رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بـ7 أرواح.. دراسة فرنسية تكشف أسرار تقديس المصريين للقطط

جريدة الدستور

لم يكن عجيبًا أن تربط الصحافة العالمية بين اليوم العالمى للقطط، الذى يحل فى الأسبوع الثانى من أغسطس، ومصر القديمة. فدراسات كثيرة أثبتت أن حب المصريين للقطط هو السبب الرئيس وراء انتشارها فى العالم، عبر اصطحابها خلال السفر ورحلات التجارة.

آخر تلك الدراسات، هى دراسة فرنسية، أعادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية نشرها أمس، تثبت كيف أحب المصريون قططهم، ونشروا هذا الحب فى العالم كله، ولم يكتفوا بذلك، بل قدسوا القطط أيضًا، وجسدوا ذلك بعبادة الإلهة «باستت»، وتمثيلها بامرأة برأس قطة، كرمز للوداعة.
وقالت الصحيفة: «قبل أن يعبر البشر عن هوسهم بالقطط، من خلال عرض صورهم برفقتها فى وسائل التواصل الاجتماعى، مثل فيسبوك وإنستجرام وغيرهما، كان قدماء المصريين والحضارات القديمة تعبر هى أيضًا عن حبها الشديد للقطط»، موضحة أن الدراسة الفرنسية حللت الحامض النووى لأكثر من ٢٠٩ مومياوات لقطط تعود لأكثر من ٩ آلاف عام، من جميع الجنسيات، سواء فى إفريقيا أو أوروبا أو آسيا، بما فى ذلك مومياوات القطط المصرية القديمة، وأوضحت كيف استخدمت القطط البشر للسيطرة على العالم».
وبحسب التقرير، فإنه فى وقت اختراع الزراعة، انتشرت الفئران والجرذان فى مخازن الحبوب، وهكذا بدأت القطط التعايش مع البشر منذ آلاف السنين، ولقد كانت هذه العلاقة جيدة بالنسبة للبشر بالطبع.
وتوضح العالمة الفرنسية إيفا ماريا جيجل، رئيسة الأبحاث فى المركز الوطنى الفرنسى للبحوث وفى معهد جاك مونود، مع مجموعة من الباحثين بعد تحليل الحمض النووى لبعض مومياوات القطط- كيفية انتشارها عبر العالم البشرى القديم، تقول الدراسة: «نفذت القطط عملية استيطان للعالم منذ حوالى ١٠ آلاف سنة، عندما استقر الناس فى الهلال الخصيب بعد انتشار المحاصيل الزراعية، وسيطرت القطط على البشر بعلاقاتها الخاصة معهم، لدرجة أنه وُجدت مومياوات لقطط مدفونة بجانب القدماء المصريين، وهو ما يؤكد العلاقات الحميمية بين البشر والقطط فى ذلك الوقت».
وكان من الواضح سيطرة القطط على المصريين القدماء، حيث كان قدماء المصريين يعبدون القطط، وحلل الفريق الفرنسى مومياوات قطط مصرية قديمة كجزء من أبحاثهم، وتقول «جيجل»: إن ظهور القطط المستأنسة فى مصر يعنى أنها سافرت هناك عن طريق البحر وبصحبة البشر.
وكانت القطط معروفة فى مصر القديمة باسم «ماو»، وبسبب القطط أصبحت ديانة سكان مصر القدماء متعلقة دائمًا بالحيوانات، ومن بينها القطط، بسبب دورها فى التخلص من الفئران والثعابين والكوبرا، وبالتالى شعر البشر بألوهيتها وأهميتها فى تخليصهم من المخاطر، وكانت بالنسبة لهم نعمة كبيرة كان عليهم أن يعبدوها.
ومن بعد قدماء المصريين، بدأت القطط فى السيطرة على الإغريق والرومان، لكن «جيجل» أكدت أنه كان من الصعب الوصول إلى نتائج للدراسة، بسبب البحث كثيرًا عن مومياوات للقطط، فقد جابت كل المتاحف طلبًا لعينات من القطط ومنها المتحف البريطانى بحثًا عن مومياوات القطط المصرية القديمة.
ورسم هذا العدد الكبير من العينات من القطط صورة مفصلة إلى حد ما عن كيفية تتبع القطط للبشر على طرق التجارة، وتؤكد الدراسة أن القطط الموجودة حاليًا فى العالم من أصول مصرية وتركية، وهما سلالتان فقط، وكانت السلالة الحديثة التى بدأت فى مصر انتشرت فيما بعد عبر البحر المتوسط، وحيثما تبعت القطط البشر تواجدت.
وبحسب التقرير فقد كانت هناك نتائج محيرة فى الحمض النووى القديم، على سبيل المثال قطة عمرها ٢٠٠٠ عام فى مصر لديها تسلسل للحمض النووى يشبه القطط البرية فى الهند، وأوضحت كلاوديو أوتيونى، عضو آخر فى فريق البحث فى جامعة أوسلو، أنه أمر طبيعى لأن انتشار القطط كان مرتبطًا بشكل مباشر بطرق التجارة بين مصر والعالم عن طريق المحيط الهندى.
وبالمقارنة مع العديد من الحيوانات الأخرى، فقد تغير سلوك القطط مع البشر، وأصبحت أكثر تسامحًا، وعلى الرغم من ذلك، فهى لا تزال بنفس الحجم والشكل، ولا تزال تحب الانقضاض على فريسة صغيرة مثل الفئران.
وتقول ليزلى ليونز، عالمة الوراثة فى جامعة ميسورى: «القطط على عكس الكلاب التى ترعى الأغنام أو تصطاد، لم تكن بحاجة إلى البشر لترويضها لتصبح صيادة جيدة للفئران، فهى كذلك قبل أن ترى البشر».