماهيرية غير مسبوقة فى كل منها.‏
ولقد استوقفنى ما كتبه الصديق والكاتب الصحفى المتميز خالد صلاح عن محمد رمضان، وأسجل هنا إعجابى الشديد بذكاء «خالد»، هو يكتب عنه بأسلوبه السلس، مقدمًا له النصيحة الخالصة والنابعة ‏من قلب شخص محب، وهو نفس ما أشعر به تجاه الفنان الشاب الذى أحبه على المستوى الشخصى، لأنه- فى نظرى-كان وسيظل ابن البلد الشهم صاحب القلب الطيب والفنان الموهوب، الذى يمتلك قدرة ‏هائلة على اكتساب حب الناس.‏
وهذا فى تقديرى يرجع إلى أن الله سبحانه وتعالى اختصه بتلك الهبة الربانية التى لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالتخطيط والترتيب، وإنما موهبة طبيعية أرى أنه الآن فى أشد الحاجة لتقويتها وتنميتها، ‏وليس كما يفعل، سواء بقصد أو بدون وهو يهيل عليها التراب بما يصدر عنه من تصرفات غريبة وغير مبررة.‏
ويجعلنا بوصوله إلى تلك الحالة، نترحم على موهبة حقيقية سقطت فى وحل الغرور الفنى، وأن نقرأ الفاتحة على نجومية كانت معجونة بماء الفن، وعلى شاب فى مقتبل العمر أصبح فى غمضة عين ‏كمن ضربه الشيب فجأة وصار عجوزًا لا حول له ولا قوة.‏
وإن لم يكن محمد رمضان قد وصل بالفعل إلى هذا الحد من عدم القدرة على التحكم فى انفعالاته وتصرفاته، فكيف نفسر تجاوزه وتطاوله فى حق كل هؤلاء الذين يصورهم له خياله الواسع أنهم مجرد ‏خصوم يحاربونه فى الوسط الفنى؟.‏
كما أوجه له تساؤلًا ظل يحيرنى كثيرًا ولم أجد له إجابة مقنعة حتى الآن وهو: كيف يسمح لنفسه بأن يصف هؤلاء المنافسين له بتلك الأوصاف التى لا تليق والتى ما كان يجب أن تصدر عن فنان يتمتع ‏بقدر كبير من الذكاء، ويعى جيدًا أن الوسط الفنى أسرة واحدة وأن أى كلمة تقال فإنها تسرى بسرعة البرق وتنتشر كالنار فى الهشيم؟.‏
ووجه «رمضان» فى الأغنيتين سالفتى الذكر رسائل واضحة وضوح الشمس لمنتقديه ولمنافسيه، أراد أن يقول لهم فيها ويؤكد مرارًا وتكرارًا أنه لا يعنيه ما يجرى من حوله، لأنه هو «رقم واحد»، أو ‏كما كان يقول فى الأغنية «نمبر وان»، وأنه «الملك» بلا منافس وظل يعيد ويزيد فى الكلمة، لدرجة أنها أصبحت مستفزة وتدعو للاستياء وربما يصل الأمر الى حد التوقف عن سماع الأغنية وعدم استكمال ‏تشغيلها إلى نهايتها من فرط تعاليه وغروره واحساسه بـ«الأنا»، وهى بالطبع صفات غير محمودة فى الفنان، بل هى صفات مرفوضة، سواء بالنسبة للفنان أو لغير الفنان.‏
ربما يكون من حق محمد رمضان التفكير فى تقديم أفكار جديدة أو اقتحام مجالات لم يقدمها من قبل، فأراد اقتحام عالم الغناء، لكن- كما سبق أن قلت- ليس من حقه الظهور على هذا النحو المستفز، فهو ‏بتلك الطريقة ضرب الفكرة فى مقتل وقطع الطريق الذى ربما يوصله إلى منطقة أخرى فى عالم الشهرة ودنيا النجومية.‏
وأكاد أجزم بأنه لن يفكر مرة أخرى فى تقديم أى أغنية، حتى وإن كانت أغنية جميلة من حيث الكلمات أو اللحن، لأنه بالمعنى الدارج «ضرب» الفكرة من الأساس، بعد أن خلق حالة من عدم الرغبة فى ‏الاستماع إليه مرة أخرى، لأن أغنيتى «نمبر وان» و«أنا الملك» أدخلتاه فى حالة خاصة جدًا عنوانها «الغرور» وشعارها «الاستفزاز».‏

يعتقد فى تآمر الكل عليه.. والسبب هزيمة «نسر الصعيد» أمام «كلبش2»‏

المنافسات فى الوسط الفنى ليست جديدة ولا ترتبط بجيل محمد رمضان فقط، بل موجودة منذ زمن بعيد، لكن فى كثير من الأحيان كانت منافسة شريفة وكانت تلك الخصومة لا تبتعد بهذه النجم أو ذلك عن ‏حدود اللياقة والأدب فى الرد على بعضهم البعض.‏
ولم تدفع تلك المنافسة الشريفة أحدًا لأن يفتح النار على جميع من هم حوله وعلى كل من يرى أنهم ينافسونه أو حتى يحاولوا سحب البساط من أسفل قدميه، باستثناء حالات فردية كان يتم التعامل معها ‏باعتبارها حالات غريبة وشاذة، ولا تعبر عن الوضع السائد فى الوسط الفنى الذى كان وما زال وسيظل مليئًا بالأسماء الكبيرة والقامات التى ستظل أسماؤها محفورة فى وجدان الأمة وفى ذاكرة تاريخ ‏مصر الحديث والمعاصر.‏
وبالنسبة لما فعله «رمضان» فهو فى تقديرى ربما يكون رد فعل وليس فعلًا مباشرًا، فمحمد رمضان الذى ظل لسنوات عديدة يتصدر الإيرادات فى شباك السينما، فجأة وبدون مقدمات تراجع تراجعًا ‏كبيرًا أمام نوعية من الأفلام بعيدة كل البعد عن أفلامه التى أصبحت مرفوضة مجتمعيًا وأخلاقيًا، وأصبحت تمثل حالة استياء عام، نظرًا لأن تلك الأفلام كانت تكرس لفكرة البلطجة وتدفع الشباب لممارسة ‏العنف فى المجتمع.‏
أما الدراما، فقد كان «رمضان» فى الصدارة أيضًا وظل متألقًا فى عدة مسلسلات تليفزيونية ناجحة، إلى أن فوجئ خلال العامين الماضيين بمن يحتلون تلك «الصدارة» ويستولون عليها عن جدارة، ‏وكانت النتيجة الحتمية فى تراجعه لعدة خطوات إلى الخلف أن أصبح اسمه ضائعًا وتائهًا، خاصة فى موسم دراما رمضان الماضى، بعد عدم تمكن مسلسله «نسر الصعيد» من الصمود أمام مسلسلات ‏أخرى تصدرت المشهد منها «كلبش٢».‏
وخلق ذلك حالة انهيار نفسى تام لمحمد رمضان جعلته يدخل فى منطقة عدم تركيز وتفكير سليم، فتوالت لذلك خطوات تراجعه إلى الخلف، وتوالى معها الإحساس المتزايد بأنه يتعرض لمؤامرة من كافة ‏الاتجاهات، ورغم أنه مجرد إحساس كاذب استسلم له وألقى بنفسه فى بئر التوتر والقلق والإحساس بالاضطهاد.‏
وشيئًا فشيئًا عاش بمحض إرادته فى تلك الحالة بكافة تفاصيلها، بل إنه أصبح على قناعة تامة بأنه يتعرض لمؤامرة كبرى يشارك فيها كل من هم حوله فى مجال الفن وتستهدف ضرب نجوميته فى ‏مقتل.‏
وللأسف الشديد فى هذه الأثناء لم يجد من ينصحه بإخلاص، ويؤكد له عدم صحة ذلك الاعتقاد، كما أنه لم يجد أيضًا من يلفت نظره إلى أن دنيا الشهرة والنجومية ليست قاصرة على فنان بعينه وإنما هى ‏أمور تتغير وتتبدل من حين لآخر ومن مجال لآخر، وبالطبع فإن النجم الحقيقى هو الذى يستوعب ما يتعرض له من هزات ويتعامل مع هذا الأمر بمرونة وينحنى قليلًا أمام العواصف والشدائد والمحن حتى ‏تمر دون أن تسبب له أى مخاطر.‏
لم يدرك أن الفنان مطالب بأن يكون على يقين تام بأنه سيأتى يوم يتعافى فيه ويصمد أيضًا، وربما يعود ذات يوم أكثر قوة وأشد صلابة ليسترد مكانته التى يحرص على أن تكون «نمبر وان»، التى حاول ‏التأكيد عليها بشتى الطرق فى هذه الأغنية.‏
وللحق، فإن أغنية «نمبر وان» أعجبنى فيها اللحن بغض النظر عن كلماتها ومضمونها المستفز، فقد جاء بسيطا وجميلًا وفيه قدرة على صنع حالة من البهجة، لكن محمد رمضان- سامحه الله- افسد ‏جمال اللحن بقبح الكلمات وبغطرسة الأداء وباستفزاز «الطلة» التى ظهر بها والتى كنت تفوح منها رائحة التعالى والغرور الفنى، الذى ما كان يجب أن يصدر عنه، خاصة أنه لا يزال أمامه مستقبل كبير ‏فى انتظاره لأنه وعلى الرغم من كل شىء فنان حقيقى ويمتلك موهبة حقيقية ولا يزال لديه الكثير والكثير من الفن الذى يمكن أن يمتع به جمهوره ومحبيه.‏
فقط عليه أن يتخلى بعض الشىء عن هذا الاستفزاز ويعود كما كان بسيطًا ومحبًا للجميع ومتصالحًا مع نفسه ومع من يعتقد أنهم ينافسونه على لقب «الأول».‏
المسألة سهلة وبسيطة، وينبغى على محمد رمضان أن يضع الأشياء فى حجمها الطبيعى وأن ينظر إلى الأمور نظرة موضوعية وألا يستمع إلا لصوت العقل والمنطق وأن يكون على قناعة تامة بأن الله ‏سبحانه وتعالى هو مقسم الأرزاق، وهو الذى يمنح ويمنع وهو الذى يعطى بلا حساب.. لذا فإنه لن ولم يأخذ أكثر مما قدره له الخالق جل شأنه.‏